التاريخ السري لجهاز التنصت الحكومي في بريطانيا... جواسيس وشفرات وأمن سيبراني

100 قطعة تستعرض مائة عام من عمل الجهاز ومسؤولوه يتوجهون لإقناع الصغار بالعمل فيه مستقبلاً

إستهوى العرض الزوار الصغار بمحاولة فك الشفرات وحل الألغاز المعقدة (ساينس ميوزيام)
إستهوى العرض الزوار الصغار بمحاولة فك الشفرات وحل الألغاز المعقدة (ساينس ميوزيام)
TT

التاريخ السري لجهاز التنصت الحكومي في بريطانيا... جواسيس وشفرات وأمن سيبراني

إستهوى العرض الزوار الصغار بمحاولة فك الشفرات وحل الألغاز المعقدة (ساينس ميوزيام)
إستهوى العرض الزوار الصغار بمحاولة فك الشفرات وحل الألغاز المعقدة (ساينس ميوزيام)

ما الأسرار التي يمكن أن يكشف عنها جهاز «مقر التواصل الحكومي» أو GCHQ في بريطانيا؟ ككل الأجهزة الأمنية يفضل الجهاز الحكومي أن يعمل تحت الرادار وبعيدا عن الإعلام ولكنه قرر كشف جانب ضئيل من تاريخه بمناسبة احتفاله بمرور 100 عام على إنشائه. وبهذه المناسبة تعاون مع متحف العلوم «ساينس ميوزيام» في لندن لتقديم معرض يضم 100 قطعة كل منها لعبت دورا مهما في دور الجهاز، وفي الحرب الخفية التي تدور بين الأجهزة الأمنية المتنافسة في العالم، ويضم قسما عن قصص جواسيس أقاموا في بريطانيا وأجهزة هاتف محصنة استخدمها رؤساء للوزراء في بريطانيا وألعاب ذكية.
المعرض يحمل اسم «سري للغاية: من الشفرات إلى الأمن السيبراني» ويمر على محطات مهمة من تاريخ عمل الجهاز الأمني GCHQ بدءا من الحرب العالمية الأولى وحتى قضايا «فيسبوك» في تسريب المعلومات الخاصة بالمستخدمين.
ينطلق المعرض من الحربين العالمية الأولى والثانية ويستعرض طرق التواصل التي استخدمها الجيش البريطاني للتواصل مع القيادة في لندن، وعبر مجموعة من المعروضات التي تمثل بعضا من تلك الأجهزة التي تعرض جانبا من تاريخ مراقبة الاتصالات والتنصت في القرن الماضي. ومثل قطع أخرى كثيرة في المعرض لم تعرض من قبل نرى أجهزة شفرة استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية لإرسال الشفرات التي فك طلاسمها العلماء البريطانيون للقادة العسكريين في ميدان الحرب. من تلك الأجهزة جهاز يظهر للمرة الأولى، كما يضم العرض جهاز لورنز الذي استخدمه الألمان خلال الحرب وتسبب خطأ وقع فيه أحد العاملين على الجهاز في نجاح البريطانيين في عملية كسر الشفرة السرية للجيش الألماني.
يلفت النظر في المعرض وجود العائلات بكثرة، والأطفال من كل الأعمار يتفحصون باهتمام شديد الأجهزة المختلفة ويوجهون الأسئلة لذويهم، وهنا يبدو أن مركز الاتصالات الحكومي قد نجح في جذب أجيال مختلفة للمعرفة أكثر عن طبيعة عمله، وهو هدف حدده مدير الجهاز جيريمي فليمنغ الذي قال أثناء تقديم العرض إن العرض يعد فرصة لتشجيع الصغار على التفكير في العمل مع الجهاز في المستقبل.
من جانب آخر علق فليمنغ على المعرض بأنه «طريقة عظيمة للاحتفال باليوبيل المئوي ومنح الزوار لمحة من طريقة عمل الجهاز الذي ساعد في حماية المملكة المتحدة في المائة عام الماضية. لأول مرة سيتاح للجمهور الغوص في مراحل من التاريخ السري للجهاز والمعلومات المهمة التي جمعها والمخترعات المتقدمة وقبل كل ذلك سيتعرف على شخصيات عظيمة».
والمعروف أن الجهاز السري هو من أكثر الأجهزة الأمنية البريطانية غموضا ولم يعترف به قانونيا حتى عام 1994.
حلقة الجواسيس السوفياتية
في جانب من المعرض ندخل لما يشبه غرفة في أحد المنازل التقليدية في بريطانيا، ومن خلال عدد من المعروضات وشريط صوتي نسمعه خلال التجول نعرف أن هذا الجزء من العرض يتضمن قصصا شيقة من قصص الجواسيس الذين عملوا في بريطانيا. الأجهزة التي استخدمها الجواسيس للتنصت ولجمع المعلومات وأيضا لإخفائها نرى بعضا منها هنا مثل جهاز راديو اكتشفه مزارع من منطقة ويلز أثناء عمله في الحقل، وبعد أن فحصه خبراء الاتصالات في GCHQ وجد أنه صمم لاستخدام عميل سوفياتي كان يجمع الأخبار الحربية. القصص المثيرة التالية هي عن أعضاء «حلقة بورتلاند للجواسيس» وهي أنجح حلقة تجسس سوفياتية عملت في بريطانيا من نهاية الخمسينات وحتى عام 1961 عندما قبضت الأجهزة الأمنية على أهم أعضائها وهم هاري هوتون وإثيل غي وغوردون لونسديل وبيتر وهيلين كروغر.
بيتر وهيلين كروغر عاشا في بريطانيا تحت غطاء أنهما زوجان من كندا وعملا سويا على نقل مستندات ومعلومات مهمة من بريطانيا للاتحاد السوفياتي وبمجهود مشترك بين الأجهزة الأمنية تم القبض عليهما وعند تفتيش المنزل عثر البوليس على أجهزة تنصت ومعدات مختلفة استخدماها لإخفاء وإرسال المستندات المهمة. من القطع التي استخدمها الزوجان نجد في العرض قداحة بها تجويف سري حفظ الجاسوسان فيه قائمة بأرقام مختلفة استخدمت في تشفير الرسائل وأيضا وُجِد جدول زمني مفصل لأوقات إرسال المعلومات للأجهزة الأمنية السوفياتية. كما نرى أيضا جهازا للإرسال اللاسلكي أخفاه الزوجان تحت أرضية المطبخ. وبعد القبض عليهما ومن فحص البصمات اكتشف البوليس أن الزوجين كروغر كانا في الحقيقة لونا وموريس كوهين وكانا ضمن خلية تجسس أخرى في الولايات المتحدة الأميركية قبل ذلك. وحكم على الزوجين بالسجن لمدة 20 عاما وفي عام 1969 ومن خلال عمليات تبادل للجواسيس عادا للاتحاد السوفياتي.
وعلى الحائط نرى مجموعة من الصور الشخصية لأعضاء خلية التجسس، رئيسها كان يدعى غوردون لونسديل ومع صورته نجد بعض المعلومات عنه، اتخذ لانسديل مهنة تاجر ماكينات لبيع اللبان وماكينات الموسيقى لتكون غطاء له وكان يسلم المعلومات التي يجمعها الجواسيس الآخرون في الحلقة للزوجين كروغر اللذين كانا بدورهما يرسلانها للأجهزة السوفياتية.
تليفون مارغريت ثاتشر وشفرة الملكة
من القطع الأخرى في العرض نرى بعض أجهزة الاتصال التي خصصت لاستخدام الشخصيات المهمة مثل رؤساء الوزارة والدبلوماسيين وأيضا الملكة إليزابيث. فهنا نرى جهاز «تليفون بيكويك» والذي تم تطويره لتأمين المحادثات عبر الأطلنطي بين رئيس الوزراء هارولد مكميلان والرئيس الأميركي جون كينيدي في عام 1962، في الثمانينات أصبحت أجهزة الاتصالات المأمونة متنقلة وهنا نجد حقيبة تضم هاتفا متنقلا كانت تستخدمه رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت ثاتشر أثناء حرب الفوكلاند في عام 1982. ومن العرض أيضا نجد الشفرة التي كانت الملكة إليزابيث تستخدمها عند إجرائها المحادثات الهاتفية.
الإنترنت وفيسبوك
ينتهي العرض بالتطرق لقضايا حديثة مثل تسريب ملفات جهاز الأمن القومي الأميركي على يد إدوارد سنودن ونرى في هذا الإطار جهاز الكومبيوتر المحمول الذي حمل الوثائق وقام صحافيون بجريدة «الغارديان» بتدميره بعد ضغوط عليهم من الأجهزة الأمنية. هنا أيضا نرى ملصقات عن قضايا الخصوصية في زمن الأجهزة الذكية وبعض الألعاب الذكية التي حذر منها الخبراء.
في مجمله العرض يعد خليطا مشوقا من قصص الجاسوسية والتخابر ويظل الجزء الأخير منه الأضعف رغم أنه يدور حول قضايا وقتية. الطريف أيضا في العرض هو تخصيص جانب من جدار العرض لألغاز وأحجيات تدعو الزوار وخصوصا الصغار منهم لحلها، وربما تكون هذه محاولة أخرى لجذب اهتمام الصغار على أمل أن ينضم بعض منهم للجهاز عندما يكبرون حسب ما عبر عنه المسؤولون عن الجهاز الذين رأوا أن العرض قد يثير التفكير لدى هواة حل المشكلات المعقدة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».