«هيا ننتحر» عنوان غير مألوف لفقرة كوميدية مسائية، لكن الفنان الكوميدي البريطاني كارل دونلي، أبلى بلاءً حسناً فيما يبدو بتناول قضية بيئية في توقيت مثالي. فمع الانخفاض القياسي اليومي لدرجات الحرارة خلال الموجة الحارة الأوروبية، الأسبوع الماضي، بدا الجمهور في حانة بشرق لندن مهيأ على نحو خاص للإعجاب بقفشات دونلي الفكاهية التي تناولت المخاطر الوجودية لتغير المناخ.
هذا التوقع لعالم أكثر حرارة بكثير يسلط الضوء على المخاطر المحدقة خلال مرحلة حاسمة من المحادثات لتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، في مسعى جماعي لدرء الانهيار المناخي. وتظهر الدراسات المتعاقبة الأضرار المناخية من أحوال الطقس القاسية إلى ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحر، بما يتجاوز التوقعات الأولية، لذلك لا توجد أمام المفاوضين فسحة كبيرة لتحويل التطلعات المتفق عليها في باريس إلى نتائج ذات معنى.
وقالت سو ريد نائبة مسؤول المناخ والطاقة في «سيريس»، وهي جماعة أميركية لا تهدف إلى الربح، وتعمل على توجيه الشركات والمستثمرين إلى طريق أكثر استدامة، «هناك أمور كثيرة على المحك خلال الشهور الـ18 المقبلة».
وأضافت لـ«رويترز»: «هذه فترة حاسمة للمسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص على حد سواء لتحويل دفة الانبعاثات بالفعل». وفي أكتوبر (تشرين الأول)، نبهت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والمدعومة من الأمم المتحدة، إلى ضرورة بدء خفض الانبعاثات العام المقبل في أبعد تقدير حتى تكون هناك فرصة لتحقيق الهدف من اتفاقية باريس، وهو إبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.
وفي ظل الانبعاثات الحالية التي تدفع درجات الحرارة إلى الارتفاع أكثر من 3 درجات، يعمل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على انتزاع التزامات أكبر من الحكومات قبل قمة مقررة في نيويورك في سبتمبر (أيلول).
ويقول غوتيريش إن عدم خفض الانبعاثات سيكون بمثابة عملية «انتحارية»، ويريد حشد الزخم قبل جولة جديدة من المحادثات المناخية في تشيلي في ديسمبر (كانون الأول). وبحلول وقت انعقاد قمة تكميلية كبيرة في بريطانيا أواخر عام 2020، من المفترض أن تكون هناك خطط، ولو من الناحية النظرية، لخفض الانبعاثات العالمية إلى النصف خلال السنوات العشر المقبلة.
وقالت تيسا خان، وهي محامية دولية في مجال تغير المناخ وأحد مديري شبكة معنية بالحد من آثار الظاهرة، «سنشهد خلال فترة عام ونصف العام دبلوماسية مناخية بكثافة لم نشهدها منذ توقيع اتفاقية باريس». ومع تعزيز الجهود الدبلوماسية لم تقدم أحدث الدراسات العلمية ما يُثلج صدور المفاوضين.
ويرى خبير المناخ الأميركي مايكل مان، أنه ينبغي خفض الانبعاثات بما يتجاوز كثيراً ما تريده الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لأن الهيئة ربما تستهين بمدى ارتفاع درجات الحرارة بالفعل مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. وأضاف مان مدير مركز علوم نظام الأرض في جامعة ولاية بنسلفانيا: «عملنا بهذا الشأن يشير إلى أننا ربما نحتاج إلى تقليص استهلاك الكربون بنسبة 40 في المائة مقارنة بما تشير إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إذا أردنا عدم تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية».
لكن الدول صاحبة الاقتصادات الكبيرة لم تلتفت حتى الآن. وعلى الرغم من تشديد بريطانيا التزامها باتفاقية باريس في يونيو (حزيران) بتعهدها بوقف انبعاثات الكربون تماماً بحلول عام 2050، فإنها لا تزال بعيدة عن التأهب لدخول معترك المناخ مع انشغالها بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، تراجع مسعى تقوده فرنسا وألمانيا لتبني الاتحاد الأوروبي لهدف مشابه إلى مجرد ملحوظة فرعية في بيان خلال قمة في بروكسل، بعد معارضة بولندا وجمهورية التشيك والمجر. ولا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ملتزماً بانسحاب بلاده، ثاني أكبر دولة مسببة للانبعاثات في العالم، من اتفاقية باريس تماماً.
«هيا ننتحر» عمل كوميدي يتناول قضية التغيّر المناخي
بعد موجة حرّ قياسية ضربت أوروبا
«هيا ننتحر» عمل كوميدي يتناول قضية التغيّر المناخي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة