روسيا تعرض مساعدة تركيا والمعارضة السورية لإخراج المسلحين من إدلب

TT

روسيا تعرض مساعدة تركيا والمعارضة السورية لإخراج المسلحين من إدلب

أكدت موسكو في ختام أعمال الجولة الـ13 للمحادثات حول سوريا في إطار «مسار آستانة» أنها لا ترى بديلا عن تنفيذ اتفاق سوتشي حول إقامة المنطقة منزوعة السلاح حول إدلب، وأكدت استعدادها لـ«مساعدة تركيا والمعارضة السورية» على تنفيذ الاتفاق وإخلاء إدلب من المسلحين.
ونفى مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في ختام اليوم الثاني من أعمال جولة المباحثات التي انعقدت في العاصمة الكازاخية نور سلطان أن بلاده لا ترى ضرورة لإبرام صفقة جديدة حول إدلب، داعيا تركيا والمعارضة السورية لتنفيذ التزاماتهما بالاتفاقات القائمة. وأكد لافرنتييف ترحيب بلاده بالإعلان عن هدنة مؤقتة في إدلب، وأشار إلى التزام الحكومة السورية، محملا المعارضة المسؤولية عن وقوع انتهاكات.
وكانت مصادر مشاركة في المحادثات أبلغت «الشرق الأوسط» أن الوفود الروسية والتركية والإيرانية اجتمعت لعدة ساعات مساء الخميس لتسوية الخلافات حول ملف إدلب، وأن اللقاء أثمر الاتفاق على هدنة مؤقتة لإعطاء تركيا مهلة إضافية لتنفيذ التزاماتها.
وقال لافرنتييف أمس، إن الحديث يدور عن تنفيذ اتفاق سوتشي، وليس عن وضع رؤية جديدة لمعالجة الوضع في إدلب، وزاد: «لدينا مذكرة وتفاهمات، والشيء الأهم هو تطبيق تلك التفاهمات، وهو ما تركز عليه روسيا جهودها».
وأكد استعداد موسكو لمساعدة أنقرة في تنفيذ التزاماتها الخاصة بمنطقة إدلب لوقف التصعيد، وقال: «وفق مذكرة سوتشي، قطعت تركيا على نفسها الالتزامات المتعلقة بإخراج المسلحين من مناطق محددة في إدلب. وإن تعذر عليهم ذلك بمفردهم، يمكنهم التعويل علينا في مساعدتهم»، مضيفا أن روسيا «عرضت على المعارضة السورية أيضا مساعدتها في محاربة (هيئة تحرير الشام) وغيرها من التنظيمات المتطرفة في إدلب».
وأكد لافرنتييف أن مصير اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي دخل حيز التنفيذ أمس، يتوقف على المعارضة «المعتدلة» وقدرتها على تطبيق مذكرة سوتشي فيما يخص إعلان منطقة منزوعة السلاح في إدلب وفرض سيطرتها عليها ومنع الهجمات الاستفزازية منها على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري. ولفت إلى وجود عدد كبير من المسلحين الأجانب في صفوف التنظيمات الإرهابية المتمركزة في إدلب، وقدر عدد عناصر «هيئة تحرير الشام» بنحو 20 ألف مسلح، مشيرا إلى أن ما بين 5 و6 آلاف منهم أجانب، وهم من أنصار الحزب الإسلامي التركستاني، واليوغور، والوافدين من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، مضيفا أن «الحرب ضدهم سوف تتواصل». موضحا أنه «بالطبع، لن نسمح لأنفسنا أن تتحول هذه المنطقة إلى منطقة راحة للإرهابيين»، حيث يمكن لهم احتجاز أكثر من 3 ملايين مدني تحت تهديد السلاح كرهائن».
إلى ذلك، أعلن لافرنتييف، أن موسكو تأمل في أن يعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن عن الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا بحلول الشهر المقبل. وقال إنه «لا تزال هناك مسألة صغيرة حول التشكيلة... نحن نعلم أن غير بيدرسن متفائل جداً بشأن هذه المسألة، وأنه مستعد لوضع اللمسات الأخيرة عليها في وقت قريب جدا، وفي وقت ما في الشهر المقبل، نأمل بأن يعلن عن إنجاز العمل في هذا الاتجاه».
وزاد أن الوفد الروسي ينظر إلى نتائج العمل (في إطار آستانة) بصورة إيجابية و«نعتقد أن نتائج عملنا ستساعد على تحريك العملية السياسية التي وبصراحة تأخرت لفترة من الوقت».
وتطرق لافرنتييف إلى مسألة الوجود الأميركي في سوريا مشيرا إلى أن «روسيا فشلت حتى الآن في إقناع الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي لديها قوات في الأراضي السورية بضرورة سحب قواتها»، مشيرا إلى «دلائل على زيادة عدد القوات الأميركية في سوريا، بما في ذلك عناصر الشركات العسكرية الخاصة، بحجة محاربة (داعش)».
كما أعرب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا عن أمله في إمكانية إغلاق مخيم الركبان للنازحين جنوب شرقي سوريا خلال الشهر الحالي.
وقال لافرنتييف في ختام الجولة إن العمل في هذا الاتجاه «مستمر، ونأمل في أن ننتهي بمساعدة المؤسسات الأممية المعنية في إجلاء المدنيين عن مخيم الركبان وإعادتهم إلى مناطقهم، وإغلاق ملف هذا المخيم».
واوضح أنه «إذا استطعنا فعل ذلك في أقرب وقت، فسيكون ذلك مثالا يحتذى لتتبنى الأطراف المعنية إجراءات مماثلة تجاه مخيم الهول الذي يقع في منطقة سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)، ويشهد وضعا متوترا يتطلب رد فعل سريعا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.