لبنان على موعد مع تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني

ضبابية المشهد يخترقها القليل من النور

TT

لبنان على موعد مع تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني

تشهد بيروت زحمة من مندوبي البنك الدولي وصندوق النقد ومؤسسات التصنيف الائتماني، لإصدار تقارير مفصلة دورية، وتقارير يترقبها المستثمرون وأسواق الأوراق المالية، وحتى اللجنة المتابعة لمؤتمر «سيدر»، ليُبنى على الشيء مقتضاه.
ويتوقع الخبير الاقتصادي والمصرفي والنقدي، الدكتور محمد أبو الحسن صدور تقارير التصنيف - إعادة التصنيف لوضعية لبنان الائتمانية، لكل من وكالات التصنيف الائتماني خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، بعد أن قام وفد من كبار التقنيين والقيمين على كل منها بزيارة لبنان، من أجل إتمام جولة على أبرز الأقطاب السياسية الفاعلة والمؤثرة كمراجعة ميدانية للتقييم وإبداء ما يمكن رصده عن التطلعات المستقبلية كما هو مجمع عليه.
وكانت التقارير التي أصدرتها وكالات التصنيف الائتماني سابقاً، عبارة عن تقارير تحليلية وتحذيرية، تواكب تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية للبلاد مجتمعة. أما ما هو أهم فهو معالجة وتقييم ورصد حسن تنفيذ أهم البنود التي تُبنى على أساسها التقارير، وهي على سبيل المثال لا الحصر، كل ما يمكن ربطه بالموازنة لعام 2019 والالتزام بتسليم وإقرار موازنة عام 2020 في موعدها، مع قطع الحساب عن السنوات التي سبقت، نظراً لما يرتبط بذلك من تأثيرات على بيانات التدفقات المالية المرصودة رسمياً من قبل الدولة اللبنانية، من أجل الوفاء بالديون التي قد تستحق في آجالها وبالالتزامات المالية في موعدها.
ويضيف أبو الحسن، أن رصد إنجاز الموازنة وما يتعلق بها، يصبو إلى ما يهم وكالات التصنيف من أجل بناء تقاريرها. وهو كل ما ستؤول إليه نتائج الموازنة، بما يتعلق بالناتج القومي المحلي وتحسينه، والنمو الاقتصادي، ومؤشر البطالة، ووضعية النقد، وضبط الفساد والهدر، وجباية الضرائب، والتطبيق والالتزام بالقوانين، واعتماد أعلى معايير الحوكمة الرشيدة لإدارة مختلف المؤسسات، وغيرها من العوامل والمعايير. كما يهم وكالات التصنيف أن تأخذ بعين الاعتبار عدة معايير أخرى، بما فيها تقييم المستوى المعيشي للبلد، ليس فقط بما يتعلق بمستوى معدل البطالة، بل أيضا بما يتعلق بتطوير البنى التحتية، ومشاريع المياه والكهرباء، والصرف الصحي والمواصلات والاتصالات، والتعليم وحماية حقوق المواطنين المعيشية، وغيرها من المعايير التي تقيّم على أسس علمية كميّة ونوعية. وهذه المعايير هي موضع رصد، ونقد من قبل القيمين على مؤتمر «سيدر».
لكن جو الضبابية والمناوشات السياسية المهيمن على المناخ اللبناني مؤخراً، كما يقول أبو الحسن، لم يلغ وجود الكثير من المؤشرات والتقارير الإيجابية التي صدرت عن أهم المراجع المالية في العالم، والتي شرعت منذ أسبوعين وحتى اليوم في تقييم وتحليل آخر المستجدات المالية والاقتصادية للبلاد، كما صدر عن «فيتش» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» وغيرها. ومن المعلوم أن هذه تقارير تكون تهييئية تعكس الأجواء العامة، ومشتقاتها التي تبنى من وحيها تقارير التصنيف الائتماني.
وقد وصفت وكالة «فيتش» في أحدث تقاريرها القطاع المصرفي اللبناني بالصلب والقوي، ووضعته ضمن فئة المستوى المنخفض لقابلية التعرض للضغوط. كما أكدّ التقرير أن متانة القطاع المصرفي اللبناني هي بمستوى متانة المصارف الأميركية والألمانية والفرنسية والأسترالية والدول المتقدمة، والنقطة الأساس التي يركز عليها التقرير هي دعم القطاع المصرفي اللبناني والمالية العامة للدولة اللبنانية، بعكس اقتصادات أهم الدول العالمية التي وجدت نفسها مجبرة على التدخل لإنقاذ قطاعاتها المصرفية خلال الأزمات الاقتصادية.
ويشير أبو الحسن إلى ما أكده تقرير مصرف الاستثمار العالمي «غولدمان ساكس»، على أن الهوامش على سندات «اليوروبوند» اللبنانية تفوقت على معظم نظيراتها في بلاد أخرى منذ يونيو (حزيران) 2019 بسبب التحسن بمستوى المخاطر السلبية، تزامنا مع الوقت الذي أعلنت فيه المملكة العربية السعودية، استعدادها لدعم لبنان بكافة المجالات. كما أكد التقرير أن سندات «اليوروبوند» التي يصدرها لبنان، دون قيمتها الحقيقية، أو ما يسمى «Undervalued»، أي أنها مشجعة على الاستثمار لما قد يدر من أرباح تحفيزية مقارنة بغيرها من السندات الصادرة عن دول أخرى.
ويلفت أبو الحسن إلى ما ورد في تقرير المصرف العالمي «مورغان ستانلي» عن تراجع العجز المالي في لبنان من 1.9 مليار دولار في أبريل (نيسان) 2018 إلى 1.3 مليار دولار في أبريل 2019 مع تراجع الإنفاق الحكومي بنسبة 11.8 في المائة. وأثنى التقرير على إيجابية إقرار الموازنة، التي هدفت إلى تخفيض نسبة العجز المالي للناتج القومي المحلي حتى 7.6 في المائة، كما رصد التقرير ارتفاع التدفقات المالية للبنان، مواكباً ارتفاع ودائع المصارف اللبنانية، مما أدى إلى زيادة فعالية وليونة عملها، وتوقعاتها نظراً لنسبة تعرضها، واستثماراتها في السندات السيادية للدولة. وبحسب «مورغان ستانلي» أيضا، فقد ارتفعت الودائع في المصارف اللبنانية ما بين يونيو ويوليو (تموز) الماضيين نحو 1.1 مليار دولار.
ظلامية المشهد المثقوب ببعض ومضات النور في آخر النفق، ربما يؤكد عليها أيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لمس ارتياحا وتفاؤلا من وفد البنك الدولي الذي زاره بعد إقرار الموازنة، والتي اعتبر أنّها «يبنى عليها المزيد»، وهذا ما يجب أن يتعزّز أكثر في موازنة 2020 والتي يُفترض أن تسلم في موعدها الدستوري كما أعلن وزير المال.



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».