مخاطر اقتحام الخصوصية تحاصر «فيسبوك»

يخضع «فيسبوك» للتحقيقات من قِبل المنظمين والمشرّعين في بلدان عدّة منها الولايات المتحدة وكندا  (رويترز)
يخضع «فيسبوك» للتحقيقات من قِبل المنظمين والمشرّعين في بلدان عدّة منها الولايات المتحدة وكندا (رويترز)
TT

مخاطر اقتحام الخصوصية تحاصر «فيسبوك»

يخضع «فيسبوك» للتحقيقات من قِبل المنظمين والمشرّعين في بلدان عدّة منها الولايات المتحدة وكندا  (رويترز)
يخضع «فيسبوك» للتحقيقات من قِبل المنظمين والمشرّعين في بلدان عدّة منها الولايات المتحدة وكندا (رويترز)

مع مطالبات من منظمات حماية الخصوصية والمستهلكين وافقت لجنة التجارة الفيدرالية على تسوية مع «فيسبوك» بقيمة 5 مليارات دولار، بينما يرى مراقبون أنها لا تفعل ما يكفي لحماية الأفراد.
وحتى إذا كانت الشركة الموجودة في وادي الـ«سيلكون» قد تمكنت من الإفلات من تلك الرصاصة، لقد بدأ الألم لتوه، حيث شرع المنظمون والمشرعون في واشنطن، وأوروبا، ودول أخرى من بينها كندا، في فتح تحقيقات عدة، واقتراح قيود جديدة تتعلق بشركة الـ«فيسبوك» من المرجح أن تورطها في نقاشات سياسية ومساجلات قانونية لسنوات مقبلة. كذلك يزداد التنسيق بين السلطات في بعض تلك الدول لتكوين جبهة موحدة ضد الشركة.
على غرار الولايات المتحدة يواجه «فيسبوك» اتهامات في أوروبا بالسماح لأطراف خارجية بمعالجة البيانات الشخصية للمستخدمين بعد الضغط على زر «أعجبني» أو Like»» بموجب قواعد الخصوصية الخاصة بالاتحاد الأوروبي، ونظرت محكمة العدل الأوروبية في نزاع بعد اتهام تاجر تجزئة على الإنترنت بانتهاك قانون الاتحاد الأوروبي من خلال تضمين محتوى معالج من «فيسبوك» وهو ما قال عنه إن «فيسبوك» سمحت له بجمع بيانات عن مستخدمي الموقع واستهدافهم في إعلاناته من خلال اهتماماتهم بالضغط على زر «أعجبني».
ويلوح في الأفق احتمال إجراء تحقيق فيدرالي خاص بمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، وقد فتح الكثير من ممثلي الادعاء العام في ولايات عدة تحقيقات خاصة بالشركة، وينظر أعضاء في الكونغرس في تمرير قانون فيدرالي يتعلق بالخصوصية، فضلاً عن وضع قيود وضوابط أخرى. كذلك، من المعروف أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد زاد الضغط على «فيسبوك» وغيرها من شركات التكنولوجيا العملاقة، حيث قال في وقت سابق إن تلك المنصات كانت «غير أمينة» و«غير شريفة» وأنه من الضروري اتخاذ إجراء ما حيال ذلك.
وبينما تتصاعد القضية في الولايات المتحدة، يواجه «فيسبوك» في أوروبا عقوبات بسبب انتهاكه قوانين الخصوصية الصارمة في المنطقة، ولا يزال تحقيق مكافحة الاحتكار الذي تجريه اللجنة الأوروبية ضد الشركة في المراحل المبكرة. وفي بريطانيا صدر تقرير برلماني خلال العام الحالي وصف الـ«فيسبوك» بـ«أفراد عصابات رقمية»، ويعكف مسؤولون على صياغة قوانين جديدة تتعلق بالمنافسة ومواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ المنظمون تحقيق واسع النطاق بشأن مكافحة الاحتكار استهدف كل من الـ«فيسبوك» و«غوغل». كذلك تنظر فرنسا في فرض عقوبات وغرامات جديدة على موقع التواصل الاجتماعي في حال تقاعسه عن حذف أي مشاركات تحضّ على الكراهية أو أي محتوى آخر مؤذٍ في غضون 24 ساعة.
> قوانين جديدة لمنصات الإنترنت في أستراليا واليابان والهند ونيوزيلندا وسنغافورة
وتبحث كل من أستراليا، واليابان، والهند، ونيوزيلندا، وسنغافورة في أمر وضع قوانين جديدة ضد منصات إنترنت كبرى، أو قد سنّتها بالفعل. وقد وضعت 43 دولة على الأقل منذ عام 2016 لوائح تنظيمية تستهدف مواقع التواصل الاجتماعي ونشر معلومات مضللة بحسب باحثين في جامعة «أكسفورد». وقال توماسو فاليتي، أستاذ في كلية «إمبريال كوليدج» لإدارة الأعمال، وكبير خبراء الاقتصاد بقسم مكافحة الاحتكار في المفوضية الأوروبية: «لقد تحول مسار الجدل. ليس السؤال الصحيح هو هل ينبغي التدخل أم لا، بل ما هو نوع التدخل الذي نحتاج إليه؟».
