تراجع مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي بنسبة 3.3% على أساس شهري خلال شهر يوليو (تموز) الجاري.
وذكر بيان لهيئة الإحصاء التركية، أمس (الثلاثاء)، أن مؤشر الثقة في الاقتصاد بلغ 80.7 نقطة (تشير النقاط الأقل من 100 نقطة إلى تشاؤم المستهلكين إزاء الاقتصاد). وأرجع البيان التراجع في المؤشر إلى الانخفاض في مؤشر ثقة المستهلك ومؤشرات الثقة في القطاع الحقيقي والخدمات وتجارة التجزئة.
ولفت إلى انخفاض مؤشرات ثقة المستهلك والقطاع الحقيقي والخدمات وتجارة التجزئة إلى 56.5 و96.6 و83.5 و90.4 نقطة على التوالي في يوليو. غير أن المؤشر الفرعي لقطاع البناء أظهر تحسناً، حيث ارتفع إلى 52.4 نقطة هذا الشهر.
في الوقت نفسه، تعتزم الحكومة التركية الاقتراض بأكثر من المستهدف لتغطية العجز المتزايد في الميزانية العامة.
وقالت مصادر بوزارة الخزانة والمالية إن الخزانة التركية تعتزم رفع هدفها الخاص بالقروض نسبةً إلى معدلات السداد، بما تسمى «القروض الدوارة»، إلى ما يتراوح بين 100 و110% خلال العام الجاري، بعدما كانت الحكومة تستهدف اقتراض ما تتراوح نسبته بين 93.5 و98.1% من القروض التي يتم سدادها خلال العام.
وتواجه فيه الحكومة التركية صعوبات مالية متزايدة في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد وارتفاع الإنفاق على خلفية الانتخابات المتتالية التي توجهت إليها تركيا في الأعوام الأربعة الأخيرة والتي بلغت 6 استحقاقات (4 انتخابات برلمانية ورئاسية واستفتاء على تعديل الدستور وانتخابات محلية).
ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن إنان ديمير، المحلل الاقتصادي في مؤسسة «نومورا إنترناشيونال» للاستشارات المالية في لندن، أنه في ضوء وضع الميزانية التركية خلال النصف الأول من العام الجاري وارتفاع معدل الاقتراض بالنسبة إلى سداد الديون عن المستهدف، فإنه من غير المفاجئ أن تشير الحكومة إلى اعتزامها تغيير مستهدفاتها.
وأضاف أنه يجب أن تكون نسبة القروض الجديدة إلى القروض التي تم سدادها 90% خلال النصف الثاني من العام الحالي حتى تكون النسبة للعام ككل 110%.
الأزمة الاقتصادية ستحرق تركيا
في السياق ذاته، حذر إلهان كَسيجي، نائب حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض عن مدينة إسطنبول، من أن الأزمة الاقتصادية ستحرق تركيا خلال 6 أشهر، إذا لم تتخذ الحكومة التدابير اللازمة.
وقال كَسيجي، في مقابلة صحافية أمس، إن «هناك حاجة إلى توافق سياسي كبير، ويجب أن نعمل بشكل عاجل حتى تسود الشفافية والبنية التحتية القانونية، لضمان الثقة في الدولة ومؤسساتها التي تنخفض مع الوقت».
وانتقد المعارض التركي الخطة التنموية الخمسية الجديدة الحادية عشرة، التي وافق عليها البرلمان الأسبوع الماضي، لافتاً إلى أن الحكومة فشلت في تحقيق نصف الأهداف الموجودة في خطة التنمية السابقة.
وأوضح أنه في الخطة الاقتصادية الخمسية السابقة كان من المفترض أن يصبح الدخل القومي 1.3 تريليون دولار، لكنه توقف عند 784 مليار دولار فقط، كما أن نصيب الفرد من الدخل القومي بات في الخطة الجديدة 9.6 ألف دولار، بدلاً من 16 ألف دولار، وكان الهدف أن يرتفع إجمالي الصادرات إلى 227 مليار دولار، لكنه ظل عند 168 ملياراً.
ولفت كسيجي إلى أن «الحكومة توقعت أن يظل معدل التضخم عند 4.8% في 2018، لكنه ارتفع إلى 25.3%، أي ما يقرب من 5 أضعاف المتوقع».
وتابع أن «الحكومة استهدفت في الخطة السابقة خفض معدل البطالة إلى 7.2%، لكنه وصل إلى 14.7% وتم تحديد معدل بطالة الشباب بنسبة 13%، لكنه ارتفع إلى 24.5%، وكان معدل النمو المستهدف هو 5.5%، بينما أعلنت الحكومة أنه بلغ 4.9%، وهذا رقم غير صحيح أيضاً».
