مذكرات نوبار باشا... شهادة على حقبة مهمة في تاريخ مصر

تولى رئاسة الوزراء ثلاث مرات وعمل على استقلال السلطة القضائية

مذكرات نوبار باشا... شهادة على حقبة مهمة في تاريخ مصر
TT

مذكرات نوبار باشا... شهادة على حقبة مهمة في تاريخ مصر

مذكرات نوبار باشا... شهادة على حقبة مهمة في تاريخ مصر

صدرت حديثاً عن «دار الشروق» المصرية، للمرة الأولى، «مذكرات نوبار باشا» التي ضمت واحداً وأربعين فصلاً، إضافة إلى مقدمة وملاحظات كتبها ميريت بطرس غالي. وغطت المذكرات الفترة من 1842 حتى 1879، وهي الفترة التي بدأت بقدومه إلى مصر حتى عزل الخديوي إسماعيل له، وكتبت بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1890 ومايو (أيار) 1894.
ولم يذكر نوبار في مذكراته شيئاً عن حياته الخاصة، كما لم يتعرض بشيء لفترتي توليه الوزارة الثانية في يناير (كانون الثاني) 1884، ويونيو (حزيران) 1888، والثالثة في أبريل (نيسان) 1894.
وخصص نوبار باشا في شهادته على عصره ستة فصول لوالي مصر محمد علي، وابنه إبراهيم، وأربعة لعباس، وستة لسعيد، بينما خص الخديوي إسماعيل بـ25 فصلاً، وهي الفترة الأكبر التي كان لنوبار باشا فيها دوراً كبيراً في المشروع النهضوي، والتأثير فيما يدور من أحداث.
وسعى نوبار باشا في مذكراته لإعادة رسم صورته التي تشكلت بشكل سلبي حين تولى مسؤولية منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر من تاريخ مصر الحديثة، واتهامه بأنه كان وراء إنشاء المحاكم القنصلية، وتحكم الإنجليز وكثير من الدول الأجنبية في مصر، وما ترتب عليها من ديون، ومن ثم احتلالها.
وفي الفصل المتعلق بمحمد علي، وإبراهيم بن محمد علي، يرى نوبار باشا أن إنجازهما الكبير لم يكن فقط في تحديث الجيش، وتطوير الزراعة وشق الترع، وغيرها من مشروعات اقتصادية، ولكنها كانت أعمق من ذلك في وعيهما بأن الإنسان هو عنوان الحضارة، ومن ثم لا بد أن يتم التخطيط لتنميته وبنائه سلوكياً، وهو ما لمح إليه إبراهيم باشا في إحدى زياراته لأوروبا، عندما رأي من شرفه الفندق الذي كان يقيم فيه اثنين يتشاجران، وحين جاء رجل الشرطة كفا عن التشاحن، وقادهما إلى المخفر. وقتها، نادي إبراهيم نوبار باشا، وحكى له الواقعة، وهو يخبره أنه يتمنى أن تشهد مصر على يديه مثل هذا الوعي والتطور السلوكي.
ويلتقط نوبار باشا كثيراً من ملامح شخصية إبراهيم بن محمد على، وقد أتيحت له مصاحبته في بعض سفرياته إلى فرنسا وإنجلترا، وما شاهده في مدينة ليفربول من شرفة الفندق الذي كان يقيم فيه عام 1884 خلال زيارته إنجلترا، ورحلته الثانية إلى أوروبا، وزيارته المصانع والمتاحف، ثم متابعته لما يدور في الشوارع من لمحات تشير إلى مدى تحضر الإنسان الأوروبي. وفي المذكرات، رصد نوبار الصراع الذي دار بين محمد على وابنه إبراهيم على الحكم، وترقب الأخير تنازل والي مصر أو وفاته ليجلس على كرسيه، كما تحدث عن تناول إبراهيم الخمر، وعدم قدرته على التحكم في نفسه جراء ذلك.
وتمحور القسم الأول من المذكرات بشكل أساسي حول أحلام وطموحات إبراهيم باشا لتطوير مصر، وتحويلها لدولة قوية ومتطورة، مثل ما شاهد في أوروبا، وأحلامه في حال وصوله لحكم مصر بأن يجعلها إمبراطورية عربية، وهو التعبير الذي استخدمه إبراهيم في الحديث عن طموحاته، ثم تحدث عن صراعه مع والده على العرش، ووفاته وجنازته البائسة.
وتشير المذكرات إلى قوة شخصية محمد على، فلكي يؤمن طريق التجارة من الهند لإنجلترا عبر مصر، لم يحتج سوى أن يجعل البدو مسؤولين عن كل شي يحدث في الأراضي التي يتحركون في صحرائها، فكانت البضائع تصل دون أن تعبث بها يد واحدة. ولم يلجأ محمد علي في بداية تأسيس خدمة توصيل الطرود والبريد والبضائع سوى إلى أن يشنق ثلاثة من رؤساء القبائل على أحد أبواب القاهرة، وهو الباب المطل على الصحراء، وكان ذلك عقب حادث سرقة وحيد، وبعدها لم يشهد الطريق واقعة واحدة تخل بالأمن، حتى تم تأسيس خطوط السكة الحديد، بعد نصيحة نوبار لعباس بتأسيسها خلال عامي 1849 و1950. ولفت نوبار باشا إلى أن الحديث بدأ عن السكة الحديد وقناة السويس أواخر أيام محمد علي.