من المحتمل أن تسفر تلك المعارك بالنسبة إلى «فيسبوك» عما هو أكثر من قرار صادر عن لجنة التجارة الفيدرالية، والغرامة المالية التي تبلغ 5 مليارات دولار التي فرضتها اللجنة على الشركة. وفي الوقت الذي تعد فيه هذه الغرامة أكبر غرامة تفرضها الحكومة الفيدرالية ضد شركة تكنولوجيا، لا تمثل سوى جزء ضئيل من عائدات الشركة السنوية البالغة 56 مليار دولار. ومع اتجاه لجنة التجارة الفيدرالية نحو تعزيز الرقابة على كيفية استخدام بيانات المستخدمين، لن تفرض أي من شروط التسوية قيوداً صارمة على قدرة الشركة على جمع ومشاركة البيانات مع أطراف ثالثة.
مع ذلك يظل للحكومات والمنظمين سلطة إلزام شركة التواصل الاجتماعي بتغيير طريقة إدارتها أعمالها في إطار قوانين وقيود جديدة، وهو نتيجة مدمرة واجهتها شركة «مايكروسوفت» وشركات كبرى أخرى من قبل. وقد استثمرت شركة الـ«فيسبوك» بالفعل الكثير من الوقت والموارد في مقاومة قوانين أكثر صرامة تتعلق بالخصوصية، ومكافحة الاحتكار، وخطاب الكراهية حتى إذا كانت قد أعربت علنّاً عن انفتاحها على محاولات فرض درجة أكبر من التنظيم.
وقد صرحت شركة «فيسبوك» في بيان لها بأن تحديث القوانين الخاصة بالإنترنت سيساعدها على الاحتفاظ بأفضل ما فيها، وأضافت: «نحن نريد العمل مع الحكومات وواضعي السياسات لوضع قواعد تنظيم ذكية تعزز المنافسة، وتشجع الابتكار، وتحمي المستهلكين».
وتعد شركة «فيسبوك» محور عملية محاسبة ذات نطاق أوسع تستهدف مجال التكنولوجيا، حيث بدأت حكومات التعاون معاً من أجل اتخاذ إجراء. وقد تشاركت المفوضية الأوروبية معلومات مع لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل بشأن تحقيقاتها السابقة في أمر «غوغل». كذلك التقى كبير مسؤولي التنظيم لشؤون الخصوصية في آيرلندا، والذي يحقق مع الـ«فيسبوك» و«غوغل»، بمسؤولين في واشنطن خلال الربيع الحالي. كذلك تحول لقاء سنوي انعقد في مايو (أيار)، وجمع بين منظمين في مجال مكافحة الاحتكار من مختلف أنحاء العالم، إلى اجتماع استراتيجي امتد لأربعة أيام، وركّز على مجال التكنولوجيا. وكان كل من جوزيف سايمونز، رئيس لجنة التجارة الفيدرالية، وماكان ديلراهيم، مسؤول مكافحة الاحتكار في وزارة العدل، من بين الذين حضروا الاجتماع الذي انعقد في كولومبيا. وقال أندرياس ماند، كبير المسؤولين التنفيذيين في مكافحة الاحتكار بألمانيا: «النبأ السار هو انخراط الهيئات والأجهزة الأميركية في هذا النقاش. من الواضح أن تلك الشركات نشطة على مستوى العالم، لذا لا يعد تبني نهج عالمي بالفكرة السيئة». وكان أندرياس هو من ساعد في تنظيم الفعالية، وأصدر في فبراير (شباط) واحد من أوائل قوانين مكافحة الاحتكار ضد الـ«فيسبوك».
يعتقد ماند ومنظمون آخرون في ضرورة أن تتجاوز الإجراءات، التي تم اتخاذها بحق «فيسبوك» وغيرها من الشركات العاملة في المجال نفسه، حدود الغرامات، حيث تريد الكثير من السلطات إلزام تلك الشركات بطريقة بعينها في إدارة أعمالها فيما يتعلق بجمع البيانات، وبيع مساحات الإعلانات الرقمية على سبيل المثال. بعد قرار لجنة التجارة الفيدرالية، من المتوقع أن تأتي العقوبات التالية على «فيسبوك» من أوروبا، حيث السلطات أكثر حزماً وصرامة من المنظمين الأميركيين في التعامل مع مجال التكنولوجيا. ويجري مكتب حماية البيانات الآيرلندي أحد عشر تحقيقاً مع الـ«فيسبوك» لمخالفته قانون الخصوصية الأوروبي، النظام الأوروبي