النفط.. في مواجهة عواصف السياسة والتحولات العالمية

انخفضت أسعاره رغم أزمات «داعش» وأوكرانيا.. وتوقعات المدى الطويل إيجابية

النفط.. في مواجهة عواصف السياسة والتحولات العالمية
TT

النفط.. في مواجهة عواصف السياسة والتحولات العالمية

النفط.. في مواجهة عواصف السياسة والتحولات العالمية

تبدو مسألة تراجع أسعار النفط إلى ما دون المائة دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 16 شهرا محيرة بعض الشيء للخبراء في السوق مع الكثير من التكهنات حول أسباب التراجع ومدى استمراريته في المدى المنظور.
وبينما تبدو التوقعات سلبية حتى نهاية عام 2015، فإن توجهات المدى الطويل تبدو إيجابية مع نشاط ملحوظ لتخزين النفط من مستثمرين ومضاربين. على الساحة السياسية والأمنية يعزز الوضع الحالي ارتفاع أسعار النفط وليس انخفاضها خصوصا مع توسع نشاط «داعش» الإرهابي المنتشر في سوريا والعراق وتشكيل التحالف الدولي الذي ينوي إضعاف «داعش» ثم تدميره. ثم هناك الأزمة الأوكرانية وتبادل العقوبات بين روسيا والغرب، والوضع الأمني المتردي في اليمن وليبيا. لكن الواقع يشير إلى تراجع أسعار النفط بنسبة ملحوظة خلال هذا الصيف، مع توقع استمرار التراجع لمدة 15 شهرا أخرى. فما هي أسباب هذا التراجع، وماذا تقول عنه أوساط الصناعة خصوصا من قطبيها، منظمة «أوبك» من ناحية، ووكالة الطاقة الدولية من ناحية أخرى؟
تقرير «أوبك» الأخير الصادر من فيينا هذا الشهر أكد تراجع أسعار سلة «أوبك» بمعدل 4.86 دولار للبرميل خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وعلل الانخفاض بوجود «إمدادات جيدة في السوق مع تراجع في الطلب». ويبدو التوجه العام لأسعار النفط حاليا مائلا نحو الهبوط التدريجي على الرغم من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وإنجاز اقتصادي عالمي لم يتغير كثيرا هذا الصيف، ويبدو هشا في أوروبا ومتراجعا في الصين.
وفي ما يتعلق بالإنجاز الاقتصادي الدولي والطلب العالمي على النفط، يشير تقرير المنظمة إلى تفاوت الإنجاز الاقتصادي بين انتعاش ملحوظ في السوق الأميركية مقابل تراجع وتحديات في منطقة اليورو وكساد في اليابان، والنتيجة الإجمالية هي نسبة نمو في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قدرها 1.8 في المائة في عام 2014، ترتفع إلى نسبة اثنين في المائة في عام 2015. ونتيجة لذلك من المتوقع أن يظل الطلب العالمي الحالي بلا تغيير، ويرتفع بنحو 1.19 مليون برميل يوميا في العام المقبل. وتعد هذه الزيادة أقل من التوقعات السابقة.
وفي ناحية الإمدادات، وصل إنتاج «أوبك» في شهر أغسطس الماضي إلى 30.35 مليون برميل يوميا، بينما زاد الإنتاج من مصادر خارج «أوبك» بنحو 1.58 مليون برميل يوميا. وبوجه عام تبدو الإمدادات أكثر من كافية للطلب العالمي مع مخزون استراتيجي جيد.