ومن بين ما لمح إليه نوبار باشا حول عبقرية الوالي طريقته في ربط الأجانب الذين يعرف أن وجودهم فيه فائدة كبيرة لمصر، وقد أعاد نظام تملك الأراضي القديم الذي كان أيام المماليك، وهو الإقطاعيات، ومنحهم إياها، وسمح لهم باستصلاح الأراضي القريبة منها، وأجبرهم على دفع الضرائب عن الفلاحين، مع منح أصحاب تلك الإقطاعيات حق تسخيرهم في زراعة الأرض واستصلاحها، وقد كان من نتيجة اتباع باشا مصر هذه السياسة أن وزع نحو أربعمائة ألف فدان على رجاله، وكان منها خمسمائة فدان حصل عليها نوبار باشا نفسه، وباعها للخديوي عباس بسعر اثنين جنيه للفدان. وقد أشار بوغوص، نجل صاحب المذكرات، إلى أن سعر الفدان وصل عام 1890 إلى خمسين جنيهاً.
وكشف نوبار باشا عن الصراع الذي دار بين محمد على وابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا حول العرش، الذي وصل بالفعل إلى إقصاء الأول بسبب مرضه، ووصوله لمرحلة الهذيان، ثم وفاة الثاني عقب عودته لمصر، بعد صراع طويل مع مرض في الصدر، وتشييعه في جنازة لم يشارك فيها سوى عدد من الفلاحين، حيث غضب عليه محمد على، وجعل قواده يغادرون بخيولهم واحداً وراء الآخر، وينسلون من شارع الموسمي، فيما كانت الجثمان يواصل طريقه فوق أعناق الفلاحين وقليل من رجال القائد الذي لم يمهله القدر ليحقق ما كان يصبو إليه.
وتبين المذكرات أن نوبار باشا كان يتمتع بذكاء كبير في التعامل مع الولاة، وكيف يكتسب ثقة كل منهم، حتى إن كانوا على خلاف فيما بينهم، وقد كان يعرف متى يكون قريباً منهم، ومتى ينأى بنفسه عن الأحداث.
ولا تخلو المذكرات من طرافة، وهو ما يتضح من حديث نوبار باشا عن محمد علي، وبعض رسائله التي كان يوجهها إلى قواده، ومنها تلك التي بعث بها إلى نجله وقائد قواده في الإسكندرية، عثمان باشا، عقب وفاة مترجمه بوغوص بوسفيان، الذي كان لسان الوالي في الاتصال بالعالم الخارجي، وقد علم أن عثمان لم يخرج في وداعه إلى مثواه الأخير، فبعد أن وصفه بنجلي المبجل جداً المحظوظ جداً، قال له إنك غبي وحمار، كيف لا تصطحب أنت وحاميتك وجنودك الرجل الذي رباك وأخلص لك إلى مثواه الأخير، وأمره بعد تحذيره من عصيانه باستخراج الجثمان وإعادة دفنه مرة أخرى في جنازة عسكرية كبيرة. بالطبع، لم يحدث أن أخرجوا الميت، لكنه وأفراد حاميته شاركوا في قداس مهيب أقيم في الكنيسة بالإسكندرية، وهو ما كان له أبلغ الأثر في دعم مكانة المسيحيين في تلك الأيام (1844 - 1860)، في وقت كان غير مسموح فيه لأي باشا في مصر أو القسطنطينية بتوجيه تحية لشخص مسيحي تربطه به علاقة صداقة في الطريق العام بأكثر من إيماءة بالعين أو حركة بالرأس.
المدهش في أمر محمد على ونجله إبراهيم، اللذين كانا لهما دور كبير في تحديث مصر وتطويرها، والاستعانة بالعلم في سبيل ذلك ليكون القاطرة الأساسية في تحقيق أهداف بناء الدولة، هو لجوؤهما للعرافين لقراءة الطالع بحثاً عن أخبار المستقبل، وما تخبئه الأقدار لكل منهما، وقد ظل إبراهيم يستفتيهم حتى وفاته. ومع ذلك، فإن المذكرات تكشف عن تقدير كبير يكنه نوبار باشا لهذين القائدين الذين وصفهما بالعبقريين، في حين كان يرى خلفاءهم أقل مرتبة وحنكة وقدرة على إدارة البلاد، وأنهم السبب في كل ما جرى وجر البلاد إلى الأزمات التي تطورت فيما بعد، وأدت إلى الاحتلال الإنجليزي.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»
TT