وتوقع كسيجي أن ينكمش الاقتصاد هذا العام بنسبة 2.5%، وسيضاف ربع مليون شخص إلى جيش البطالة في تركيا بعد فقدان وظائفهم، مشيراً إلى أن الحكومة تتوقع أن يبلغ معدل النمو العام المقبل 4.3%، في حين يقول صندوق النقد الدولي إنه سيكون 1.9%.
وقال المعارض التركي إن صندوق النقد والبنك الدوليين قدما، خلال الاجتماع المشترك لهما في واشنطن في أبريل (نيسان) الماضي، تقريرهما في هذا الشأن إلى وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق ومسؤولين آخرين، ولم يعترض أحد.
وحذر من أنه إذا استمرت الأرقام بهذا الشكل «ستحترق» تركيا بعد 6 أشهر، ولهذا يجب أن يتم أخذ هذا الموضوع بجدية، واتخاذ التدابير اللازمة.
وبالنسبة إلى التضخم وزيادة تكاليف المعيشة، قال كسيجي: «مع الأسف... المواطنون لم يعد بمقدورهم التحمل»، مشيراً إلى أن البطالة هي الجزء الأكثر إيلاماً في كل هذا، حيث أصبحت نسبة البطالة في الفئة العمرية 16 إلى 29 عاماً 24.5%، أي أن كل أسرة مكونة من 4 أفراد لديها عاطل عن العمل، كما أن هناك أيضاً أشخاصاً لديهم وظائف ويواجهون خطر فقدانها.
وتوقع أن يحصل ثلث المتقدمين الجدد لسوق العمالة فقط على وظائف في ظل معدل النمو الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي (1.9%)، أي أنه سيتم إضافة 300 إلى 350 ألف شخص إلى أرقام البطالة العام المقبل.
وأشار إلى أنه «لم يعد هناك أحد يثق بتركيا، وهناك مؤشرات ودلائل على ذلك، مثل وكالات التصنيف الائتماني، التي تُغضب تصنيفاتها المبنيّة على أداء الاقتصاد التركي، والتي تتهمها حكومتنا باستهداف تركيا بالتصنيفات السلبية (لأسباب سياسية) من أجل تبرير فشلها في إدارة اقتصاد البلاد».
10 مليارات دولار استثمارات أجنبية
في المقابل، قال وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق، إن أكثر من 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية، دخلت البلاد منذ مايو (أيار) الماضي.
ورأى ألبيراق، في مؤتمر صحافي عقده أمس (الثلاثاء)، عرض خلاله تقييمه للوضع الاقتصادي في تركيا، أن اقتصاد البلاد مقبل على مرحلة أكثر إيجابية في النصف الثاني من العام الجاري، وأنه سينمو بشكل إيجابي هذا العام، ومن المتوقع أن يقترب النمو من المستهدف.
وقال ألبيراق إن تركيا استطاعت خلال الفترة الماضية التصدي لما سماها «الهجمات الاقتصادية» التي استهدفتها، وتمكنت من الحفاظ على استقرار الأسواق الداخلية.
وأضاف: «تركيا تقْدم على خطوات مهمة في شرق البحر المتوسط، حيث تقوم بأعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، ونأمل أن نسمع أخباراً إيجابية في القريب العاجل».
ولفت إلى أن الحكومة تعمل على تخفيض أسعار الفائدة ونسب التضخم، وأن تخفيض البنك المركزي التركي نسب الفائدة مؤخراً، قوبل بترحيب من قِبل الأسواق الداخلية.
في سياق متصل، احتل الإيرانيون المركز الأول في قائمة الاستثمارات المباشرة المتدفقة إلى تركيا، في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، من خلال تأسيس 513 شركة في تركيا، كما جاء الإيرانيون في المرتبة الثانية بعد العراقيين في شراء العقارات في تركيا.
واحتل الإيرانيون المرتبة الأولى في قائمة المتقدمين للحصول على الجنسية التركية بموجب التعديلات الجديدة التي تمنح أي مستثمر الحق في الحصول على الجنسية إذا اشترى عقاراً بمبلغ 250 ألف دولار، أو استثمار بمبلغ 500 ألف دولار أو الاحتفاظ بوديعة في أحد البنوك التركية بالمقدار نفسه بشرط عدم سحبه قبل 3 سنوات.