حرب طرابلس تضاعف أعداد النازحين ومعاناة المواطنين

TT

حرب طرابلس تضاعف أعداد النازحين ومعاناة المواطنين

زادت الحرب المستعرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس من معاناة المواطنين، وتسببت الاشتباكات الدائرة في كثير من المناطق بين قوات «الوفاق» و«الجيش الوطني» في نزوح آلاف العائلات من منازلهم، وأصبحوا يقيمون إمّا في مساكن مستأجرة، أو داخل مراكز للإيواء.
وأحصى يوسف جلالة، وزير النازحين والمهجرين بحكومة «الوفاق»، عدد المواطنين الذين تركوا منازلهم بأكثر من 23 ألف عائلة، مع منتصف الأسبوع الماضي، وقال لوسائل إعلام محلية إن غالبية النازحين من كبار السن والأطفال والنساء ومن مختلف مناطق الاشتباكات. لكن مع تصاعد المعارك الدامية، وسقوط القذائف العشوائية على المناطق المأهولة بالسكان ارتفع عدد النازحين، وقدرتهم جهات محلية أخرى بـ24 ألف عائلة، أو 140 ألف مواطن.
ومع اقتراب العملية العسكرية، التي يشنها «الجيش الوطني» على طرابلس من إنهاء شهرها الرابع، تزايدت أعداد النازحين بسبب وقوع منازلهم في دائرة الاشتباكات، ما دفعهم إلى تركها مجبرين.
تقول أم رضوان، التي أصبحت تقيم مع أولادها الأربعة في أحد مراكز الإيواء بغرب طرابلس، إنها اضطرت إلى ترك منزلها بعد اندلاع الاشتباكات بمحيطه، وتضرره من القصف المدفعي العشوائي، و«كذلك فعلت أغلب الأسر»، مشيرة إلى أن ثلاثة من أولادها انقطعوا عن الدراسة هذا العام، «لكنهم يتلقون مساعدات تعليمية من شباب متطوعين».
وعلاوة على أزمة النزوح، يشتكي مواطنون بالعاصمة من الارتفاع المستمر في أسعار السلع الغذائية والخضراوات، والفاكهة، بالإضافة إلى الخبز. لكن حكومة «الوفاق» تقول إنها تعمل على ضبط الأسواق.
ويتوزع المواطنون النازحون على بلدات بعضها في غرب العاصمة، ويقيمون في مراكز للإيواء أو في مساكن مستأجرة. فيما تسعى كل بلدية إلى احتواء الأسر التي نزحت إليها جبراً. وفي هذا السياق قالت بلدية سرت، التي تبعد عن العاصمة 450 كيلومتراً شرقاً، إنها توزع دائماً مساعدات إنسانية على الأسر النازحة من مناطق الاشتباكات في طرابلس، تحت إشراف لجنة الأزمة في البلدية، وبتعاون مع فوج «كشاف سرت».
وتتكون المساعدات المقدمة إلى أكثر من 350 أسرة من مواد غذائية وأدوية، ومفروشات ومواد تنظيف وحليب أطفال، ومياه عذبة. وتحدث بعض النازحين في مناطق بضواحي العاصمة، مثل انجيلة، من ارتفاع أسعار المساكن المستأجرة بسبب تزايد الطلب، واستغلال أصحاب البنايات، يقول الشاب الليبي مرزقي أوحيدة في تصريحات لقنوات محلية إن سعر الإيجار الشهري للشقة المكونة من ثلاث حجرات، بات يقترب من 1500 دينار مقارنة بـ750 قبل اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن الأسعار هي الأخرى أخذت في الزيادة.
وسبق للأمم المتحدة القول إن نصف أعداد النازحين جراء الاقتتال هم من الأطفال، مطالبة المتقاتلين بمراعاة القوانين والمواثيق الدولية في تجنيب المواطنين ويلات الحرب.
وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، قد زار بعض المدارس في حي الأندلس بطرابلس، تضم أعداداً من النازحين، وطالب حينها بهدنة إنسانية عاجلة، وزيادة الدعم المقدم إلى النازحين في طرابلس. وقد أثنى سلامة على جهود بلدية حي الأندلس، وخلية الأزمة، والحركة العامة للكشافة والمرشدات في دعم النازحين في هذه المحنة. فيما قالت البعثة الأممية إن هذه الزيارة تأتي في إطار تفقده لعمل وكالات الأمم المتحدة في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للنازحين.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».