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة أو أن تُحسب دراسته، على الرغم من التفصيل والإسهاب في مادة البحث، أحدَ الإسهامات في حقل النسوية والجندر، قدر ما يكشف فيها عن الآليات الآيديولوجية العامة المتحكمة في العالمَين القديم والجديد على حد سواء، أو كما تابع المؤلف عبر أبحاثه السابقة خلال أطروحته النظرية «العالم... الحيز الدائري» الذي يشتمل على أعراف وتقاليد وحقائق متواصلة منذ عصور قديمة وحديثة مشتركة ومتداخلة، وتأتي في عداد اليقين؛ لكنها لا تعدو في النهاية أوهاماً متنقلة من حقبة إلى أخرى، وقابلة للنبذ والنقض والتجدد ضمن حَيِّزَيها التاريخي والاجتماعي، من مرحلة الصيد إلى مرحلة الرعي، ومنهما إلى العصرَين الزراعي والصناعي؛ من الكهف إلى البيت، ومن القبيلة إلى الدولة، ومن الوحشية إلى البربرية، ومنهما إلى المجهول وغبار التاريخ.

ويشترك الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «الياسمين» بالقاهرة، مع أصداء ما تطرحه الدراسات الحديثة في بناء السلام وحقوق الإنسان والعلوم الإنسانية المتجاورة التي تنشد قطيعة معرفية مع ثقافة العصور الحداثية السابقة، وتنشئ تصوراتها الجديدة في المعرفة.

لم يكن اختيار الباحث فالح مهدي إحدى الظواهر الإنسانية، وهي «المرأة»، ورصد أدوارها في وادي الرافدين ومصر وأفريقيا في العالمَين القديم والجديد، سوى تعبير عن استكمال وتعزيز أطروحته النظرية لما يمكن أن يسمَى «التنافذ الحقوقي والسياسي والقانوني والسكاني بين العصور»، وتتبع المعطيات العامة في تأسس النظم العائلية الأبوية، والأُمّوية أو الذرية، وما ينجم عن فضائها التاريخي من قرارات حاكمة لها طابع تواصلي بين السابق واللاحق من طرائق الأحياز المكانية والزمانية والإنسانية.

إن هذه الآليات تعمل، في ما يدرسه الكتاب، بوصفها موجِّهاً في مسيرة بشرية نحو المجهول، ومبتغى الباحث هو الكشف عن هذا المجهول عبر ما سماه «بين غبار التاريخ وصورة الحاضر المتقدم».

