إدارة ترمب تعتزم سحب آلاف الجنود الأميركيين من أفغانستان

بعد تفاؤل بإمكانية التوصل لاتفاقية سلام بين «طالبان» وكابل

زلماي خليل زاد الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان (يمين) مع وزير الخارجية الباكستاني شاه قريشي في إسلام آباد (أ.ب)
زلماي خليل زاد الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان (يمين) مع وزير الخارجية الباكستاني شاه قريشي في إسلام آباد (أ.ب)
TT

إدارة ترمب تعتزم سحب آلاف الجنود الأميركيين من أفغانستان

زلماي خليل زاد الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان (يمين) مع وزير الخارجية الباكستاني شاه قريشي في إسلام آباد (أ.ب)
زلماي خليل زاد الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان (يمين) مع وزير الخارجية الباكستاني شاه قريشي في إسلام آباد (أ.ب)

تستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لسحب الآلاف من الجنود الأميركيين من أفغانستان، كجزء من صفقة مبدئية مع «طالبان» لإنهاء الحرب المستمرة منذ 18 عاماً. وقال مسؤولون بالإدارة الأميركية إن المفاوضات التي قادها السفير زلماي خليل زاد منذ عدة أشهر توصلت إلى اتفاقات مبدئية، تتطلب أن تبدأ حركة طالبان في التفاوض على اتفاق سلام مباشرة مع الحكومة الأفغانية، مقابل أن يتم تخفيض عدد القوات الأميركية في البلاد بشكل تدريجي من 14 ألف جندي إلى 9 آلاف جندي، ثم 8 آلاف جندي. ويبدى المسؤولون الأميركيون تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأفغانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وشدد المسؤولون على أنهم حذروا قادة «طالبان» من أي تأخير في تنفيذ الاتفاق، وأن هناك كثيراً من التحديات التي لا تزال قائمة.
وتأتي هذه الأنباء بعد أن قال زلماي خليل زاد، الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان، يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة مستعدة «لإبرام اتفاق»، إذا قامت «طالبان» بدورها في إحراز تقدم في المفاوضات بين الجانبين. وتعقد الولايات المتحدة وحركة طالبان منذ العام الماضي لقاءات أملاً في إيجاد حل سلمي للنزاع في أفغانستان. ومن المقرر أن تبدأ جولة جديدة من المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة خلال الأيام القلائل المقبلة. وقال المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، يوم الخميس، إن «هناك أملاً في التوصل إلى حل خلال هذه الجولة». وتريد واشنطن قبل كل شيء ضمانات من «طالبان» بألا تصبح أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهابيين، في حين تركز حركة طالبان على ضمان انسحاب جميع القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان. وحسب الولايات المتحدة، ينبغي أن يتضمن أي اتفاق أيضاً وقفاً لإطلاق النار.
وكان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قد لمح، خلال حديثه بالنادي الاقتصادي بواشنطن يوم الاثنين الماضي، إلى خطط لسحب القوات الأميركية من أفغانستان، لكنه أشار للصحافيين المرافقين له في رحلته الآسيوية إلى أنه لا يوجد وقت محدد للقيام بذلك.
من جانبه، قال شون روبرتسون، المتحدث باسم البنتاغون، إن وزارة الدفاع الأميركية لم تصدر أي أوامر بسحب قواتها من أفغانستان، وقال رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «استراتيجيتنا في أفغانستان قائمة على الظروف، وستبقي قواتنا في أفغانستان عند مستويات مناسبة، ما دام وجودها مطلوباً لحماية المصالح الأميركية».
ويتشكك بعض المسؤولين الأميركيين والأفغان في نزاهة «طالبان»، وإمكانية التحقق من التزام قادة «طالبان» ببنود الاتفاق، لكن وفقاً لمصادر بالبيت الأبيض، يوجد دفع كبير من قبل الإدارة الأميركية لتنفيذ الاتفاق الذي إذا تمت الموافقة عليه سيعد أحد أهم الخطوات نحو إنهاء الحرب. وقال المسؤول، بشرط عدم الكشف عن هويته، إن الجانبين حققا تقدماً في جوانب كبيرة، تعد ما يقرب من 80 إلى 90 في المائة، لكن لا يزال هناك طريق طويل للتوصل إلى اتفاق حول النسبة الباقية.
ورفضت «طالبان» طويلاً الاعتراف بحكومة كابول، واعتبرتها دمية أميركية. ووفقاً للتقارير، فإن حركة طالبان تسيطر فعلياً على أكثر من نصف مساحة أفغانستان، ويواصل مقاتلو «طالبان» شن هجمات بشكل يومي على قوات الأمن الأفغانية.
وكانت إدارة ترمب قد أجرت 8 جولات من المفاوضات مع حركة طالبان التي سيطرت على أفغانستان بين عامي 1996 و2011. وقاد المحادثات المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد الذي أعلن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلاح خلال الجولة المقبلة من المحادثات، المقرر عقدها في قطر في وقت لاحق من الشهر الجاري. وقال زلماي خليل زاد، عبر حسابه على «تويتر» صباح الجمعة: «أنهيت للتو لقاء في إسلام آباد مع رئيس الوزراء عمران خان، ووزراء الخارجية والدفاع، وناقشنا نتائج زيارة عمران خان لواشنطن، والخطوات المقبلة حول خطة السلام الأفغانية، ودور باكستان في مساندة الاتفاق، والخطوات التي يمكن اتخاذها».
وفي تغريدة أخرى يوم الأربعاء، قال: «في الدوحة، إذا قامت (طالبان) بدورها، فسنقوم بدورنا، وسنبرم الاتفاق الذي كنا نعمل عليه»، وأضاف في تغريدته: «إنني أختتم زيارتي الأكثر إنتاجية في أفغانستان منذ أن توليت وظيفتي كممثل خاص».
وسيتطلب الاتفاق من «طالبان» إقرار خطة سلام مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وتقديم ضمانات بعدم توفير ملاذات آمنة للإرهاب، وعدم استخدام أفغانستان كمنطقة انطلاق لهجمات إرهابية دولية.
وأشار الرئيس ترمب، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الشهر الماضي، إلى أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل خطوات لتخفيض أعداد القوات الأميركية في أفغانستان، وقال: «لقد سحبنا كثيراً من الجنود؛ حيث كنا 16 ألف جندي، الآن سنصل إلى نحو 9 آلاف جندي».
وأعرب ترمب، خلال المقابلة، عن إحباطه من تكلفة إعادة بناء أفغانستان منذ 2001، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وقال: «الحرب لها 19 عاماً، وما كان ينبغي لنا أن نكون هناك لمدة 19 عاماً. وإذا كنا هناك، فمن الجيد أن نحارب من أجل الفوز، لكنهم يقومون ببناء الفنادق، والتكلفة عشرة أضعاف ما يجب أن تكون عليه».
وفقدت الولايات المتحدة نحو 2400 جندي خلال الحرب في أفغانستان التي تعد أطول حرب تقودها الولايات المتحدة، وأنفقت فيها أكثر من 900 مليار دولار، من العمليات العسكرية إلى بناء الطرق والجسور ومحطات الطاقة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».