القاهرة تُبلغ أديس أبابا رؤيتها حول قواعد ملء «سد النهضة» وتشغيله

TT

القاهرة تُبلغ أديس أبابا رؤيتها حول قواعد ملء «سد النهضة» وتشغيله

أبلغت مصر، إثيوبيا، برؤيتها حول قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة». وقال الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري في مصر، إنه «سلم وزير المياه والري والكهرباء الإثيوبي وجهة النظر والرؤية المصرية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد»، وذلك خلال مباحثات ومشاورات في مقر وزارة المياه الإثيوبية، أول من أمس، مؤكداً «عقد اجتماع سداسي في وقت قريب بحضور وزراء الري والخارجية في مصر وإثيوبيا والسودان».
وقالت وزارة الري، في بيان لها، أمس، إن «عبد العاطي زار أديس أبابا مع وفد مرافق له من وزارته ووزارة الخارجية، كما زار الخرطوم أيضاً». وأكدت مصادر مطلعة في وزارة الري، أنه «جرى عرض الخبرات المصرية في مجال إدارة الموارد المائية، ورفع كفاءة الاستخدام، ومقاومة الحشائش المائية»، مضيفة أن «وزير الري المصري دعا الجانب الإثيوبي للاطلاع على تلك الخبرات، والاستعداد لتنفيذ مشروعات ثنائية مشتركة، تساهم في دعم وترسيخ أوجه التعاون بين البلدين».
وفي يوليو (تموز) الماضي، سعت إثيوبيا إلى طمأنة مصر بالتأكيد على عزمها استئناف المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة»، التي تجمعهما بمشاركة السودان، وبعث رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، رسالة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نقلها وزير الخارجية الإثيوبي، أكد فيها (أحمد) اهتمام بلاده وعزمها استئناف مسار المفاوضات لتنفيذ ما تضمنه إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث، عام 2015، بهدف التوصل إلى اتفاق ثلاثي حول قواعد ملء وتشغيل السد، وعلى نحو يراعي بشكل متساوٍ مصالح الدول الثلاث. وشدد الرئيس المصري حينها على أهمية التوصل لـ«إجراءات عملية» لبلورة اتفاق بشأن السد، يراعي أهمية وحيوية موارد مصر المائية بالنسبة للشعب المصري، وكذلك الجهود التنموية للشعب الإثيوبي.
كما دعا السيسي خلال فعاليات مؤتمر الشباب السابع بالعاصمة الإدارية بالقاهرة، قبل أيام، إلى «أهمية الاتفاق على فترة ملء خزان (سد النهضة) بالشكل الذي نستطيع معه تحمل الأضرار».
وأكدت وزارة الري، بالصدد ذاته، أن «وزير الري المصري زار السودان، والتقى نظيره المكلف بإدارة وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية، صلاح أحمد محمد، في العاصمة الخرطوم، وتناولا العلاقات الثنائية والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك... كما بحث الجانبان مواصلة واستكمال التشاور بخصوص مفاوضات سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على حدودها مع السودان».
وتخوض الدول الثلاث سلسلة مفاوضات مكوكية منذ سنوات، حول «سد النهضة»، على أمل الوصول لاتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل السد، ينهي مخاوف القاهرة من تأثيره على حصتها في نهر النيل.
وكان من المنتظر أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات على مستوى وزراء المياه والخبراء الوطنيين في الدول الثلاث، في القاهرة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، غير أن عزل الرئيس السوداني عمر البشير وما تلاه من أحداث تسببت في تأجيل اللقاء. وحسب المصادر المطلعة، فإن «مصر تسعى لعقد اجتماع تساعي يضم وزراء الخارجية والمياه ومديري مخابرات مصر والسودان وإثيوبيا في أقرب وقت، خصوصاً بعد الهدوء النسبي للأوضاع في السودان في الوقت الراهن».
وأكدت المصادر أن «مصر تستهدف التوصل لاتفاق عادل ودائم مع إثيوبيا والسودان بشأن السد، وأن القاهرة تسعى لاستكمال المباحثات مع إثيوبيا والسودان في إطار من التعاون والمصلحة المشتركة بعد استقرار الأوضاع في الخرطوم».
وتخشى مصر أن يقلص السد حصتها من المياه، التي تصل إليها من هضبة الحبشة عبر السودان، والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا إن «المشروع ليست له أضرار على دولتي المصب (مصر والسودان)».
ولدى مصر قلق من حالة الجمود التي تشهدها عملية المفاوضات في الوقت الحالي. وخلال لقائه نظيره الإثيوبي جيدو أندرجاتشيو في 20 يونيو (حزيران) الماضي، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري: «أهمية الإسراع بوتيرة المفاوضات، وضرورة الالتزام الأمين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه».
وأطلقت إثيوبيا مشروع السد عام 2011. وتتعلق نقطة الخلاف الرئيسية مع مصر بنية إثيوبيا ملء خزان السد بمقدار 74 مليار متر مكعب على مدار سنة كاملة، وهو ما يقلص حصة مصر، ويدمر آلاف الأفدنة الزراعية، بينما ترى القاهرة «ضرورة تقسيم العملية على عدة سنوات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».