كان الباحث فالح مهدي معنياً بالدرجة الأساسية، عبر تناول مسهب لـ«المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ، بأن يؤكد أن كل ما ابتكره العالم من قيم وأعراف هو من صنع هيمنة واستقطاب الآليات الآيديولوجية، وما يعنيه بشكل مباشر أن نفهم ونفسر طبيعةَ وتَشكُّلَ هذه الآيديولوجيا تاريخياً ودورها التحويلي في جميع الظواهر؛ لأنها تعيد باستمرار بناء الحيز الدائري (مفهوم الباحث كما قلت في المقدمة) ومركزة السلطة وربطها بالأرباب لتتخذ طابعاً عمودياً، ويغدو معها العالم القديم مشتركاً ومتوافقاً مع الجديد.

إن مهدي يحاول أن يستقرئ صور «غبار التاريخ» كما يراها في مرحلتَي الصيد والرعي القديمتين، ويحللها تبعاً لمسارها في العهد الحداثي الزراعي الذي أنتج النظم العائلية، وبدورها أسفرت عن استقرار الدول والإمبراطوريات والعالم الجديد.

يرصد الكتاب عبر تناول مسهب «المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ في ظل استقطاب آيديولوجيات زائفة أثرت عليها بأشكال شتى

ويخلص إلى أن العصر الزراعي هو جوهر الوجود الإنساني، وأن «كل المعطيات العظيمة التي رسمت مسيرة الإنسان، من دين وفلسفة وعلوم وآداب وثقافة، كانت من نتاج هذا العصر»، ولكن هذا الجوهر الوجودي نفسه قد تضافر مع المرحلة السابقة في عملية بناء النظم العائلية، وأدى إليها بواسطة البيئة وعوامل الجغرافيا، بمعنى أن ما اضطلع به الإنسان من سعي نحو ارتقائه في مرحلتَي الصيد والرعي، آتى أكله في مرحلة الزراعة اللاحقة، ومن ثم ما استُنْبِتَ في الحيز الزراعي نضج في الحيز الصناعي بمسار جديد نحو حيز آخر.

ومن الحتم أن تضطلع المعطيات العظيمة التي أشار إليها المؤلف؛ من دين وفلسفة وعلوم وآداب زراعية؛ أي التي أنتجها العالم الزراعي، بدورها الآخر نحو المجهول وتكشف عن غبارها التاريخي في العصرَين الصناعي والإلكتروني.

إن «غبار التاريخ» يبحث عن جلاء «الحيز الدائري» في تقفي البؤس الأنثوي عبر العصور، سواء أكان، في بداية القرن العشرين، عن طريق سلوك المرأة العادية المسنّة التي قالت إنه «لا أحد يندم على إعطاء وتزويج المرأة بكلب»، أم كان لدى الباحثة المتعلمة التي تصدر كتاباً باللغة الإنجليزية وتؤكد فيه على نحو علمي، كما تعتقد، أن ختان الإناث «تأكيد على هويتهن».

وفي السياق نفسه، تتراسل دلالياً العلوم والفلسفات والكهنوت والقوانين في قاسم عضوي مشترك واحد للنظر في الظواهر الإنسانية؛ لأنها من آليات إنتاج العصر الزراعي؛ إذ تغدو الفرويدية جزءاً من المركزية الأبوية، والديكارتية غير منفصلة عن إقصاء الجسد عن الفكر، كما في الكهنوت والأرسطية في مدار التسلط والطغيان... وهي الغبار والرماد اللذان ينجليان بوصفهما صوراً مشتركة بين نظام العبودية والاسترقاق القديم، وتجدده على نحو «تَسْلِيع الإنسان» في العالم الرأسمالي الحديث.

إن مسار البؤس التاريخي للمرأة هو نتيجة مترتبة، وفقاً لهذا التواصل، على ما دقّ من الرماد التاريخي بين الثقافة والطبيعة، والمكتسب والمتوارث... حتى كان ما تؤكده الفلسفة في سياق التواصل مع العصر الزراعي، وتنفيه الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا في كشف صورة الغبار في غمار نهاية العصر الصناعي.