عشرات القتلى والجرحى بانفجار حافلة في فراه غرب أفغانستان

مسعف ينقل أحد المصابين في انفجار الحافلة إلى مستشفى بهيرات أمس (أ.ف.ب)
مسعف ينقل أحد المصابين في انفجار الحافلة إلى مستشفى بهيرات أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى بانفجار حافلة في فراه غرب أفغانستان

مسعف ينقل أحد المصابين في انفجار الحافلة إلى مستشفى بهيرات أمس (أ.ف.ب)
مسعف ينقل أحد المصابين في انفجار الحافلة إلى مستشفى بهيرات أمس (أ.ف.ب)

بعد يوم واحد من إعلان الأمم المتحدة عن تقريرها حول الضحايا المدنيين في أفغانستان والزيادة الملحوظة على ما كانت عليه العام الماضي، قتل ما لا يقل عن 34 شخصا وجرح أكثر من عشرين آخرين في انفجار حافلة كانت تقل ركابا مدنيين في ولاية فراه غرب أفغانستان. وقالت المصادر الحكومية إن الحافلة كانت على الطريق الدولي بين هيرات وقندهار حين انفجر بها لغم على جانب الطريق أدّى إلى مقتل وإصابة العشرات من الركاب المدنيين.
واتهمت الحكومة الأفغانية حركة طالبان بالمسؤولية عن زرع اللغم وتفجير الحافلة، لكن الحركة لم يصدر عنها أي شيء حتى الآن.
وسبق أن استهدفت عبوات يدوية الصنع قوافل عسكرية. ولكنها تطال أيضاً مدنيين أبرياء، بشكل عشوائي.
والأسبوع الماضي، انفجرت عبوة بسيارة كانت تقل عائلة متجهة للمشاركة بعرس في ولاية ننجرهار (شرق)، أدت إلى مقتل تسعة، ست نساء وثلاثة أطفال. وقال رئيس غرف الطوارئ الاستشفائية في هرات إبراهيم محمدي إنّ 34 راكباً من ركاب الحافلة قتلوا وأصيب 17 آخرون، وحذّر من أنّ الحصيلة قد ترتفع، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
ووصف المتحدث باسم وزارة الداخلية نصرت رحيمي الانفجار بـ«العمل الوحشي الذي اقترفه الإرهابيون».
والثلاثاء، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يفيد بأنّ المدنيين لا يزالون يقتلون ويصابون بمعدلات «غير مقبولة» رغم المحادثات الهادفة إلى وضع حد لعقود من الحرب في أفغانستان. ورغم تسجيل تراجع بنسبة 27 في المائة خلال النصف الأول من 2019 مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2018، فقد قتل 1366 مدنيا وأصيب 2446 آخرون، بحسب بعثة الأمم المتحدة إلى أفغانستان.
ونحو ثلث الضحايا المدنيين هم من الأطفال (327 قتيلاً و880 مصاباً).
وقالت منظمة «أنقذوا الأطفال» غير الحكومية البريطانية، في بيان: «هجوم اليوم (أمس) هو مثال مأساوي آخر على آثار المتفجرات يدوية الصنع. تقتل عشوائياً (...) وتهدم أرواحا للسنوات المقبلة». إلى ذلك، أعلنت القوات الخاصة الأفغانية مقتل 14 من قوات طالبان في عملية قامت بها القوات الخاصة في ولاية لوغر جنوب العاصمة كابل. وحسب مصادر عسكرية، فإن القوات الخاصة قامت بالعملية في منطقة تشرخ، كما قامت الطائرات الحربية الأفغانية بقصف منطقة تشاك وردك، فيما أدت غارة أخرى للقوات الخاصة الأفغانية في ولاية بكتيكا المجاورة إلى مقتل أربعة من قوات طالبان، حسب البيان الرسمي.
ونقلت وكالة باختر الرسمية الأفغانية عن مسؤولين في ولاية فراه غرب أفغانستان أن قوات طالبان هاجمت نقطة تفتيش للشرطة في ضواحي مدينة فراه مركز الولاية، لكن الشرطة ردت هجوم طالبان. ونقلت الوكالة عن محب الله محب، الناطق باسم الشرطة في فراه، قوله إن قوات طالبان هاجمت مركز الشرطة في برجاك لكن مقاومة عنيفة من قوات الشرطة أجبرت قوات طالبان على الانسحاب بعد تكبدها خسائر جسيمة.
كما نقلت وكالة باختر عن قائد عسكري في ولاية غزني قوله إن 22 من قوات طالبان قتلوا في غارات جوية في ولاية غزني خلال الـ36 ساعة الماضية. وقال العقيد توريالي هادي مسؤول فيلق الردع في غزني إنه تم استهداف مسلحي طالبان في مديريات أندار، وأب بند، وده ياك، وخوكياني في ولاية غزني، مما أدى إلى مقتل 22 منهم وجرح 26 آخرين وتدمير كميات من الأسلحة الثقيلة كانت بحوزتهم.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.