* ضعف الطلب
* على الجانب الآخر من المعادلة، أصدرت وكالة الطاقة الدولية، التي تمثل جانب المستهلكين، تقريرها هذا الأسبوع، وقدرت فيه تراجع الطلب العالمي على النفط في عامي 2014 و2015 بنحو 0.9 مليون برميل يوميا، و1.2 مليون برميل يوميا على التوالي، وذلك بسبب «تراجع ملحوظ في نمو الطلب خلال الربع الثاني من العام الحالي وضعف توقعات الطلب من أوروبا والصين». وقالت الوكالة إن الإمدادات العالمية انخفضت بنحو 400 ألف برميل يوميا في شهر أغسطس إلى 92.9 مليون برميل يوميا، وهو انخفاض كانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت عنه من إنتاجها قبل أن تعلنه وكالة الطاقة.
وعلى الرغم من ادعاء صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن السعودية «خفضت إنتاجها بنحو 400 ألف برميل يوميا من أجل الدفاع عن سعر مائة دولار للبرميل»، فإن مصادر أخرى أشارت إلى أن السبب قد يكون لأسباب صيانة أو لتلبية إمدادات الطب المحلي المتزايد أو حتى لاستعادة التوازن في السوق العالمية والمساهمة في استقرار الأسعار. فالمعروف أن السعودية تلعب دور المنتج المرن في الأسواق للمحافظة على التوازن أثناء الفترات غير العادية ارتفاعا أو انخفاضا في السوق. وعلى الرغم من أن منظمة أوبك لم تعد تتحكم إلا في ثلث الإنتاج العالمي، كما أن بورصات النفط العالمية تحدد الأسعار على مدار الساعة من خلال التعاقدات الفورية والآجلة، فإن هناك العديد من المصادر الغربية ما زالت تصر على الإشارة إلى «أوبك» على أنها مجرد «كارتيل» للتحكم في الأسعار ورفعها اصطناعيا. هذه النظرة التي تعود إلى عقد الثمانينات لم تعد مقنعة وترد عليها الدول المنتجة بمنطق أكثر واقعية.
وفي تقرير لوكالة «رويترز»، جاء أن الأسعار السائدة حاليا لن تستمر طويلا، وأنها سوف تعاود الارتفاع قريبا. وأضاف التقرير أن السعر المطلوب لدعم ميزانيات دول في أوبك مثل العراق لا يقل عن 106 دولارات للبرميل. ويزيد هذا السعر المطلوب لموازنة ميزانية روسيا إلى 114 دولارا للبرميل. من ناحية أخرى، صرح وزير النفط الإيراني نامدار زنغنه، الشهر الماضي، بأن الضعف الحالي في أسعار النفط والذي أسفر عن فقدان 13 في المائة من سعر البرميل إلى أقل من مائة دولار يوميا، لن يستمر طويلا، وسوف يعود إلى مستواه الطبيعي مع حلول فصل الشتاء.
وقال خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» السعودية، إن الأسعار يجب ألا تقل عن مستوياتها الحالية من أجل المحافظة على معدلات الاستثمار الموجهة لتلبية حاجات المستقبل من النفط. وأضاف الفالح في مؤتمر نفطي أن نشاط التنقيب عن مصادر نفطية جديدة يحتاج إلى مستويات أسعار تدعم الاستثمارات الجديدة، وأن الأسعار على المدى الطويل تعتمد على استمرار موارد النفط من مواقع أكثر كلفة.

* البحث عن مشترين
* السؤال المحير لخبراء السوق هو تحولات المدى القصير من الآن وحتى صيف عام 2015. وهنا تبدو الصورة غير مشجعة وفقا لتقرير من «وول ستريت جورنال» يشير إلى أن بعض ناقلات النفط المحملة في أعالي البحار تبحث عن مشترين بخفض الأسعار مرارا. كذلك فإن العديد من المضاربين الذين اشتروا تعاقدات آجلة في شهر يونيو (حزيران) الماضي بتوقعات أعلى للأسعار بعد انتشار «داعش» في أرجاء العراق واستيلاء مسلحيها على بعض آبار النفط، أخذوا في تصفية مواقعهم بخسائر في التعاقدات مع تراجع الأسعار في أغسطس. وقالت أرميتا سين، محللة النفط في شركة «إنرجي اسبيكتس» في لندن، إن الوضع الحالي متأثر بالطلب الضعيف، وإن الإمدادات الإضافية تزيد الوضع سوءا للأسعار. وهي ترى صعوبة في الخروج من الوضع الحالي قريبا.
وزاد الطين بلة أن الاتحاد الأوروبي أعلن الشهر الماضي أن نسبة النمو الاقتصادي في منطقة اليورو سوف تكون منعدمة خلال الربع الثاني من العام الحالي. وظل الطلب على النفط من المصافي الأوروبية ضعيفا خلال الأشهر الستة الماضية. ومع توافر الإمدادات تراجع العامل النفسي من مخاوف أعمال عنف في الشرق الأوسط وشرق أوروبا من شأنها تعطيل إمدادات النفط من هذه المناطق.
ويقول جين ماغيلان، من شركة «تراديشنال إنرجي» في مدينة ستانفورد بولاية كونيتكت، إن العامل المؤثر في المعادلة الآن هو حجم الطلب الغربي، والأوروبي على وجه الخصوص، والذي تحتاج الأسواق إلى المزيد منه من أجل سحب الفوائض غير المباعة من الأسواق. ويضيف أنه لاحظ زيادة المضاربات في أسواق بورصات النفط على المزيد من تراجع الأسعار في المدى المنظور. وهو يرى أن المضاربين يبنون توقعاتهم على استمرار ضعف الطلب الأوروبي وتراجع نسب النمو الاقتصادي في الصين.
ويلاحظ المضاربون أيضا أن النفط الليبي الذي كان قد تراجع إلى أقل من النصف في ذروة الأزمة الليبية وإغلاق الموانئ، قد عاد بقوة إلى مستوياته السابقة. ويجري الآن استئناف تحميل الناقلات من ميناءي راس لانوف وسدر.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»