مقربون من سيف الإسلام القذافي يستغربون اتهامه في قضية موسى الصدر

مؤسس حراك «مانديلا ليبيا» لـ «الشرق الأوسط» : كان صبياً يلهو في خيمة أبيه

مقربون من سيف الإسلام القذافي يستغربون اتهامه في قضية موسى الصدر
TT

مقربون من سيف الإسلام القذافي يستغربون اتهامه في قضية موسى الصدر

مقربون من سيف الإسلام القذافي يستغربون اتهامه في قضية موسى الصدر

رفض ليبيون مقربون من سيف الإسلام القذافي، مذكرة التوقيف اللبنانية التي صدرت بحق نجل الرئيس الراحل، وقيادات بالنظام السابق، واستغربوا الزج باسمه في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، ورأوا «أنه كان صبياً يلهو في خيمة أبيه».
وقال أحد أعيان قبيلة القذاذفة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «سيف الإسلام كان عمره قرابة 6 سنوات عندما تم الإعلان عن اختفاء الصدر، وبالتالي فإنه (بعيد عن هذه القضية، ولا يعلم تفاصيلها)». وأضاف الشيخ، الذي رفض ذكر اسمه «يكفيهم اعتقال شقيقه هنيبعل بسبب هذه الاتهامات، التي تفتقد إلى الدليل والسند القانوني».
ومنذ أطلقت سراحه «كتيبة أبو بكر الصديق» المسلحة في مدينة الزنتان (جنوب غربي طرابلس) في 11 يونيو (حزيران) 2017 لم يشاهد سيف الإسلام في مكان عام. وتشير تقارير وشخصيات ليبية إلى أنه يوجد في الزنتان ولم يخرج منها.
ورأى عبد المنعم أدرنبة، مؤسس حراك «مانديلا ليبيا» لدعم سيف الإسلام في الانتخابات الرئاسية، في حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس إنه «من المضحك تقديم القضاء اللبناني مذكرة توقيف بحق سيف الإسلام، وعدد من رموز الدولة السابقين»، متسائلا: «كيف يخطط سيف في ذلك التوقيت، وعمره لا يتجاوز 5 سنوات؟ في حين كان عمر شقيقه هنيبعل الموقوف هو الآخر في لبنان عامين... من المؤكد أنهما كان يلهوان في خيمة أبيهما».
وهنيبعل موقوف في لبنان منذ عام 2015، في إطار تحقيقات بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر، عام 1978. وتسلمته السلطات اللبنانية بعد ساعات على إعلان مجموعة مسلحة خطفه بعد استدراجه من سوريا، قبل أن تفرج عنه في منطقة البقاع، شرق لبنان. وظهر هنيبعل في شريط «فيديو» وزعه الخاطفون وهو متورم العينين، وطالب كل من لديه أدلة حول قضية الصدر بـ«تقديمها فورا ومن دون تلكؤ وتأخير».
وقال مؤسس حراك «مانديلا ليبيا»: «وجهنا رسائل إلى 350 محاميا وحقوقيا في لبنان، نطالبهم بالمساهمة في كشف تفاصيل توقيف هنيبعل»، مستغرباً ما سماه «الصمت حيال هذه التهم التي طالت نجلي القذافي».
وكان المحقق العدلي اللبناني، القاضي زاهر حمادة، أصدر مساء أول من أمس، مذكرات توقيف غيابية في حق 10 متهمين ليبيين في قضية اختفاء الصدر، بينهم للمرة الأولى سيف القذافي.
وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية إن «أبرز المطلوب توقيفهم هم، سيف الإسلام معمر القذافي وعبد الله السنوسي وأحمد رمضان الأصيبعي» دون أن تذكر أسماء السبعة الآخرين. وكان الأصيبعي مديراً لمكتب القذافي، وطوال حكمه وصف بأنه «قلمه الخاص». فيما لا يزال السنوسي، رئيس الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي، وصهره، مسجوناً في طرابلس. وتطالب قبيلة المقارحة التي ينتمي إليها بإطلاق سراحه لـ«أسباب صحية»، أسوة بمن سبقوه من رموز النظام. وحُكم على السنوسي بالإعدام عام 2015 لدوره في «قمع الانتفاضة» 2011 في ختام محاكمة اعتبرت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أنها «متسرعة».
وسيف الإسلام، مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب خلال الانتفاضة التي أنهت حكم والده.
وقتل ثلاثة من أبناء القذافي هم معتصم وسيف العرب وخميس، فيما لا يزال الساعدي مسجوناً رغم تبرئته من قبل محكمة في طرابلس من قضايا سابقة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.