تأهب أميركي ـ تركي شمال سوريا بعد فشل مفاوضات «المنطقة الأمنية»

خلافات عميقة حول «الوحدات» الكردية حالت دون التوصل إلى تفاهمات

جندي على عربة أميركية قرب منبج شمال سورية (أ.ب)
جندي على عربة أميركية قرب منبج شمال سورية (أ.ب)
TT

تأهب أميركي ـ تركي شمال سوريا بعد فشل مفاوضات «المنطقة الأمنية»

جندي على عربة أميركية قرب منبج شمال سورية (أ.ب)
جندي على عربة أميركية قرب منبج شمال سورية (أ.ب)

ما إن انتهت المحادثات الأخيرة للوفد الأميركي برئاسة السفير جيمس جيفري مع المسؤولين الأتراك في أنقرة قبل أيام، إلى الفشل حتى ذهب كل طرف إلى الميدان بحشد قواته وفصائل موالية له على خطوط التماس. أنقرة تريد الضغط على واشنطن، والأخيرة تريد «ردع» الجيش التركي.
الجولة الأخيرة من المفاوضات كشفت عمق الفجوة بين موقفي واشنطن وحلفائها في «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية من جهة وأنقرة من جهة أخرى إزاء إقامة «منطقة أمنية» شمال شرقي سوريا وبدرجة أقل حول تطبيق «خريطة الطريق» في منبج شمال حلب.
بالنسبة إلى «المنطقة الأمنية» التي اقترحها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اتصال هاتفي نهاية العام الماضي، هناك عقد تتعلق بعمقها والسيطرة عليها ومصير «وحدات حماية الشعب» الكردية، المكون الرئيسي في «قوات سوريا الديمقراطية». وهنا مواقف الأطراف من كل عقدة:

- عمق «المنطقة الأمنية»
تطالب أنقرة التزام تعهد الرئيس ترمب لنظيره التركي بأن يكون العمق 20 ميلاً ما يعني بين 30 و35 كلم على أن تمتد على طول الحدود من جرابلس على نهر الفرات إلى فش خابور على نهر دجلة قرب حدود العراق.
لكن واشنطن، أبدت استعدادها لمنطقة بعمق خمسة كيلومترات مع احتمال قبول عمق 14 كيلومترا في بعض المناطق شرط الالتفاف على بعض المدن والمناطق الكردية وألا تشمل القامشلي وألا تمتد في شكل كامل بين جرابلس وفش خابور، في وقت تتمسك «قوات سوريا الديمقراطية» بعمق خمسة كيلومترات فقط، وتشترط عدم ضم أي بلدة أو مدينة ذات غالبية كردية. ويعني موقف واشنطن و«قوات سوريا الديمقراطية» التمسك بعمق خمسة كيلومترات نسخ «اتفاق أضنة» بين دمشق وأنقرة للعام 1998 الذي سمح للجيش التركي بملاحقة «حزب العمال الكردستاني» بعمق خمسة كيلومترات شمال سوريا.

- مصير «الوحدات»
تطالب أنقرة بإخراج عناصر «الوحدات» الكردية من «المنطقة الأمنية»، إضافة إلى إخراج جميع السلاح الثقيل الموجود في المنطقة الذي قدمه التحالف الدولي ضد «داعش» إلى حلفائه العرب والأكراد في «قوات سوريا الديمقراطية». ووافقت واشنطن على إبعاد «الوحدات» الكردية وأنواع محددة من السلاح الثقيل. وقال مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» قبل يومين: «سنسحب كافة الأسلحة الثقيلة التي يصل مداها إلى داخل تركيا، مثل المدافع والدبابات، حتى إننا نمتلك أسلحة يصل مدى رميها إلى 20 كلم، سنسحبها هي أيضاً إن كانوا (الأتراك) يقولون بأنها تشكل تهديداً».

- السيطرة على «الأمنية»
تطالب أنقرة بدور رئيسي للجيش التركي وإمكانية التوغل وملاحقة «الإرهابيين»، فيما تقترح واشنطن إقامة دوريات مشتركة على الحدود السورية - التركية كما هو الحال في أطراف منبج مع بقاء السيطرة الجوية للتحالف الدولي ضد «داعش».
من جهتها، تطالب «قوات سوريا الديمقراطية» بدوريات من قوات محايدة. وقال عبدي: «يجب أن تكون هذه القوات الدولية من ضمن التحالف الدولي أو من قوة دولية أخرى، فالدولة التركية هي طرف في مسألة الحدود هذه ونحن نطالب بجهة حيادية».
تريد أنقرة أن تكون إدارة المناطق في «المنطقة الأمنية» لأهلها بحيث تكون القيادة عربية في المناطق العربية وكردية في المناطق الكردية من دون هيمنة لـ«الوحدات»، الأمر الذي توافق عليه واشنطن. لكن هناك خلافا في تفسير «السكان المحليين». من جهتها، تقول «قوات سوريا الديمقراطية» بأن «القوات المحلية تعني أن تكون من أهالي وأبناء كوباني (عين العرب) وسري كانيه (رأس العين) وقامشلو (قامشلي) وكري سبي (تل أبيض) وصولاً إلى ديريك (المالكية)».

- منبج
قياسا إلى العقد في إقامة «المنطقة الأمنية»، تبدو الخلافات إزاء تطبيق ما تبقى من «خريطة منبج» أقل عمقاً. وتقول أنقرة بضرورة إخراج ألف عنصر من «الوحدات» الكردية إلى شرق الفرات وتشكيل مجلس مدني جديد بدل المجلس الحالي وتسيير دوريات مشتركة عبر حدود التماس، فيما تقول واشنطن بأن عناصر «الوحدات» خرجوا من منبج وأن الموجودين هم مقاتلون محليون وأن المجلس المحلي منتخب ويمثل أهالي المنطقة. وقال عبدي بدوره: «خروج تركيا من عفرين شرط أساسي لقبولنا بمشاركة تركيا في دوريّات مراقبة الحدود». وبعد انتهاء المحادثات الأميركية - التركية من دون اختراق، واصلت أنقرة تصعيد موقفها سياسيا وحشد قواتها وفصائل موالية على الحدود. وفتح الجيش التركي ثغرات قرب الحدود في مناطق مقابلة لتل أبيض وأبلغ فصائل سوريا معارضة بالاستعداد لمعركة شرق الفرات. كما حشدت قواتها على أطراف منبج. في المقابل، زار قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي شرق الفرات كما عزز التحالف دورياته في تل أبيض ومدن كردية ومناطق أخرى لإيصال رسال عدة بينها «ردع» تركيا.
أمام الحشد العسكري، الأميركي والتركي، شرق الفرات واستمرار التصعيد السياسي بعد فشل المحادثات حول «المنطقة الأمنية» و«خريطة منبج» وسط بيئة من التوتر بين واشنطن وأنقرة حول صفقة «إس 400» الروسية وملفات داخلية تركية وإقليمية تخص إيران والعراق، لا تزال العلاقة الشخصية بين ترمب وإردوغان «تضبط إيقاع» التوتر.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.