قلق أوروبي من تخلي روسيا عن شبكة الغاز الأوكرانية

موسكو تسعى لاتفاقيات ترانزيت قصيرة الأجل

يرفض {الأوروبي} الاعتماد على شبكات أنابيب تسيطر عليها روسيا وحدها لنقل الغاز (رويترز)
يرفض {الأوروبي} الاعتماد على شبكات أنابيب تسيطر عليها روسيا وحدها لنقل الغاز (رويترز)
TT

قلق أوروبي من تخلي روسيا عن شبكة الغاز الأوكرانية

يرفض {الأوروبي} الاعتماد على شبكات أنابيب تسيطر عليها روسيا وحدها لنقل الغاز (رويترز)
يرفض {الأوروبي} الاعتماد على شبكات أنابيب تسيطر عليها روسيا وحدها لنقل الغاز (رويترز)

يبدو أن المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، بمشاركة الاتحاد الأوروبي، حول تمديد اتفاق ترانزيت الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية، تواجه عقدة جدية، لن يكون من السهل على الأطراف تجاوزها. وبعد أنباء تحدثت عن سعي روسيا توقيع اتفاقيات ترانزيت «قصيرة الأجل» مع أوكرانيا، أكد وزير الطاقة الروسية أن بلاده تريد تمديد الاتفاق الحالي لمدة عام.
عزز هذا الموقف مخاوف المفوضية الأوروبية وأوكرانيا من احتمال سعي روسيا للحفاظ على الترانزيت عبر أوكرانيا، لكن فقط إلى حين الانتهاء من مد شبكات أنابيب بديلة، تنتهي معها الحاجة إلى الترانزيت الأوكراني، ما دفعهما إلى التمسك بتمديد الاتفاق الذي ينتهي العمل به نهاية العام الحالي لـ10 سنوات أخرى.
القلق من الموقف الروسي تبلور بوضوح بعد أنباء نشرتها وكالة «رويترز»، قالت فيها إن موسكو ستعمل على توقيع اتفاقيات قصيرة الأجل خلال المحادثات مع أوكرانيا، حول مصير اتفاقية ترانزيت الغاز إلى السوق الأوروبية. ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة على الموقف الروسي بشأن مصير اتفاقية الترانزيت عبر شبكة الأنابيب الأوكرانية، قولهم إن «موسكو ستحاول الحصول من كييف على اتفاقيات قصيرة الأجل لترانزيت الغاز الروسي عبر الشبكة الأوكرانية إلى أوروبا، بعد عام 2019 الذي تنتهي مع نهايته اتفاقية الترانزيت الحالية». وأوضحت المصادر أن الجانب الروسي يسعى عبر هذه الصيغة من الاتفاقيات إلى «كسب الوقت للانتهاء من مد شبكات أنابيب جديدة بديلة عن الأوكرانية».
وستوفر الاتفاقيات قصيرة الأجل لروسيا الوقت الذي تحتاجه لإنجاز البنى التحتية الضرورية لنقل الغاز، التي تحرم أوكرانيا من صفة «الممر الرئيسي لترانزيت الغاز الروسي»، ما يعني بالتالي تراجع الحاجة بتوقيع اتفاق جديد مع الجانب الأوكراني بهذا الصدد. وقال أحد المصادر لـ«رويترز»: «تريد أوكرانيا اتفاقية طويلة الأجل لمدة 10 سنوات. إلا أن هذا غير مربح لنا، ويكفينا عام لنستجمع قوانا ونبدأ بضخ النفط عبر كل تلك السيول»، في إشارة إلى «سيل الشمال - 2» والأنبوب الأوروبي من شبكة «السيل التركي».
الفكرة العامة في تلك التسريبات حول اتفاقيات قصيرة الأجل، أكدها وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، في تصريحات له من تركيا نهاية الأسبوع الماضي، أكد فيها «بشكل عام، نحن مع أن تشتري أوكرانيا الغاز من روسيا بشكل مباشر»، وأضاف: «اقترحنا على الزملاء الأوكرانيين تمديد الاتفاق الحالي لمدة عام وفقاً للشروط الحالية».
في أول تعليق لها على تلك الأبناء، قالت شركة النفط الحكومية الأوكرانية «نافتو غاز»: «لا يوجد لدينا حتى الآن أي معلومات رسمية من الجانب الروسي حول فكرة الاتفاقيات قصيرة الأجل». وفي رد نشره على حسابه في «فيسبوك»، قال يوري فيترينكو، المدير التنفيذي لشركة «نافتو غاز» الأوكرانية: «كنا نأمل أن تتجاوب (غاز بروم) بشكل رسمي مع اقتراح المفوضية الأوروبية. وإذا كانت غير موافقة على ذلك الاقتراح، لتقدم اقتراحاتها إذن، ويفضل أن يكون ذلك مع التفاصيل». ولمح إلى مسألة تثير قلق الأوروبيين بصورة خاصة، وتتعلق باحتكار «غاز بروم» لصادرات الغاز الروسي، حين تساءل: «على سبيل المثال، هل يوجد لدى (غاز بروم) استعداد للسماح لشركات أخرى بترانزيت الغاز من روسيا».
