مصر: السيسي يفتتح مؤتمر الشباب ويعتبره «شحنة أمل إيجابية»

الرئيس السيسي لدى حضوره فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بدورته السابعة في العاصمة الإدارية الجديدة أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس السيسي لدى حضوره فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بدورته السابعة في العاصمة الإدارية الجديدة أمس (الشرق الأوسط)
TT

مصر: السيسي يفتتح مؤتمر الشباب ويعتبره «شحنة أمل إيجابية»

الرئيس السيسي لدى حضوره فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بدورته السابعة في العاصمة الإدارية الجديدة أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس السيسي لدى حضوره فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بدورته السابعة في العاصمة الإدارية الجديدة أمس (الشرق الأوسط)

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بدورته السابعة في العاصمة الإدارية الجديدة، موجها التحية للشعب المصري على كل ما تحقق خلال 5 سنوات، قائلا إن «ما تحقق هو عرفان مني بجميل المصريين على المصريين».
وقال الرئيس السيسي، إن هذه المؤتمرات دائما تعطي شحنة ضخمة وعظيمة من الأمل ومن الإيجابية، مخاطبا الشعب المصري بقوله إن «ما عملتموه وتعملونه وستعملونه خلال السنين القادمة لكي يكون هناك أمل ومستقبل كبير للبلاد هو أمر يستحق كل تحية وتقدير وعرفان لشعب مصر شعب بلادي».
وأضاف: «الحوار هو أهم السبل نحو الغد الواعد والمستقبل المشرق، وثقة في شباب أمتنا المتحمس لبناء الوطن».
ويشارك في المؤتمر الوطني للشباب، الذي تعقد دورته السابعة تحت شعار «ابدع انطلق»، أكثر من 1500 شاب من مختلف المحافظات، إضافة لشباب وسفراء أفارقة، وممثلين لمؤسسات دولية، وتدور النقاشات حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية.
ويعقد المؤتمر على مدار يومين، ويشهد يومه الثاني حفل تخرج البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الأفريقي، والمؤتمر الأول لمبادرة «حياة كريمة»، قبل أن يجيب السيسي عن أسئلة الشباب، في جلسة (اسأل الرئيس).
وكانت فكرة المؤتمر الوطني للشباب، انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، حيث عقدت نسخته الأولى في شرم الشيخ (جنوب سيناء)، ثم انتقل المؤتمر في دوراته اللاحقة لمحافظات أسوان والإسماعيلية والإسكندرية والقاهرة.
بدأت فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني للشباب بكلمة سعيد عطا أحد شباب المهندسين المشاركين في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة والذي روى تجربته في تنفيذ مشروعات بالعاصمة الإدارية التي وصفها بأنها «مشروع مصر وحلم الأجيال القادمة».
وقال عطا إنه يتحدث باسم آلاف الشباب من أبناء جيله وعن كل الجنود المجهولين الذين يبذلون أقصى الجهد لتحويل الحلم إلى حقيقة.
وأوضح عطا أنه من بين المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها في العاصمة الإدارية الجديدة، مشروع تنفيذ مجموعة من الأبراج في حي المال والأعمال تشمل أطول برج في القارة الأفريقية، فضلا عن تنفيذ مشروع القطار الكهربي الذي يشارك في نقل الناس من خارج العاصمة إلى داخلها بالإضافة إلى إنشاء البنية التحتية الذكية.
ولفت إلى أنه تم تنفيذ أكبر نسبة من الحي الحكومي في أقل من سنتين، منوها بأن روح الفريق سر النجاح في العاصمة الإدارية الجديدة. وأشار إلى أن هناك 18 ألف شقة في الحي الحكومي أوشك تنفيذها على الانتهاء، وتوجه بالشكر إلى الرئيس السيسي الذي أتاح له ولزملائه الفرصة للمشاركة في بناء الوطن وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات القومية الكبرى.
وكان السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، قد أكد أن «منتديات الشباب الداخلية والدولية التي تحرص الدولة على تنظيمها منذ سنوات بناء على توجيهات الرئيس لها أبعاد داخلية وخارجية، باعتبارها فرصة للحوار الجاد والمباشر بين المسؤولين والشباب؛ مما حقق مكاسب كثيرة على مختلف المستويات».
ونوه راضي، في تصريحات صحافية، إلى حرص السيسي على المشاركة في جلسات جميع مؤتمرات الشباب والاستماع إلى أفكار الشباب وتسجيلها بنفسه والتفاعل معها، الأمر الذي طور كثيرا من دور الشباب ليتحولوا من مستمعين ومتلقين للأحداث إلى محاورين ومتحدثين يطرحون أفكارهم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.