العام لحماية البيانات. كذلك لدى آيرلندا اختصاص قضائي بالنسبة لعمل الـ«فيسبوك» طبقاً لقانون الخصوصية نظراً لوجود مقر الشركة في أوروبا في دبلن. ومن المرجح أن يتم إصدار حكمين قضائيين على الأقل ضد الشركة خلال الأشهر القليلة المقبلة. وقالت هيلين ديكسون، رئيسة المفوضية الآيرلندية لحماية البيانات، في مقابلة: «يتمتع الـ(فيسبوك) بنفوذ كان غير مفهوم بشكل كبير في السابق»، ورفضت التعليق على حالات بعينها خاصة بالـ«فيسبوك»، وأضافت قائلة: «لنا الحق كمنظمين في التدخل حين نجد غياب واضح للمساءلة».
وتتم مناقشة قانون جديد قوي في فرنسا من شأنه إلزام «فيسبوك» وغيرها من منصات الإنترنت الكبرى بمنع نشر خطاب الكراهية وغيرها من أشكال المحتوى التي تسبب الأذى، وإلا ستتعرض للغرامات. كذلك وضعت ألمانيا قانوناً مماثلاً، في حين تتجه بريطانيا نحو اتخاذ إجراء مماثل، إلى جانب وضع قوانين أكثر صرامة خاصة بالمنافسة من شأنها استحداث منصب منظم رقمي جديد، وإلزام «فيسبوك» بإتاحة بعض من بياناته للمنافسين.
على الجانب الآخر أعرب بعض الأكاديميين والمدافعين عن حرية التعبير عن قلقهم من وضع الحكومات لسياسات قد يكون لها عواقب غير مقصودة في إطار سعيها للحد من قوة ونفوذ «فيسبوك». كذلك تشعر منظمات لحقوق الإنسان بالقلق إزاء مقترحات في كل من سنغافورة، والهند، تمنح حكومتي البلدين صلاحيات جديدة في الرقابة على المحتوى المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت سامنثا برادشو، باحثة دكتوراه وباحثة في «معهد أكسفورد للإنترنت»، الذي يتابع الإجراءات الحكومية ضد الـ«فيسبوك»، وغيرها من الشركات المماثلة: «إنها ردود فعل. لم ألحظ أي مقترحات ترقى إلى مواجهة تلك التحديات المنهجية الخاصة باللوغاريتمات، وجمع البيانات، والخصوصية». ليس من الواضح بعد السياسات التي ستقبلها شركة «فيسبوك» تحديداً، وقد تصدت الشركة في الكثير من البلدان إلى تلك الهجمات التنظيمية والقانونية. وذكرت ديكسون أن «فيسبوك» قد حاول المماطلة في التحقيقات التي تجريها من خلال طرح أسئلة وإثارة تحديات، وقالت إن موقع التواصل الاجتماعي «يطلب التمديد باستمرار». وأضافت قائلة: «هناك بعض الحوارات الحادة. بمجرد وجود قانون صارم يمكن استخدامه ضد شركة كبرى، سوف يسعون إلى حماية مصالحهم باستمرار».
وفي ألمانيا تطعن شركة «فيسبوك» على حكم خاص بالاحتكار يمنعها من مشاركة البيانات مع تطبيقات أخرى مثل «إنستغرام»، و«واتساب»، إلى جانب مواقع إلكترونية تستخدم نقرات «الإعجاب» والـ«مشاركة». كذلك تفند الشركة وتقاوم بنوداً لمقترحات فرنسية وبريطانية خاصة بخطاب الكراهية بقولها إنها تحمّل الشركة مسؤولية الحكم على المحتوى المقبول نشره على الإنترنت. كذلك تعارض شركة «فيسبوك»، وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى، مقترحاً مقدماً من الاتحاد الأوروبي لتشديد القوانين المتعلقة بالخصوصية للتصدي إلى منصات تواصل مثل «واتساب» و«ماسنجر».
أما في النمسا، يشارك نشطاء في جماعات ضغط في محاربة مقترحات خاصة بمكافحة الاحتكار تستهدف الحد من قوة «فيسبوك» و«غوغل» في السوق. واقتادت السلطات الكندية «فيسبوك» إلى المحاكمة بعد رفض الشركة تغيير ممارساتها الخاصة بجمع البيانات. وقالت مارغاريدا سيلفا، باحثة لدى «مرصد الشركات في أوروبا» الذي يتابع حركة الضغط في أوروبا: «لقد خففوا من حدة رسالتهم الموجهة إلى العامة، لكنهم يحاولون في النهاية تفادي أكبر قدر ممكن من اللوائح الملزمة والمقيدة لهم».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«النواب الأسترالي» يقر مشروع قانون لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