وفي حديثه عن الاقتراح الأوروبي، قال فيترينكو إن الحديث يدور عن اقتراح عرضه ماروش شيفتشوفيتش، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، خلال اللقاء الثلاثي الأخير بين ممثلي روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية، وبموجبه تخصص روسيا طيلة 10 سنوات 60 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً للنقل عبر الشبكة الأوكرانية إلى السوق الأوروبية، وتلتزم أوكرانيا من جانبها بتوفير قدرة عبر شبكاتها حتى 90 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وبالتالي بقاء قدرات ضخ بحجم 30 مليار متر مكعب متاحة لاستفادة مصدرين آخرين للغاز منها.
ويرفض الاتحاد الأوروبي الاعتماد على شبكات أنابيب تسيطر عليها روسيا وحدها لنقل الغاز إلى السوق الأوروبية، لما في ذلك من تعارض مع قوانين الاحتكار الأوروبية، فضلاً عن أن احتكار روسيا للشبكات سيُضعف الموقف التفاوضي للأوروبيين، الذين يخشون أيضاً استغلال روسيا هذا الوضع كأداة ضغط ضمن ظروف سياسية معينة. وهذا أحد أهم أسباب تمسك أوروبا باستمرار الضخ عبر الشبكة الأوكرانية، حتى بعد إنجاز مشروع «سيل الشمال - 2».
وفي تعليقه على الحديث عن اتفاقيات قصيرة الأجل، عاد نائب رئيس المفوضية الأوروبية، وأكد على اقتراحه بشأن اتفاق لمدة 10 سنوات، وقال: «من مصلحة جميع الأطراف التوصل لاتفاق طويل الأجل»، وأضاف: «هذه ليست مجرد مسألة إمكانية التنبؤ (بمستقبل صادرات الغاز من روسيا)، بل وتتعلق كذلك بالثقة بروسيا كمورد، وأوكرانيا بصفتها دولة ترانزيت».
ويعود تاريخ الاتفاقية الحالية إلى عام 2009، حينها وقعت «غاز بروم» و«نافتو غاز أوكرانيا» اتفاقيتين لمدة 10 سنوات، الأولى لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الشبكة الأوكرانية، والثانية حول صادرات الغاز الروسي للسوق الأوكرانية. إلا أن خلافات نشبت بين الجانبين عام 2012، وتقول الشركة الروسية إن أوكرانيا لم تعد منذ ذلك الحين تسحب من الشبكة كامل كميات الغاز المخصصة للسوق الأوكرانية.
ومنذ عام 2015 توقفت أوكرانيا بشكل تام عن استيراد الغاز الروسي، واعتمدت مبدأ «الاستيراد العكسي»، أي شراء الغاز الروسي الذي يمر عبر شبكاتها، لكن من المستوردين الأوروبيين. واتهمت من جانبها الشركة الروسية بعدم ضخ كامل الكميات المتفق عليها للسوق الأوروبية. ورغم صدور قرارات في تلك القضايا من محكمة التحكيم في استوكهولم، لم تنته الخلافات بين الجانبين حتى الآن. وتربط روسيا تمديد اتفاق الترانزيت بالاستقرار في أوكرانيا، والجدوى الاقتصادية، وضرورة حل جميع القضايا العالقة بين الجانبين.
رغم كل تلك التعقيدات، استمر ترانزيت الغاز الروسي عبر الشبكة الأوكرانية، وخلال عام 2018 تم ضخ 86.6 مليار متر مكعب من الغاز، أو ما يعادل 40 في المائة من صادرات «غاز بروم» عبرها. وتحصل أوكرانيا سنوياً على رسوم مقابل الترانزيت تزيد قيمتها عن 2 مليار دولار. ويرى مراقبون أن روسيا تسعى للتقليل من دور شبكة الأنابيب الأوكرانية عبر مد شبكة «سيل الشمال - 2»، وكذلك بالاستفادة من قدرات الضخ عبر شبكة «السيل التركي»، ويشيرون إلى أنه ليس مجرد مصادفة سعي روسيا بدء الضخ عبر الشبكتين مطلع عام 2020، أي مع انتهاء العمل باتفاقية الترانزيت عبر أوكرانيا. وتقدر إمكانات الضخ عبرهما بنحو 87 مليار متر مكعب سنوياً.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».