السلطات الإسرائيلية تحجب المياه عن كنيسة

نيران حريق تهدد حياة الرهبان

TT

السلطات الإسرائيلية تحجب المياه عن كنيسة

توجه مندوب الفاتيكان في إسرائيل بنداء طارئ إلى الحكومة الإسرائيلية، يطالبها فيه بوضع حد لإهمال كنيسة التجلي في جبل طابور، الذي كاد يؤدي في نهاية الأسبوع إلى مقتل 12 راهباً حرقاً. وقال الأب فرنسيسكو فاتون، مسؤول حراسة الأراضي المقدسة في القدس، أمس، إن تعامل السلطات الإسرائيلية مع الكنيسة يعتبر غريباً في فظاظته، إذ إنها «تصر على عدم تزويد الدير والكنائس المحيطة بالماء بشكل منظم، وتجعلنا نشرب الماء بطريقة العصور القديمة، من الآبار».
وجاء هذا التوجه في أعقاب نشوب حريق هائل في جبل طابور، المقدس لدى المسيحيين، مساء الخميس الماضي. وقال الأب فاتون: «لقد كان من الممكن السيطرة على الحريق وهو في بدايته، لو كانت توفرت لنا المياه بكميات مناسبة. ولكن غياب الماء أتاح انتشار النيران في الحرج كله، لدرجة باتت تهدد حياة الرهبان. وبدلاً من الانشغال في إخماد الحريق، راحت طواقم الإطفاء تنشغل في إنقاذ أرواح رهباننا الـ12».
المعروف أن جبل طابور هو المكان الذي يوجد فيه كنيستان كبيرتان، وديران بنيا منذ مطلع القرن التاسع عشر. والمكان يعج بالسياح والحجاج الذين يزورونه لأداء الصلوات، بمعدل 2500 حاج كل يوم. ولكن السلطات الإسرائيلية تهمل المكان، فالطريق من سفح الجبل إلى قمته، المرتفعة 588 متراً فوق سطح البحر، ضيقة ومهشمة وخطرة، ولا تستطيع الحافلات الكبيرة السير فيها. والكنيستان، الكاثوليكية والأرثوذكسية، والديران المبنيان على قمته، تعاني من نقص شديد في البنى التحتية، فلا يوجد صرف صحي ولا مجارٍ، والكهرباء غير كافية، والماء يتوفر في الآبار، مما يتم جمعه من أمطار الشتاء، وتظهر كما لو أنها أبنية قديمة مهملة.
ويقول المحامي فريد جبران، مندوب مؤسسة «حراسة الأرض المقدسة»، إن السياحة هنا تدر أموالاً طائلة على الدولة، حيث يزوره في السنة نحو مليون سائح، يدرون على صندوق الدولة نحو مليار دولار في السنة. ومع ذلك، تبخل الوزارات على هذا المكان، ولا تصرف مليماً على تطويره ومنحه مكانته اللائقة. وأضاف: «فوق هذا كله، فإن القانون يوفر الحق لكل مواطن بأن يشرب، ولا يجوز حرمان البشر من هذا الحق لأي سبب كان. لكن الحكومة الإسرائيلية ترفض القيام بواجبها هذا، وتطلب من الكنيسة أن تمول بنفسها هذا المشروع». واعتبر جبران تصرف السلطات الإسرائيلية مساساً بحرية العبادة، قائلاً: «فلا يكفي أن تتيح للناس أن يتحملوا شقاء الوصول إلى هنا بحرية. حرية العبادة هي أن يصل الناس والحجاج إلى هنا وقد توفرت لهم كل أسباب الراحة والصحة. لكن ما يحدث هنا الآن هو ليس فقط الإهمال، بل تعريض حياة الرهبان والحجاج للخطر».
وكانت مؤسسة حراسة الأراضي المقدسة، المسؤولة عن كنيسة التجلي، قد أصدرت بياناً حول الحريق، قالت فيه إن «الحريق الضخم وانتشار النيران بالقرب من الكنيسة على جبل الطور، وإجلاء الرهبان من الجبل، هو نتيجة مباشرة لإهمال الدولة، وللبنية التحتية التعيسة. فلا توجد مياه أو إمدادات للمياه منتظمة، رغم أن الكنائس المسيحية حذّرت مراراً السلطات الإسرائيلية، وطيلة سنوات، من نتائج كهذه، وطالبنا بإمدادات المياه إلى أعلى الجبل، كما ينص القانون، وتوجهنا إلى الوزارات المطلوبة، ولم يفعلوا شيئاً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم