برحيل الكاتب والصحافي والمؤلف فاروق لقمان، الذي ودع الحياة أمس السبت، بعد معاناة طويلة مع المرض عقب تعرضه لجلطة دماغية قبل عامين، تنطوي صفحة ناصعة في تاريخ الصحافة العربية، حيث عُدّ الراحل رائدها وأحد فرسانها، وسجل فيها حضوراً وسبقاً، وخصوصاً تلك الصادرة باللغة الإنجليزية، حيث ساهم الراحل في تأسيس ورعاية أول صحيفة سعودية صادرة باللغة الإنجليزية، تخطى انتشارها حدود دول الجزيرة العربية والخليج إلى معظم دول الشرق الأوسط.
كما عد الراحل مؤسساً لما يمكن وصفه: «المدرسة الصحافية الحديثة في كتابة العمود اليومي»، وقاد نجاح فاروق لقمان في أعماله الصحافية اللافتة خلال المحطات التي عمل بها، دارساً للعلوم السياسية، والصحافية، وممارساً لها إلى وصفه بـ«سندباد» الصحافة.
في حياة الراحل فاروق لقمان محطات كثيرة شكلت مسار حياته وأعماله، وصنعت تميزه وحضوره، بدءاً من دراسته في عدن مراحل التعليم العام إلى ذهابه إلى الهند لدراسته الجامعية فيها سائراً بذلك على خطى والده، ثم توجهه إلى أميركا ليحصل من إحدى جامعاتها العريقة على الماجستير في الصحافة، ليعود إلى عدن ويعمل في دار نشر تابعة لأسرته، جنباً إلى جنب: مراسلاً لصحف أجنبية مرموقة، ثم يحمل حقائبه إلى السعودية ويستقر فيها بعد قرار تأمين الصحافة في عدن ومصادرة دار نشر أسرته التي عمل بها، ويسهم من جدة في منتصف السبعينيات في إصدار أول صحيفة سعودية ناطقة بالإنجليزية ويرعاها وليده، ثم يصبح رئيساً لتحريرها ويحلق بها في الآفاق ويصل بقرائها إلى مختلف دول الشرق الأوسط.
اختير بعد ذلك مديراً لتحرير صحيفة «الاقتصادية»، ثم مديراً لمركز التدريب الصحافي التابع للشركة السعودية للأبحاث والنشر الذي أقرته الشركة لتدريب الصحافيين على فن الاحتراف الصحافي سواء المكتوب بالعربي أو الإنجليزي، وقد استفاد من هذه الدورات الكثير من الصحافيين الذين أصبح أكثرهم نجوماً، كما أطل الراحل على قراء جريدة «الشرق الأوسط» أواخر الثمانينات من خلال عموده اليومي «عالم بلا حدود»، وعد هذا العمود الأبرز والأكثر قراءة في الصحافة العربية، وجاءت لغة عموده القصير بأسلوب سلس ومفردات جميلة وخيال رحب، متنقلاً بين موضوعات عدة ومتنوعة، وجاء طرحه لينم عن ثقافة واسعة وحس صحافي عالٍ وقدرة عجيبة على الاختزال.
شغف الراحل فاروق لقمان بالصحافة مبكراً، خصوصاً أنه سليل إحدى القامات الصحافية العدنية، حيث إن والده محمد علي لقمان مؤسس أول صحيفة عدنية صدرت في الأربعينيات وهي صحيفة «فتاة الجزيرة»، وتوقفت في السنة الأولى من الاستقلال الوطني عام 1967م، وكتب فيها المقالة، والقصة الإخبارية، وحاور المئات من القادة السياسيين، ورؤساء الحكومات، والبارزين من ذوي الحضور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني، وجال من أجل ذلك مختلف دول العالم. وبالإضافة إلى حضوره المميز والقوي في الصحافة، فإن الراحل دخل عالم التأليف والحكاية، حيث طرح تجربته ونتاجه الصحافي الطويل في كتب هي: عالم بلا حدود بجزأيه، وتوابل هندية، وبصمات.
العدني فاروق لقمان... «سندباد» مهنة المتاعب و«عرّاب» الصحافة الإنجليزية غطّى قلمه ورحل
أطل على قراء «الشرق الأوسط» عبر عالم بلا حدود
العدني فاروق لقمان... «سندباد» مهنة المتاعب و«عرّاب» الصحافة الإنجليزية غطّى قلمه ورحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة