اتفاق بين الأمم المتحدة والسلطة وتل أبيب بشأن إعمار غزة

أول قذيفة هاون على إسرائيل منذ انتهاء الحرب.. وحماس تنفي مسؤوليتها

سامانثا باور المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع لبحث اتفاق إعادة إعمار غزة أمس (أ.ف.ب)
سامانثا باور المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع لبحث اتفاق إعادة إعمار غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفاق بين الأمم المتحدة والسلطة وتل أبيب بشأن إعمار غزة

سامانثا باور المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع لبحث اتفاق إعادة إعمار غزة أمس (أ.ف.ب)
سامانثا باور المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع لبحث اتفاق إعادة إعمار غزة أمس (أ.ف.ب)

توصلت الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى اتفاق بشأن بدء إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة، يتضمن إعطاء دور قيادي للسلطة في إدارة العمليات، مع مراقبة المنظمة الدولية استخدام المواد التي تدخل القطاع.
وقال مبعوث الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، روبرت سري، أمس، إن الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية توصلوا لاتفاق للسماح ببدء أعمال إعادة الإعمار في قطاع غزة الذي مزقته الحرب، مع مراقبة المنظمة الدولية استخدام المواد.
وأوضح سري لمجلس الأمن الدولي، أن الأمم المتحدة توسطت في الاتفاق: «لإتاحة العمل على النطاق اللازم في القطاع، بما يشمل القطاع الخاص في غزة، وإعطاء دور قيادي للسلطة الفلسطينية في جهد إعادة الإعمار، مع تقديم تأكيدات أمنية، من خلال مراقبة الأمم المتحدة، أن تلك المواد لن تحول عن غرضها المدني الكامل». وتسعى إسرائيل إلى مراقبة دقيقة على مواد البناء التي تدخل القطاع تحديدا، خشية استخدامها في تشييد الأنفاق من قبل حركة حماس.
وفي غضون ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، إن آلية مشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة ستبدأ، في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، مراقبة عملية إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، مما سيتيح الشروع في ترميمه. وأضاف أن «إسرائيل، من جانبها، شرعت في تطبيق تسهيلات من دون انتظار مباحثات القاهرة، بما في ذلك توسيع منطقة صيد الأسماك إلى 6 أميال من سواحل القطاع، وزيادة عدد الشاحنات التي تمر عبر معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) إلى 380 شاحنة يوميا مقارنة مع 240 شاحنة يوميا في الماضي».
وفي رام الله، قالت الحكومة الفلسطينية إنها لم تتسلم أي مبالغ من الدول المانحة حتى الآن لإعادة إعمار قطاع غزة. وأكدت في بيان أنها «تعمل، بالتنسيق مع الهيئات والمنظمات الدولية، من أجل تنفيذ جهود الإغاثة العاجلة لأبناء شعبنا في قطاع غزة، ريثما تتمكن الحكومة من تأمين المساعدات المالية لإعادة الإعمار، من خلال مؤتمر إعادة الإعمار المقرر عقده بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».
وأكدت الحكومة إطلاق برنامج الإغاثة والسكن المؤقت الذي شرع فيه فعلا بالتعاون والتنسيق بين الحكومة ومؤسسات الأمم المتحدة وبعض الدول المانحة، وإعلان بدء قبول طلبات المدمَّرة منازلهم بشكل كامل لتقديم المساعدة المالية لهم، والاتفاق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) على تغطية الجزء الخاص باللاجئين، على أن توفر الحكومة الجزء الباقي، وإطلاق برنامج الإنعاش المبكر.
وجاء بيان الحكومة ردا على اتهامات من عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق، قال فيها إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو «أول من اعترض على رفع الحصار عن قطاع غزة»، مضيفا أن «السلطة الفلسطينية تستطيع أن تبدأ بخطوات إعمار قطاع غزة، وبناء ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، دون انتظار مؤتمر المانحين المقرر عقده بالقاهرة، في الـ12 من الشهر المقبل، لأنها تلقت أموالا كثيرة تمكنها من بدء إعمار قطاع غزة».
وردت فتح أمس على أبو مرزوق، قائلة إن اتهاماته «معيبة». وقال المتحدث باسم الحركة فايز أبو عيطة، في بيان، إن اتهامات أبو مرزوق لعباس برفض رفع الحصار عن قطاع غزة «مرفوضة ومعيبة، وهي اتهامات لا تحل مشاكل قطاع غزة ولا ترفع عنه الحصار».
واتهمت فتح حركة حماس بتسلم مبلغ 700 مليون دولار أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع، «ولم توصلها لمستحقيها». وطالب الناطق باسم فتح، أحمد عساف، قيادة حركة حماس، «بإيصال هذه الأموال لأصحابها من عائلات الشهداء والجرحى والنازحين عن بيوتهم»، محذرا من استغلال ظروف الحرب والقتل والدمار لجمع الأموال على حساب دماء أطفال فلسطين.
وفي تطور لاحق، أمس، قال الجيش الإسرائيلي إن قذيفة هاون أطلقت على جنوب إسرائيل من قطاع غزة، أمس، في أول هجوم من نوعه منذ هدنة 26 أغسطس (آب) التي أنهت الحرب. وقالت متحدثة باسم الجيش إنه لم تحدث أي خسائر بشرية ولا مادية بسبب القذيفة. ومن جانبها، نفت حماس مسؤوليتها عن الهجوم وقالت إنها لا تعرف شيئا عنه، وأكدت أن «الفلسطينيين ما زالوا ملتزمين بالهدنة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.