ليبيا: السراج ينقل عن ماكرون دعوته لوقف القتال

مقتل 4 أطباء وإصابة 8 بقصف لمستشفى ميداني في طرابلس

TT

ليبيا: السراج ينقل عن ماكرون دعوته لوقف القتال

نقل رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجديده رفضه الكامل لمهاجمة العاصمة طرابلس و«تهديد حياة المدنيين». وبحسب بيان أصدره السراج، أكد ماكرون، خلال اجتماعهما في تونس، مساء أول من أمس، على هامش تشييع جنازة رئيسها الراحل الباجي قايد السبسي «ضرورة وقف القتال، والعودة للمسار السياسي».
وعد السراج أن الحديث عن وقف القتال «يجب أن يوجه إلى المعتدي»، وأن قوات حكومته «تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس، وعن مدنية الدولة»، مشيراً إلى المبادرة التي طرحها في يونيو (حزيران) الماضي للعودة للمسار السياسي الذي يقود إلى انتخابات عامة.
وكان السراج قد رأى، لدى لقائه في تونس، مساء أول من أمس، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، أن «استئناف العملية السياسية مرهون بانسحاب القوات المعتدية، وعودتها من حيث أتت»، مجدداً التأكيد على «ضرورة وجود قواعد جديدة لهذه العملية، تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها العدوان».
ونقل عن سلامة، في بيان، التأكيد على أنه «لا حل عسكرياً للأزمة الليبية، وأنه لا بديل عن الحل السياسي». كما جدد «إدانة الأمم المتحدة للهجمات كافة التي تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية، وتشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان». وتطرق الاجتماع إلى المشاورات الجارية استعداداً لعقد مجلس الأمن جلسة جديدة حول الأوضاع في ليبيا.
وميدانياً، أعلنت سلطات طرابلس تعرض المستشفى الميداني في منطقة طريق المطار، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً جنوب العاصمة، لقصف جوي تسبب في مقتل 4 أطباء، وإصابة 8 آخرين. وأكد مركز الطب الميداني بوزارة الصحة في حكومة السراج أن مستشفى الزاوية المقام في طريق المطار تعرض لقصف جوي، مشيراً إلى أن «العاملين في قطاع الصحة ليسوا هدفاً عسكرياً، وليسوا طرفاً في النزاعات المسلحة».
وتعد منطقة طريق المطار، جنوب طرابلس، واحدة من سبعة محاور تشهد اشتباكات بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة السراج، منذ إعلان المشير خليفة حفتر مطلع أبريل (نيسان) الماضي عن عملية عسكرية لـ«تحرير طرابلس»، مقابل عملية «بركان الغضب» التي أطلقتها ميليشيات السراج.
وقالت قوات الجيش الوطني إنها نفذت، أمس، عملية نوعية داخل إحدى ضواحي العاصمة، من دون تفاصيل، كما أعلنت محاصرة ميليشيات موالية لحكومة السراج في طريق المطار ووادي الربيع.
إلى ذلك، اعترفت إيطاليا، أمس، في بيان لوزارة دفاعها، بوجود قاعدة عسكرية لها في مدينة مصراتة، غرب ليبيا، وأوضحت أن «الكتيبة الإيطالية تعمل في ليبيا في إطار بعثة المساعدة والدعم الثنائية، في انسجام مع خطوط التدخل التي حددتها الأمم المتحدة». وقال البيان إن هذه الوحدة «تضم أفراداً مهمتهم تقديم المساعدة الصحية والدعم والتدريب». كما أقرت بوجود سفينة تابعة للبحرية الإيطالية في طرابلس، لكنها قالت إنها تنفذ «مهام الدعم الفني اللوجيستي للبحرية الليبية، كجزء من العملية الوطنية».
وكان الجيش الوطني قد قصف، أول من أمس، للمرة الأولى، أهدافاً عسكرية في مصراتة، فيما نفت تقارير صحافية إيطالية إصابة أي أهداف تابعة لروما. وأفرجت قوات البحرية التابعة للسراج، مساء أول من أمس، عن قارب صيد إيطالي احتجزته البحرية بتهمة «الصيد غير المرخص»، الأسبوع الماضي.
وأوضح المتحدث باسم القوات البحرية الليبية، العميد أيوب قاسم، أن «قارب الصيد الإيطالي أفرج عنه بموجب القانون الليبي، إذ تمت مصادرة معدات الصيد، والتعهد من طاقمه بعدم ممارسة الصيد غير القانوني مستقبلاً»، وأضاف لوكالة «شينخوا» الصينية أن قواته تعاملت مع القارب الإيطالي «مثل غيره من القوارب التي تضبط بين فترة وأخرى، حيث يتم التعهد بعدم تكرار هذه الأنشطة في المياه الإقليمية. وفي حال تكرارها، فإن القارب سيتم الحجز عليه، والطاقم سيحال للنائب العام، وتدفع غرامة مالية».
وأعلنت قوات السراج أنها ضبطت، الأربعاء الماضي، قارب صيد إيطالي على متنه 5 إيطاليين وتونسيين اثنين لا يحملون ترخيصاً داخل المياه الإقليمية، وتم اقتياد القارب إلى ميناء مصراتة البحري، شرق طرابلس.
وتعلن السلطات الليبية باستمرار عن ضبط جرافات وقوارب صيد أجنبية غير مرخصة قبالة السواحل الليبية، خصوصاً من تونس ومصر وتركيا وإيطاليا. وعادة ما يتم إطلاق سراح الصيادين، مقابل التعهد بعدم ممارسة أنشطة الصيد بصورة غير قانونية، وتتم مصادرة قواربهم ودفع غرامات مالية.
وكانت القوات البحرية التابعة للسراج قد أعلنت إنقاذها 89 مهاجراً، شرق طرابلس. وأوضح المتحدث باسمها أنه «بناء على بلاغ، تمكنت دورية حرس السواحل الزورق (أوباري) من إنقاذ 89 مهاجراً، كلهم رجال، كانوا على متن قارب مطاطي». وتمت عملية الإنقاذ على بعد نحو 27 ميلاً شمال القره بوللي (50 كلم شرق طرابلس).
وتمكنت عناصر الهلال الأحمر، أمس، من انتشال جثث 60 مهاجراً شرق طرابلس، تعود إلى القارب الذي غرق الخميس الماضي قبالة مدينة الخمس، وكان على متنه 250 مهاجراً، تم إنقاذ 134 منهم فقط، فيما ظل مصير البقية في عداد المفقودين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.