إلغاء المؤتمر الصحافي الأسبوعي لرئيس الوزراء العراقي

بعد 9 سنوات على تقليد أسسه المالكي وتبعه العبادي

TT

إلغاء المؤتمر الصحافي الأسبوعي لرئيس الوزراء العراقي

ألغى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس، تقليد عقد المؤتمر الصحافي الذي درج منذ عام 2010 على إقامته رؤساء الحكومات المتعاقبة أسبوعيا للإجابة عن أسئلة الصحافيين بشأن القضايا المحلية أو الإقليمية والدولية المرتبطة بالعراق.
ولم تعرف على وجه الدقة الأسباب التي دفعت عبد المهدي إلى إيقاف مؤتمره الأسبوعي، لكن مكتبه الإعلامي أكد الخبر وذكر في بيان مقتضب أنه سيعتمد «آليات التواصل الجديدة ومن بينها تسمية متحدثين باسم المكتب الإعلامي».
وتقول دوائر مقربة من رئاسة الوزراء، أن «عبد المهدي كان قرر بعد تسلمه منصب رئاسة الوزراء الإبقاء على المؤتمر الصحافي الأسبوعي لمدة محددة بهدف إطلاع المواطنين على الطريقة التي يتحدث بها رئيس الوزراء ويعبر بها عن أفكاره، وبعد 35 مؤتمراً قرر إيقاف ذلك».
لكن اتجاهات أخرى ترى أن «المؤتمر بات يمثل عبئا على رئيس الوزراء وأحيانا يتعرض فيه إلى أسئلة محرجة من بعض الجهات المعارضة لحكمه، لذلك قرر إيقافه، بعد نصيحة من مقربين عليه والاكتفاء بالبيانات واللقاءات الصحافية بين فترة وأخرى».
والمؤتمر الصحافي الأسبوعي تقليد أرساه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية العامة عام 2010، وتميل بعض الاتجاهات الصحافية، إلى الاعتقاد أن مستشاري المالكي أرادوا من خلال ذلك، تكريس الظهور الأسبوعي لرئيس الوزراء تمهيدا لخوضه معترك الانتخابات وقد تحقق لهم ذلك، وتمكن المالكي من الفوز بدورة ثانية لرئاسة الوزراء. وكانت أوساط صحافية وشعبية تنظر بكثير من الارتياب وعدم الرضا للظهور الإعلامي المكثف للمالكي حينذاك، وكانت تصريحاته النارية تثير الكثير من المشاكل مع بقية منافسيه السياسيين.
وبحلول العام 2014 تسلّم حيدر العبادي رئاسة الوزراء خلفا للمالكي، وكان الاعتقاد الشائع أن الأخير سيعمد إلى إلغاء المؤتمر الأسبوعي والاكتفاء بقنوات التواصل العادية عبر إرسال الرسائل والمواقف الحكومية عبر المتحدث باسمها ومواقعها الرسمية الأخرى، إلا أن العبادي أصرّ على الاستمرار بتقليد سلفه المالكي وتبعه عبد المهدي، لكنهما حولا يوم عقد المؤتمر من الأربعاء في زمن المالكي إلى يوم الثلاثاء من كل أسبوع.
وتباينت آراء الصحافيين العراقيين حول إلغاء المؤتمر الصحافي بين مرحب ومعارض، إذ اعتبر مراسل قناة «الحرة» الأميركية وأحد الحاضرين الدائمين في مؤتمرات رئاسة الوزراء وليد الشيخ، أن «إلغاء المؤتمر خطوة سلبية، ذلك أن اللقاء مع رئيس الحكومة أمر معمول به في بعض الدول للإجابة عن بعض الأسئلة الملحة التي تطرحها وسائل الإعلام والرأي العام».
ويرى الشيخ في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر الصحافي يسمح لوسائل الإعلام أخذ الكلام الفصل من رأس هرم السلطة، لا سيما أنه يعقد عادة بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء. ويلفت الشيخ إلى أن «تكليف المتحدثين باسم الحكومة سيجعلهم يتحدثون ضمن مساحة محدودة مرسومة لهم مسبقاً، كما أنهم سيبقون متحفظين دائماً عن الإجابات التي تحتاج لمزيد من الإيضاحات».
ويرى رئيس تحرير صحيفة «الصباح» شبه الرسمية السابق فلاح المشعل أن «إلغاء المؤتمر الإعلامي لرئيس الوزراء حالة تستدعي المراجعة، ما دام أنها لا تتساوق مع أي تبرير، خاصة ونحن في حاجة ماسة لحضور الرئيس بنحو مستمر لأنه مصدر القوة والقانون أمام الشعب». ويقول المشعل في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «رؤساء العالم درجوا على تقديم كلمة أسبوعية للشعب لتطلعه على أبرز ما أنجزته الحكومة وما سوف تنجزه، وفي تطور لاحق ومع تطور وسائل البث والإرسال تحول الموضوع إلى كلمة تلفزيونية أسبوعية أو خطاب شهري». ويشير إلى أن «إحدى أهم وظائف وواجبات الرؤساء في الدول الديمقراطية المفترضة هي التواصل الفوري مع الشعب من أجل أن يتسنى للأخير قراءة معلوماته أو أفكاره ومساءلته بشكل مباشر عبر المؤتمر الإعلامي الأسبوعي أو النصف شهري».
وغالبا ما سجل الصحافيون ملاحظاتهم على طبيعة الأسئلة المطروحة على رؤساء الوزراء ونوعية الأغلبية من الصحافيين الذين يحضرون تلك المؤتمرات. وفي هذا السياق يقول الصحافي مصطفى ناصر: «هناك الكثير من الإشكالات التي ترافق المؤتمر الصحافي الأسبوعي من فترة ولاية العبادي وحتى اللحظة، وهي نوعية الحضور، إذ إن بعض الحاضرين ليسوا صحافيين، وبعضهم يحضر بهدف الظهور التلفزيوني وليس بهدف الحصول على المعلومة أو السبق الصحافي أو ما شاكل. وبعضهم يزاحم الصحافيين على أخذ الدور للسؤال، وهو ما دفع بعض الصحافيين إلى عدم الحضور بشكل منتظم».
ويضيف ناصر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، كان «الصحافيون يأملون حضور بعض الوزراء للمؤتمر الصحافي رفقة رئيس الوزراء، إلا أن هذا لم يحصل طوال الفترة الماضية، واقتصر الحضور على السيد عبد المهدي». ويرى أن «اقتصار ظهور السيد عبد المهدي في اجتماعات دورية بالصحافيين أو لقاءات تلفزيونية سيكون أجدى من المؤتمر الأسبوعي الذي يشهد بالعادة تلاوة القرارات المتخذة في مجلس الوزراء والحراك الدبلوماسي والمنجز الحكومي، وهي ملفات يمكن للمتحدث باسم الحكومة أن يتلوها بدلاً عن رئيس الوزراء».
ويلاحظ ناصر أن «رئيس الوزراء يجيب عن 4 أسئلة فقط في المؤتمر، بعضها أسئلة لا تمس حياة المواطنين، إنما تخص ملفات سياسية، وبعضها تتضمن أجندات تحددها وسيلة الإعلام التي بعثت مراسلها لاستنطاق رئيس الوزراء في ملف سياسي ما».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.