انتخابات تونس الرئاسية المبكرة... «غامضة» و«مليئة بالمفاجآت»

لقطة من أحد شوارع تونس بعد جنازة الرئيس الراحل باجي السبسي(رويترز)
لقطة من أحد شوارع تونس بعد جنازة الرئيس الراحل باجي السبسي(رويترز)
TT

انتخابات تونس الرئاسية المبكرة... «غامضة» و«مليئة بالمفاجآت»

لقطة من أحد شوارع تونس بعد جنازة الرئيس الراحل باجي السبسي(رويترز)
لقطة من أحد شوارع تونس بعد جنازة الرئيس الراحل باجي السبسي(رويترز)

أدت وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، قبل بضعة أشهر من انتهاء ولايته، إلى تسريع الجدول الزمني الانتخابي، مع انتخابات رئاسية في أقل من 50 يوماً، قد تكون نتيجتها «مليئة بالمفاجآت».
وغداة الهدنة السياسية التي فرضتها جنازة أول رئيس منتخب ديمقراطياً بالاقتراع العام، استؤنفت الهجمات السياسية مجدداً.
وتبدو الهجمات أشد قسوة لأن حزب «نداء تونس» الذي أنشأه السبسي عبر جمع حركات متباينة مناهضة للإسلاميين، في حالة تفكك، وتدمره صراعات الأجنحة، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
واليوم (الثلاثاء)، أعلنت الهيئة المكلفة بالانتخابات في اجتماع مع ممثلي الأحزاب السياسية أن موعد الانتخابات الرئاسية تحدد في 15 سبتمبر (أيلول).
ويتعين تقديم الطلبات بين 2 و9 أغسطس (آب). وقال نبيل بفون رئيس الهيئة، إن الحملة الانتخابية ستبدأ من 2 أغسطس إلى 13 منه، وسيتم إعلان النتائج الأولية في 17 سبتمبر.
وفي حين أعربت الأحزاب السياسية عن دعمها لهذا الجدول الزمني، دعا حزب النهضة الإسلامي و«مشروع تونس» الذي يضم منشقين من «نداء تونس»، إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية.
ودعا رئيس حزب «مشروع تونس» محسن مرزوق إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية تزامناً مع يوم الانتخابات التشريعية، في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، من أجل «السماح لجميع المرشحين بالحصول على نفس الفرص».
ويعد نبيل القروي، صاحب شركات إعلانات وقناة تلفزيونية والذي بقي لفترة طويلة رجل الظل في «نداء تونس»، المرشح المفضل في استطلاعات الرأي، خصوصاً مع سمعته كفاعل خير.
وبعد أشهر من الحملات الانتخابية من خلال جمعية خيرية، حاولت الحكومة، دون جدوى، استبعاده من طريق حظر المرشحين الذين وزعوا هدايا على الناخبين.
لكن الرئيس الراحل لم يوقّع القانون الانتخابي الجديد، تاركاً الطريق مفتوحاً أمام القروي. وانضم إليه بعض الشخصيات المهمة من الحزب الرئاسي في اليوم التالي للجنازة.
وقال الخبير في الشأن التونسي يوسف الشريف: «ما زالت الأمور غامضة للغاية».
من جهته، يقول المحلل سليم الخراط: «إذا استطاعت الطبقة التي تصف نفسها بأنها تحديثية ومناهضة للإسلاميين، التجمع من جديد، فسيكون بإمكانها إعادة تشكيل كتلة انتخابية مهمة... لكن كل المؤشرات تدل على أننا نسير نحو معارك شخصية».
بدورهم، يسعى الإسلاميون المعتدلون في «النهضة»، الحزب الرئيسي في البرلمان، إلى «نفس السيناريو كما في عام 2014» مع «نداء تونس».
وأوضح الشريف أن ذلك يعني «جماعة سياسية علمانية مع زعيم يحظى بكاريزما يصبح رئيساً، يتحالفون معه».
ولا تزال حركة «النهضة»، التي فشلت تجربتها الأولى في السلطة منفردةً عندما فازت بأول انتخابات بعد الثورة أواخر عام 2011، مترددة في تقديم مرشحها الخاص، وتفضل أن تكون في موقع صانع الملوك في البرلمان.
ويبدو أن كل أنواع التحالفات ممكنة بين الجميع تقريباً، باستثناء عبير موسى التي تدافع عن النظام القديم وميراث التجمع الدستوري الديمقراطي للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وتدعو إلى إقصاء الإسلاميين.
ويقوم محمد عبو، زعيم «التيار» الديمقراطي من حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي، بحملات منذ عدة أشهر، بينما لم يعلن المرزوقي عن ترشيحه بعد.
ويتعرض رئيس الوزراء يوسف الشاهد الذي أسس في أبريل (نيسان)، حزباً انشق عن «نداء تونس»، لانتقادات بسبب طموحاته في الانتخابات الرئاسية، لكن شعبيته في أدنى مستوياتها، ولم يفصح عن رغبته مطلقاً.
ودخل آخرون الساحة السياسية مؤخراً مثل الأكاديمي المستقل قيس سعيد، أو وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الذي كان آخر مَن طلب السبسي رؤيته في يونيو (حزيران)، ما يجعله بين الخلفاء المحتملين.
لكن لا يوجد لدى هؤلاء آلة انتخابية قبل 50 يوماً من الانتخابات.
وإذا كانت السلطات الرئيسية بيد البرلمان اليوم، إلا أن الرهانات كبيرة لأنه مع عكس الجدول الزمني الانتخابي، فإن زخم الانتخابات الرئاسية سيلقي بظلاله على الانتخابات التشريعية في أكتوبر.
ويضيف الشريف: «لم يتقرر أي شيء، سيكون الاقتراع مثيراً للاهتمام بشكل كبير، وسيكون مليئاً بالمفاجآت».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.