يوميات الشرق يحمل مشروع القانون الأسترالي منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية القانونية في حالة فشلها  في منع الأطفال من امتلاك حسابات (أ.ف.ب)

«النواب الأسترالي» يقر مشروع قانون لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

أقر مجلس النواب الأسترالي، اليوم، مشروع قانون يحظر على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة جوّال (أ.ف.ب)

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

أعلنت المفوضية الأوروبية، الخميس، أنها فرضت غرامة قدرها 798 مليون يورو على شركة «ميتا» لانتهاكها قواعد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار العلامة التجارية «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر محمول (رويترز)

كوريا الجنوبية تغرم «ميتا» 15 مليون دولار لانتهاك خصوصية المستخدمين

فرضت كوريا الجنوبية غرامة قدرها 21.62 مليار وون (ما يعادل 15.67 مليون دولار) على شركة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك»، بعدما تبين أنها جمعت بيانات حساسة للمستخدمين.

«الشرق الأوسط» (سيول )

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
TT

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول).

وأفادت وزارة العمل، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تراجعت بمقدار ألفي طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني). وتم نشر التقرير في وقت مبكر هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الشكر يوم الخميس.

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 216 ألف طلب للأسبوع الأخير. وقد انخفضت الطلبات عن أعلى مستوى لها في عام ونصف العام، سُجل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وكان نتيجة للأعاصير والإضرابات في شركة «بوينغ» وشركات الطيران الأخرى. وهي الآن عند مستويات تشير إلى انخفاض معدلات التسريح من العمل وانتعاش التوظيف في نوفمبر. ففي أكتوبر، أدت العواصف والإضراب الذي استمر 7 أسابيع في شركة «بوينغ» إلى تقليص الزيادة في الوظائف غير الزراعية إلى 12 ألف وظيفة فقط.

وعلى الرغم من التوقعات بانتعاش في الوظائف، من المرجح أن يبقى معدل البطالة ثابتاً أو حتى يرتفع هذا الشهر. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مقياس غير مباشر للتوظيف، بمقدار 9 آلاف ليصل إلى 1.907 مليون شخص وفق بيانات معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، وفقاً لتقرير طلبات البطالة.

وتشير بيانات الطلبات المستمرة المرتفعة إلى أن العديد من العمال المسرحين يجدون صعوبة في العثور على وظائف جديدة. وتغطي هذه البيانات الفترة التي يتم خلالها مسح الأسر لمعدل البطالة لشهر نوفمبر. وقد ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. وسيكون تقرير التوظيف لشهر نوفمبر أمراً حاسماً في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في منتصف ديسمبر.

ويرى معظم الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل أمر غير مؤكد في ظل إشارات تباطؤ انخفاض التضخم.

وأظهرت محاضر اجتماع السياسة الفيدرالية في 6 - 7 نوفمبر، التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن المسؤولين بدا أنهم منقسمون بشأن مدى الحاجة إلى مواصلة خفض الأسعار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الشهر، ما أدى إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.50 - 4.75 في المائة.

وبدأ البنك المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية منذ سبتمبر (أيلول) بعد أن رفع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم.