تل أبيب على نار
* إخراج: سامح زعبي
* تقييم: (جيد)
كوميديا عن فلسطيني بين نارين
أخيراً يصل فيلم سامح الزعبي (من عرب إسرائيل) إلى صالات نيويورك ولوس أنجليس بعد نحو سنة من عرضه العالمي الأول في مهرجان «فينيسيا» الماضي.
هو كوميديا خفيفة بأبعاد جادة تتحدث عن المساعد في الإنتاج، واسمه سلام (قيس ناشف)، خلال تصوير مسلسل تلفزيوني عنوانه «تل أبيب على نار». لجانب قيس ناشف في هذا الدور هناك لبنة أزابل في دور الممثلة التي عليها أن تلعب شخصية الفلسطينية التي تجيد العبرية وتتقرب عاطفياً، حسب أحداث المسلسل، من شخصية الضابط الكبير يهودا (الفلسطيني يوسف سويد) بغاية استحواذ ملفاته والتجسس عليه ثم قتله في نهاية الحلقات المسلسلة.
هذا هو لب المسلسل لكن لب الفيلم وجوهر حكايته يختلف كلياً. فسلام لا يعرف شيئاً عن كتابة السيناريو والعمل الإبداعي. يعرف العبرية جيداً إلى درجة أنه يستطيع التدخل لتصحيح نطق الممثلين أو كتابة السيناريست غير الصحيحة. وهذا التدخل دفع بخاله منتج المسلسل (نديم صوالحة) لاختياره كاتباً بديلاً للكاتبة المنسحبة احتجاجاً.
هنا تبدأ الكوميديا الصارخة: بما أن سلام لا يعرف شيئاً عن كتابة السيناريوهات فإن وسيلته الوحيدة استخلاص الأحداث والشخصيات والحوارات تأتي مما يسمعه في الشارع أو في بيته أو من خطيبته. وعندما يتدخل ضابط الحدود الإسرائيلي في الموضوع مكتشفاً أن عابر نقاط التفتيش سلام ما هو إلا كاتب تلفزيوني، يبدأ سلام بنقل ما يفرضه عليه الضابط من أحداث يريده أن يضمنها في مسلسله.
هذا التعقيد يساهم في رفع الدراما إلى حد جيد وإن كان تنفيذ المخرج سامح زعبي لا يرتفع، بدوره، عن تقليد نظيف لسرد خفيف وممتع لكنه يبتعد عن العمق ولا يؤدي إلى فيلم يؤرّخ طويلاً.
على ذلك هناك إيحاءات كثيرة حول الهوية الفلسطينية المسروقة ومشهد مهم جداً لسلام وهو يسير بجانب الحائط الذي بنته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية ذاتها، مشهد يحمل دلالاته جيداً ويقع في الوقت الذي يواجه فيه سلام ذلك الموقف الحرج: تفادي تعديل طلب المنتج على السيناريو متعارض مع رغبة الضابط آسي ما سيعرض سلام للخطر بعدما امتنع الضابط عن إعادة هويته إليه إلا إذا نفذ ما كتبه له. سلام هو الفلسطيني المعتدل الذي يقف على الحافة ويبحث عن خلاص. اعتداله، يقول الفيلم، لا يساعده كثيراً عندما يصطدم بمحنة الهوية.
قيس ناشف ولبنى الزبال سبق لهما أن التقيا في فيلم هاني أبو أسعد «الجنة الآن» سنة 2005 لكن هذا لا يلقي بظلاله على هذا الفيلم ولو أنه يتحدث (كالفيلم السابق) عن احتمال تفجير انتحاري يقضي على عميلة المخابرات الفلسطينية والضابط يهودا ولو في إطار المسلسل الذي تجتمع على مشاهدته العائلات الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء.