السودان يعلن إحباط محاولة انقلابية يقودها رئيس هيئة الأركان المشتركة

المجلس العسكري يتهم «إسلاميين» مدنيين بالمشاركة في إجهاض الثورة

رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب
رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب
TT

السودان يعلن إحباط محاولة انقلابية يقودها رئيس هيئة الأركان المشتركة

رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب
رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب

ألقى الجيش السوداني القبض على عدد من كبار ضباطه، ومدنيين محسوبين على النظام السابق، وعلى رأسهم رئيس هيئة أركان الجيش، بتهمة تدبير «انقلاب» ضد المجلس العسكري الانتقالي، الذي يدير البلاد منذ عزل الرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي، إضافة إلى قادة مدنيين من رموز نظام الإنقاذ.
وقال الجيش في بيان أمس إنه أحبط محاولة انقلابية «فاشلة»، على رأسها رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب، وعدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات، وقيادات من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني البائد، وإنه جرى التحفظ عليهم والتحقيق معهم تمهيداً لتقديمهم للمحاكمات.
وأوضح البيان أن المحاولة الانقلابية أعلن عنها الأسابيع الماضية، موضحا أن جهودا حثيثة بذلت للكشف عن تفاصيلها، وأضاف: «لقد تابعتم في الأسابيع الماضية الإعلان عن محاولة انقلابية فاشلة، وبعد جهود حثيثة ومتابعات من قبل الأجهزة الأمنية، تمكنت من الكشف عن تفاصيل هذا المخطط والمشاركين فيه، وعلى رأسهم الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب أحمد، رئيس الأركان المشتركة، وعدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، برتب رفيعة. إلى جانب قيادات من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني البائد، وقد تم التحفظ عليهم، وجارٍ التحقيق معهم لمحاكمتهم».
وبحسب البيان فإن «المحاولة الفاشلة» تهدف لإجهاض الثورة وإعادة الحكم إلى «حزب المؤتمر الوطني» المعزول، وقطع الطريق أمام تأسيس الدولة المدنية، وقال البيان بهذا الخصوص: «تهدف المحاولة الفاشلة إلى إجهاض ثورتكم المجيدة، وعودة نظام المؤتمر الوطني البائد للحكم، وقطع الطريق أمام الحل السياسي المرتقب، الذي يرمي إلى تأسيس الدولة المدنية التي يحلم بها الشعب السوداني».
وتعهد البيان ببقاء القوات المسلحة (الجيش، وقوات الدعم السريع، والشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات) موحدة، وعدم التهاون فيما سماه البيان «حماية البلاد، ومكتسبات وأهداف الثورة، وأماني الشعب في حياة كريمة آمنة ومستقرة».
ونقلت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن من بين الضالعين في المحاولة الانقلابية، إلى جانب قائد هيئة الأركان المشتركة الفريق أول هاشم عبد المطلب، هناك رئيس هيئة العمليات المشتركة الفريق آدم هارون، ومدير إدارة التدريب اللواء بحر أحمد بحر، وقائد المنطقة المركزية اللواء محيي الدين أحمد الهادي، وقائد قوات الدفاع الشعبي اللواء عبد العظيم علي الأمين، وقائد سلاح المدرعات اللواء نصر الدين، وقائد قوة المهام الخاصة اللواء محمد حسان، وقائد القوات الخاصة العميد الطالب يوسف، وقائد ثاني المدرعات العميد عبد الباقي بكراوي، وهم قيد التحفظ بتهم المشاركة في العملية الانقلابية.
ولم يحدد البيان عدد الضباط الذين ألقي القبض عليهم. بيد أن مصادر صحافية حددت العدد بـ(18) ضابطا برتبة اللواء، وعدد آخر من الضباط برتب أعلى وأدنى.
كما أوضحت المصادر أن السلطات ألقت القبض على نائب البشير السابق الفريق أول بكري حسن صالح، ووزير الخارجية علي أحمد كرتي، والأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن، والقيادي الإسلامي كمال عبد اللطيف، وعدد آخر من قيادات النظام السابق، بتهمة حث الضباط الموالين للتنظيم على الانقلاب، وتنسيق الشق المدني لتهيئة الأوضاع لعودة نظام الإسلاميين مجدداً.
من جهتها، تداولت وسائط التواصل الاجتماعي بكثافة أخبار «الانقلاب»، وإلقاء القبض على أعداد كبيرة من رموز وقيادات النظام المعزول من الإسلاميين الموالين له.
ولا يعد الانقلاب الذي أعلن عن كشفه أمس، الأول من نوعه منذ استيلاء المجلس العسكري الانتقالي للسلطة 11 أبريل الماضي، والإطاحة بالحكومة الإسلامية التي يترأسها المعزول عمر البشير.
وأعلن أكثر من مرة الكشف عن محاولات انقلابية خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، والقبض على عدد كبير من الضباط المنتمين لتنظيم الإسلاميين، متلبسين بالتخطيط لانقلاب يطيح المجلس العسكري الانتقالي، وذلك لقطع الطريق أمام توافق العسكريين وقوى إعلان الحرية والتغيير التي قادت الثورة. لكن السلطات العسكرية لم تكشف عن أسمائهم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.