تونس تودّع رئيسها السبسي «مهندس الوفاق الوطني»

في جنازة وطنية رسمية وشعبية

جانب من مراسم تشييع الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي (أ.ف.ب)
TT

تونس تودّع رئيسها السبسي «مهندس الوفاق الوطني»

جانب من مراسم تشييع الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي (أ.ف.ب)

بدأت اليوم (السبت)، مراسم تشييع جثمان الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي في جنازة وطنية رسمية انطلقت من القصر الرئاسي بضاحية قرطاج بالعاصمة.
وتودع تونس اليوم أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي في البلاد، في جنازة دولة يحضرها عدد من قادة العالم وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأعلنت الرئاسة يوم (الخميس) الماضي وفاة السبسي، الذي ساعد في قيادة الانتقال الديمقراطي في البلاد بعد انتفاضة 2011، عن 92 عاماً.
وانطلقت الجنازة من قصر قرطاج بحضور قادة عدد من الدول من ضمنهم الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى مسؤولين كبار من عدة دول عربية وأوروبية وأفريقية.
وفي كلمته خلال مراسم التشييع، وصف الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر، السبسي، بأنه «مهندس الوفاق الوطني»، مشدداً على دوره في «تأمين الانتقال الديمقراطي واستقرار البلاد».
وأكد الناصر أن السبسي تحمل المسؤولية في ترسيخ قيم الحرية وكان حريصاً على نجاح الخيار الديمقراطي والتوافق الوطني.
من جانبه، أكد الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح في كلمته أن رحيل السبسي خسارة ليس للعائلة وتونس فقط بل للجزائر والعرب وكافة محبي السلام في العالم، مشيراً إلى أنه رأي في الفقيد «الرجل المدافع عن الحق والعدالة».
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن السبسي هو الذي حمى تونس واستقرارها وديموقراطيتها فى أصعب الظروف، مشيرا إلى أن رحلة العودة الفلسطينية بدأت من تونس.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الرئيس الراحل كان مناضلا وعظيما ولديه قدرة على الإقناع، مشيراً إلى أنه تعلم منه الكثير من الحكمة. وأضاف أن السبسي تحمل من أجل بلاده الكثير. فيما قال رئيس البرتغال مارسيلو دى سوزا إن السبسي «غيّر التاريخ».
وشددت السلطات إجراءاتها الأمنية وأغلقت طرقاً كثيرة سيمر عبرها موكب جنازة الرئيس الراحل أو بالقرب منها، وانتشرت قوات الأمن في أغلب مناطق العاصمة وقرب مقبرة «الجلاز»، حيث سيدفن السبسي.
وشهدت الجنازة أيضاً مشاركة عدد كبير من المواطنين التونسيين وذرف كثير منهم الدموع خلال مراسم التشييع.
وكان السبسي شخصية بارزة في تونس منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011 في انتفاضة أعقبتها انتفاضات في أرجاء الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر وليبيا وسوريا.
وبعد توليه منصب رئيس الوزراء في عام 2011 انتخب السبسي رئيساً بعد 3 سنوات، ليصبح أول رئيس للبلاد يتم اختياره عبر الاقتراع المباشر بعد انتفاضة الربيع العربي. وأسس حزب نداء تونس الذي يشارك في الحكومة الائتلافية.
وبعد بضع ساعات من وفاة السبسي يوم الخميس، أدى رئيس البرلمان محمد الناصر اليمين رئيساً مؤقتاً للبلاد في انتقال سلس للسلطة، وبعد ذلك بقليل قالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن انتخابات الرئاسة ستجري في 15 سبتمبر (أيلول)، بعد أن كانت مقررة في 17 نوفمبر (تشرين الثاني).
ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية في 6 أكتوبر (تشرين الأول).



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».