أبو الغيط يدعو لترتيب أولويات «الخطاب الحقوقي» لمواكبة تحديات المنطقة

افتتاح المؤتمر الإقليمي العربي الثالث حول حماية حقوق الإنسان

TT

أبو الغيط يدعو لترتيب أولويات «الخطاب الحقوقي» لمواكبة تحديات المنطقة

دعا أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى تضافر الجهود لتعزيز حقوق الإنسان بالمنطقة، محذراً من الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان، خصوصاً التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك في كلمة لأبو الغيط، ألقتها نيابة عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمينة العامة المساعدة رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية، في افتتاح أعمال «المؤتمر الإقليمي الثالث حول حماية وتعزيز حقوق الإنسان»، الذي انطلقت أعماله أمس بمقر الأمانة العامة للجامعة في القاهرة.
ونبه أبو الغيط إلى أن الظرف الحالي الذي تمر به المنطقة يُمثل تحدياً هائلاً أمام خطاب حقوق الإنسان، موضحاً أن الفترة الماضية شهدت تصاعداً غير مسبوق لحالات الاحتراب الأهلي والإرهاب الدموي، سواء داخل الدول أو العابر للحدود وصاحبت هذه الصراعات انتهاكات - غير مسبوقة في مداها وحدتها ووحشيتها - لأبسط حقوق الإنسان في العيش الآمن.
وتابع: «تحمل النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات الفئات المستضعفة، من نساء وأطفال»، وأوضح أن هناك ما يقرب من 3 ملايين طفل سوري خارج التعليم، ويعيش مليون منهم لاجئين في دول الجوار.
ولفت إلى أن هذه الأوضاع لا بد أن تنعكس على خطاب حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وأن تُسهم في إعادة ترتيب أولوياته وتوجيه اهتماماته الأساسية، فمن الحق في الحياة تتفرع جميع الحقوق الأخرى، وتشريد البشر، خصوصاً النساء والأطفال، لجوءاً ونزوحاً، وتعريضهم لكل صنوف الخطر والمعاناة والحرمان، هو انتهاكٌ لحقوقهم الأصيلة في العيش الآمن الكريم.
وقال أبو الغيط إن جرائم الاحتلال الإسرائيلي تتجاوز كل يوم مستويات جديدة في انتهاك حقوق الإنسان، بداية من حق الحياة وليس انتهاء بحق التعليم والسكن والوصول إلى الخدمات الأساسية.
وأشار إلى هدم مائة شقة سكنية في بلدة صور باهر بجوار جدار العزل العنصري جنوب القدس، منذ أيام، حيث باشرت جرافات الاحتلال عملها في وضح النهار أمام كاميرات التلفزيون، وكذلك التوسع في هدم المنازل ترافقه سياسة ثابتة في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وأوضح الأمين العام أن هناك نظامين منفصلين لحياة السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ الأول للمستوطنين اليهود، والثاني للفلسطينيين أصحاب الأرض، متسائلاً إن لم يكن هذا هو الفصل العنصري، فماذا يكون نظام الفصل إذن؟ وأضاف: «الطفل الفلسطيني ما زال الضحية الكبرى لجريمة الاحتلال»، موضحاً أن نحو 20 في المائة من ضحايا وجرحى مسيرات العودة الباسلة من الأطفال.
واعتبر أن الاجتماع يُمثل خطوة جديدة لإثراء النقاش العام حول قضايا حقوق الإنسان في العالم العربي وما تنطوي عليه من تحديات خطيرة تواجهها الحكومات والشعوب على حد سواء.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.