ميليشيات موالية لـ «الوفاق» تصعّد تهديداتها لسلامة... وتعتبر بقاءه «خيـانة لليبيين»

«الجيش الوطني» يستعد لشن «هجومه الأكبر» على طرابلس

غسان سلامة
غسان سلامة
TT

ميليشيات موالية لـ «الوفاق» تصعّد تهديداتها لسلامة... وتعتبر بقاءه «خيـانة لليبيين»

غسان سلامة
غسان سلامة

وسط مخاوف أمنية من احتمال إقدام الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس على اغتيال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، تصاعدت أمس لليوم الثاني على التوالي حدة التهديدات الرسمية، التي وجهتها له ميليشيات موالية لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، وذلك بسبب رفضها لإحاطة سلامة أمام مجلس الأمن الدولي؛ حيث اعتبرت قوة أمنية موالية للسراج أن بقاءه في ليبيا يعد «خيانة لدماء الشهداء».
واعتبرت ما تسمى «القوة المساندة» بطرابلس في بيان، وجهته مساء أول من أمس إلى جميع الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أن ‎المبعوث الأممي «أصبح جزءاً رئيسياً من الأزمة الحالية لبلادنا». وبعدما اتهمته بأنه «لم يفرق بين الحق والباطل، وبين المعتدي والمعتدى عليه»، أثناء إحاطته بالوضع في مدينة طرابلس أمام مجلس الأمن في جلسته الأخيرة، اعتبرت أن بقاءه «هو طعن في ظهور الرجال، وخيـانة لدماء شهدائنا الأبـرار»، وطالبت من أسمتها «جهات الاختصاص»، بالتدخل فوراً «قبل فوات الأوان»، على حد تعبيرها.
وكانت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج، قد سجلت «استياءها واحتجاجها» على كلمة سلامة، التي وصفتها بأنها «غير موفقة» أمام مجلس الأمن، ودعته إلى «تصحيح ذلك بما هو مناسب»، إعلامياً ورسمياً.
وانضم مهند يونس، وزير شؤون الشهداء والجرحى في حكومة السراج، إلى حملتها ضد سلامة؛ حيث وصف إفادته أمام مجلس الأمن بأنها «مليئة بالمغالطات والكذب»، وقال في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، إنه «لا يمكن السكوت عن هذه الممارسات، وأحرار ليبيا سيكون ردهم في الميدان»، على حد تعبيره.
وكان سلامة قد أبدى قلقه من استمرار الهجمات التي تستهدف مطار معيتيقة بطرابلس، المنفذ الوحيد بغرب ليبيا، والذي أغلق عشرات المرات خلال الأشهر الأربعة الماضية جراء القصف.
ودعا سلامة في إحاطته أمام مجلس الأمن، الاثنين الماضي: «السلطات في طرابلس إلى التوقف عن استخدام المطار لأغراض عسكرية، والقوات المهاجمة إلى التوقف فوراً عن استهدافه». في إشارة لقوات حفتر. كما تحدّث عن «مزاعم غير مؤكّدة بوقوع تجاوزات ضد حقوق الإنسان في غريان»، عقب سيطرة قوات حكومة السراج عليها قبل شهر، واستعادتها من قبضة قوات الجيش الوطني، مشيراً إلى «قيام البعثة حالياً بتحري هذا الأمر».
ودخل «الجيش الوطني» على خط الأزمة بين المبعوث الأممي وحكومة السراج، إذ قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، إن إحاطة سلامة «تسببت في هرج كبير في صفوف الإرهابيين في طرابلس»، وتساءل في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في بنغازي: «كيف يمكن للسراج الاحتجاج على إحاطة سلامة، وصلاح بادي وأسامة الجويلي، المطلوبان للعدالة الدولية يقاتلان معه؟». في إشارة إلى أنهما يعتبران من أبرز قادة الميليشيات. كما عرض المسماري مقاطع مسجلة لعناصر أجنبية، ومن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين، وهم يقاتلون في صفوف ميليشيات السراج، موضحاً أن لدى الجيش «سجلاً كاملاً بالإرهابيين المطلوبين للعدالة الدولية». وبعدما أكد أن سلاح الجو «يفرض سيطرته الكاملة على كافة التراب الليبي»، أعلن المسماري أن قوات الجيش «أحرزت تقدماً في أغلب خطوط التماس مع ميليشيات (الوفاق) والجماعات الإرهابية».
ميدانياً، خاضت أمس قوات «الجيش الوطني»، التي تستعد بحسب مصادر عسكرية لشن ما وصفته بـ«الهجوم الأكبر على الميليشيات الموالية لحكومة السراج»، معارك عنيفة في مختلف محاور القتال؛ خصوصاً جنوب العاصمة طرابلس.
واتهم سكان في طرابلس ميليشيات عبد الغني الككلي، الشهير بغنيوة، والذي يقود ما يعرف بـ«قوات الأمن المركزي أبو سليم»، بقصف الأحياء المدنية بعد عجزه عن مواجهة قوات الجيش. وقالت سيدة طلبت عدم تعريفها، إن قذيفة اخترقت جدار إحدى غرف منزلها بضاحية سيدي المصري، مقابل مقر المفوضية العليا للانتخابات.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا الصواريخ لحظة خروجها من موقع تابع لميليشيات غنيوة في منطقة سيدي حسين.
ومع ذلك تبدو الحياة اليومية تسير بشكل عادي في العاصمة طرابلس، على الرغم من تصاعد حدة القتال، الذي أوشك أن يكمل شهره الرابع خلال اليومين المقبلين؛ حيث قال أحد المواطنين: «الوضع في العاصمة عادي جداً. الناس تذهب إلى العمل، والشوارع مزدحمة كالعادة، وإن كان ذلك بدرجة أقل»، لافتاً إلى أنه تم تخفيف الحراسة حول مبنى رئاسة الوزراء، دون سبب معلن أو أي تفسير.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.