مرجعية النجف تتهم الطبقة السياسية بالفشل في حصر السلاح بيد الدولة

تجاهلت ضجة الإسلاميين حول عزف النشيد الوطني في ملعب كربلاء

TT

مرجعية النجف تتهم الطبقة السياسية بالفشل في حصر السلاح بيد الدولة

حسمت المرجعية الدينية العليا بالنجف الضجة التي رافقت قيام فتاة ليست محجبة بعزف النشيد الوطني العراقي أمام الآلاف في ملعب كربلاء، أول من أمس، أثناء افتتاح بطولة غرب آسيا لكرة القدم. فعلى مدى يومين انشغلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالجدل حول موضوع ما سمي قدسية مدينة كربلاء؛ كونها تضم مرقدي الإمامين الحسين وأخيه العباس؛ الأمر الذي أدى إلى إصدار بيانات إدانة من قبل الكثير من كبار السياسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. كما تبادلت الحكومة المحلية في مدينة كربلاء الاتهامات مع وزارة الرياضة والشباب واتحاد كرة القدم، بينما انقسم الرأي العام العراقي بين مؤيد للعزف على أرض الملعب وبين معترض.
وفي الوقت الذي كانت الغلبة للتيارات المدنية، ووجدت التيارات التي تمثل الإسلام السياسي نفسها في زاوية ضيقة، فقد انتظر الجميع ما يمكن أن يصدر عن المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف حيال ما بدا وكأنه أصبح بمثابة قضية رأي عام. ففي سياق تناولها الشأن العراقي، ركز ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة أمس في كربلاء على مسائل أساسية مثل البطالة والاقتصاد والاستثمار وعدم المقدرة على حصر السلاح بيد الدولة، وتجاهلت تماماً ما أثاره الإسلاميون من ضجة بشأن ما عدوه انتهاكاً لقدسية المدينة التي يحتضن ملعبها أول بطولة عالمية في كرة القدم.
وقدم الكربلائي مجموعة من التوصيات للجهات الرسمية، آملاً الأخذ بها جزءاً من معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتقد تعطيل القطاع الخاص في العراق «لأسباب لا يصعب معالجتها لو توافرت الإرادة الجادة التشريعات الكافية والتسهيلات الإدارية المناسبة لتنشيط هذا القطاع الذي يلاحظ للعيان أن دولاً كثيرة مجاورة وأخرى نامية بعضها ومتقدمة أخرى قد نهضت باقتصادها وعالجت مشكلة البطالة من خلالها، وتقدمت خطوات واسعة في مجال التنمية الاقتصادية بمختلف القطاعات من خلال تبنيها سياسة رشيدة في دعم هذا القطاع وحمايته وتوفير الأجواء الملائمة ليأخذ دوره الاقتصادي والإنساني في استيعاب الأيادي العاملة والعقول العلمية لأبناء بلدانهم مع ضرورة تقيد هذا القطع بالأنظمة والتعليمات والجدية في الإجازات الحاصلة لبعض مواضعه واختصاصه». وفي حين بيّن الكربلائي أن «من أهم مستلزمات القطاع الخاص هو توفير الأجواء الآمنة للمستثمرين وقصر يد الفاسدين والمرتشين وتعديل القوانين التي تعرقل العمل ولا تساعد على تحقيق التقدم فيه قياسا إلى ما نشاهده في دول أخرى»، فإنه أكد أنه «عندما يكون هناك سلاح خارج الدولة بإمكان أصحابه أن يهددوا من لا يروق لهم من أصحاب الشركات أو لا يستجيبوا لابتزازهم، وعندما يكون حجم الفساد والرشى في مؤسسات الدولة وفق ما تتحدث عنه الأرقام والإحصاءات الحالية، وعندما تكون القوانين والتعليمات المرتبطة بالعمل الاستثماري قديمة وبالية لا تناسب مستلزمات الاستثمار في العصر الراهن وتحول دون نهوض القطاع الصناعي والزراعي، فلا يتوقع أحد أي تقدم في هذا المجال».
ورأى ممثل المرجعية الدينية، أن «من الضروري وضع برنامج مناسب لتحديد الحقول التعليمية والاختصاصات العلمية الأكثر حاجة إلى البلد وتوجيه الطلبة إلى اختيارها بمحفزات تشجعهم على ذلك وما يلاحظ من كثرة الخريجين في اختصاصات تقل الحاجة إليها، وبالتالي يكون توظيف قسم منهم في مواقع لا علاقة باختصاصاتهم خطأ لا بد من عدم الاستمرار فيه، فلا بد من الاهتمام الجاد لتزايد حملة الشهادات العليا في الحقول التعليمية ذات العلاقة بحقلي الزراعة والصناعة ونحوهما، كما أن من الضروري عدم تجاوز الضوابط والأنظمة الرصينة التي كانت تحكم المؤسسة التعليمية العراقية وعدم فسح المجال لأصحاب المصالح والأغراض الخاصة للإضرار بمكانتها التي كانت مميزة بدول المنطقة وليست كذلك اليوم، ومن المهم ألا يسمح بالتدخل في مفاصل وزارة التعليم العالي وفقاً لأهواء ورغبات البعض، وبخاصة في اختيار المناهج وإرسال البعثات والزمالات وتحديد النظم الامتحانية، ونحوها».
ويرى السياسي العراقي والنائب السابق في البرلمان العراق، حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم انتقاد المرجعية لما حصل في كربلاء إنما يمثل رسالة واضحة لقبولها بما جرى على صعيد حفل الافتتاح لبطولة غرب آسيا، وتأكيداً آخر على أن من انتقد أراد أن يزايد على أهالي كربلاء وعلى المرجعية نفسها»، مبيناً أن «هؤلاء المعترضين هم ممن يتبنى فقه تجهيل المجتمع وخلق الأزمات لأنهم لا يستطيعون العمل إلا في الأزمات». وأوضح الملا أن «المرجعية تتدخل حين يكون هناك خطأ، وطالما لم تتدخل فإن هذا يعني أن ما رافق حفل الافتتاح أمر طبيعي».
وحول انتقاد المرجعية بقاء السلاح خارج سيطرة الدولة رغم نهاية المهلة التي حددها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للفصائل المسلحة لإلقاء سلاحها خلال مدة أقصاها شهر، يقول الملا: بالنسبة للأمر الديواني الخاص بالسلاح والفصائل المسلحة، فإن الكثير من تلك الفصائل أعلنت رفضها للامتثال له جهاراً نهاراً، وبالتالي فإن السؤال هو هل يستطيع عبد المهدي تطبيق ما وعد به»، مشيراً إلى «أننا اليوم أمام حقيقة، وهي أننا لسنا دولة داخلها أحزاب، وإنما أحزاب وجهات مسلحة فوق الدولة، وبالتالي فإن هذه القضية كانت كاشفة تماماً، وهي أننا أمام جهات تعتبر نفسها فوق الدولة». وأوضح أنه «بعد انتهاء مهلة الشهر التي تضمنها الأمر الديواني وإعلان فصائل مسلحة عدم التزامها دلالة واضحة بأن هذه الجهات أصبحت فوق سلطة القانون وفوق الدولة».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.