ردود سلبية على تحذير «حزب الله» للمصارف اللبنانية

انتقد التدابير المالية وعدّ أنها لإرضاء الولايات المتحدة

TT

ردود سلبية على تحذير «حزب الله» للمصارف اللبنانية

عدّ الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في خطابه، الأسبوع الماضي، أن «ما يجري من تحريض ضد الحزب له أهداف عدة، بينها تحميله مسؤولية مآل الأوضاع في البلاد، وتحريض الخارج؛ وتحديداً أميركا، على لبنان واقتصاده»، داعياً إلى إحالة هذا التحريض إلى القضاء «لأن لذلك تداعيات خطيرة على اقتصاد لبنان».
وأعقب موقف نصر الله توجيه الإعلام المحسوب على الحزب اتهاماً للمصارف اللبنانية بأنها، وبرعاية «مصرف لبنان»، أفضل حليف للولايات المتحدة، بالقول إن «بعض هذه المصارف تتخذ تدابير في حق المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية؛ لا تكون مطلوبة منها».
ويقول النائب من «كتلة المستقبل» محمد الحجار لـ«الشرق الأوسط» إن «استخدام الحزب الإعلام ليس جديداً للنيل من المصارف اللبنانية على خلفية التزامها بالعقوبات. وبمعزل عن الموقف من هذه العقوبات، فلا بد من التعامل مع ارتداداتها لحماية لبنان واقتصاده، ولحماية المواطن اللبناني. وإذا لم يأخذ الحزب بالاعتبار هذا الأمر، فسينعكس ذلك على الدولة اللبنانية وعلى اللبنانيين».
ويشير الحجار إلى أن «(الحزب) يحاول إيصال رسالة تهديدية عبر الإعلام المحسوب عليه. والخشية من أن تكون هذه الرسالة مقدمة لاستهداف أكبر للمصارف»، ويحذر «الحزبَ من العودة إلى أفعال تمس المصارف، رغم ادعائه أنه خارج الحركة المالية والمصرفية اللبنانية. ففي حال طالت العقوبات أحد المصارف اللبنانية؛ فحينها سيهدد الأمر اقتصاد لبنان كله».
من جهته، يقول رائد خوري، وزير الاقتصاد السابق والذي ينتمي إلى «التيار الوطني الحر»، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا سلطة لـ(حزب الله) على المصارف، وهو لا يتعامل معها. كما أنه أذكى من التعرض لها. ويدرك جيداً أن المصرف المركزي والمصارف اللبنانية تعمل لحماية اقتصاد لبنان، وأن أي مسّ بالقطاع المصرفي يؤدي إلى انهيار الاقتصاد. من دون إغفال ألا مصلحة للأميركيين في ضرب القطاع المصرفي. وهذه المعادلة التي يلتزم بها الطرفان تريح لبنان وتحميه». ويضيف خوري: «كلما زادت العقوبات تخاف المصارف اللبنانية أكثر، وتأخذ احتياطات وفق ما يتطلب الأمر وبحرص كبير، ذلك أنها لا تملك القدرة على مواجهة اتهام أميركي لها بتمويل الحزب، وتحرص على حماية نفسها، لأن اقتصاد لبنان يرتبط بالقطاع المصرفي، فالمصارف تتعامل بالدولار وتتبع السياسة المصرفية الأميركية».
من جهة ثانية، يحذّر معارضو الحزب من أنه «يعمد أكثر فأكثر إلى توريط الدولة اللبنانية بمؤسساتها الشرعية ومصارفها في مهمة الدفاع عنه بمواجهة العقوبات الأميركية المرشحة لأن تشمل مزيداً من الكوادر الحزبية ومن المتعاونين معه سياسياً ومالياً، وآخرها توريط القضاء لملاحقة من يعدّه الحزب محرضاً ضده».
ويؤكد الحجار أن «المواقف ستستمر ضد (حزب الله) في السياسة، وذلك لمواجهة الأفعال التي يقوم بها، ولا تكون لمصلحة لبنان ولكن لمصلحة المشروع الإيراني الذي وُجِد (الحزب) من أجله. وتحديداً عندما يرتكب الأخطاء أو يتخذ مواقف ضد مصلحة لبنان ومصلحة الدول العربية ودول الخليج العربي».
ويشير الحجار إلى أن «(حزب الله) يريد أن يمشي الجميع في مشروعه وهو يعمل لتحقيق ذلك. لكن لا شيء يردعنا بصفتنا فريقاً سياسياً عن قول الحقيقة، والتأشير إلى مكامن الخلل في سياسته الخارجية، وربط النزاع معه في السياسة الداخلية لا يمنع من التصويب على أخطائه بحق لبنان».
إلا إن خوري يقول: «ليس صحيحاً أن (حزب الله) هو صاحب القرار الأوحد ويمسك بزمام البلد، فإذا رفض أي حزب من الأحزاب الكبرى تطبيق مسألة ما؛ تتوقف الأمور. ولا يستطيع (الحزب) فرض ما يريده، وإن كان له تأثير كبير، لكن الأطراف الأخرى موجودة أيضاً. وأنا شهدت أكثر من اختلاف في مواضيع عدة بين (الحزب) و(التيار) الذي أنتمي إليه، ولم يحصل الحزب على ما يريد».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».