فاروق الفيشاوي يرحل... تاركاً «ألوانه السبعة»

فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي
TT

فاروق الفيشاوي يرحل... تاركاً «ألوانه السبعة»

فاروق الفيشاوي
فاروق الفيشاوي

في حركات دائرية تشبه دوامات البحر المتلاحقة، ظل «بكر» راقص «التنورة» ينظر إلى السماء باستجداء، كمن يلتمس طريق الهداية، أو يريد نسيان ماضيه، من خلال الإمعان في الدوران عبر فراغ محسوب، وكلما تخلى عن قطعة من تنورته خلع معها جزءاً من آلامه ومعاناته الحياتية.
راقص التنورة «بكر»، هو الدور الذي لعبه الفنان فاروق الفيشاوي الذي رحل أمس، في فيلم «ألوان السما السبعة» وجمعه بـ«حنان» فتاة الليل التائبة، وجسدت دورها الفنانة ليلى علوي، لتدور مشاهد العمل حول شخص حائر يقف على عتبات التصوف ويسعى لاجتذاب محبوبته إلى دنياه الجديدة.
«ألوان السما السبعة» لم يدم في دور العرض المصرية طويلاً؛ إلاّ أنه من الأعمال غير النمطية التي لعبها الراحل، الذي لم يمهله مرض السرطان أكثر من تسعة أشهر، فرحل عن عمر ناهز 67 عاماً، تاركاً أعمالاً تمثل في مجملها ألواناً مختلفة كألوان الطيف السبعة.
وسط مشاركات لافتة، شُيّعت جنازة الفيشاوي، من مسجد «مصطفى محمود»، بالقاهرة، ليوارى جثمانه الثرى في مسقط رأسه بقرية سرس الليان بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، تنفيذاً لوصيته.
وفيما حضر الجنازة عدد من النجوم والشخصيات العامة، أبرزهم الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، ومحمد هنيدي، وآسر ياسين، وشهيرة، وهالة صدقي، بالإضافة إلى المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والإعلامي محمود سعد، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق عزاء كبير.
...المزيد



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض