الاحتباس الحراري يتسبب بتطور «جرثومة قاتلة» تصيب البشر

الجرثومة ظهرت لأول مرة في اليابان عام 2009 - أرشيف (رويترز)
الجرثومة ظهرت لأول مرة في اليابان عام 2009 - أرشيف (رويترز)
TT

الاحتباس الحراري يتسبب بتطور «جرثومة قاتلة» تصيب البشر

الجرثومة ظهرت لأول مرة في اليابان عام 2009 - أرشيف (رويترز)
الجرثومة ظهرت لأول مرة في اليابان عام 2009 - أرشيف (رويترز)

حذر علماء من أن عدوى فطرية قاتلة تسببها جرثومة «الكانديدا أوريس» أو «المبيضات أوريس»، والتي بدأت تصيب البشر مؤخراً، قد أظهرت تطوراً بسبب الاحتباس الحراري.
وظهرت الجرثومة «الكانديدا أوريس»، والمعروفة بمقاومتها للعقاقير، لأول مرة في اليابان في عام 2009. وذلك في قناة أذن لامرأة تبلغ من العمر 70 عاماً، ثم انتشرت سريعاً في جميع أنحاء العالم، وتفشت في القارات الخمس، وتم اكتشاف حالة في المملكة المتحدة عام 2013.
وبحسب صحيفة «تلغراف»، فإن هذا الوباء الناتج عن انتشار الجرثومة تسبب في تفشي المرض في 55 مستشفى على الأقل في جميع أنحاء بريطانيا، مما أدى إلى إصابة أكثر من 200 مريض، وتسبب بمقتل ثمانية أشخاص.
ويشعر خبراء الصحة العامة بالقلق إزاء الانتشار السريع للوباء، وقد تم تشبيه فطر «الكانديدا أوريس» بـ«جرثومة عملاقة»؛ لأنها أثبتت مقاومتها للعلاج. لكن يعتقد الباحثون الآن أنه مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية زاد من تطور «الكانديدا أوريس» لتزدهر في ظروف تعكس درجة حرارة الجسم الداخلية - من 36 إلى 37 درجة مئوية - مما يجعل البشر أرضاً خصبة لتكاثرها.
ويقول الدكتور أرتورو كاساديفال، خبير علم الأحياء الجزيئي في جامعة جونز هوبكنز الأميركية إن «الأسباب التي تجعل العدوى نادرة جداً في البشر هي أن معظم الجراثيم في البيئة لا يمكن أن تنمو في درجات حرارة الجسم، لكن حدث (شيء ما) للسماح لهذه الجراثيم القاتلة بالظهور والتطور وتسبب المرض. فقد بدأنا في النظر في احتمال أن يكون تغير المناخ، وبما أن المناخ أصبح أكثر دفئاً، فقد تكيفت الكائنات الحية، بما في ذلك فطر (المبيضات أوريس) مع ارتفاع درجة الحرارة، وهي تتكيف مع درجات حرارة الإنسان الواقية».
وخلص الباحثون في الدراسة الجديدة للدعوة لمراقبة الأمراض الجديدة، واقترحت الدراسة أن «هذه هي بداية التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وسوف نواجه المزيد والمزيد من المشكلات في المستقبل»، كما حذر كاساديفال من أن الاحتباس الحراري قد يؤدي إلى أمراض جديدة لا نعرفها.
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن دراسات عالمية وجدت أن 6 من كل 10 مصابين بالجرثومة العملاقة يموتون. وكان المرض الذي تسببه الجرثومة قد تفشى بشكل سيئ للغاية في المستشفيات البريطانية، حيث اضطر مستشفى رويال برومبتون ومؤسسة هيرفيلد التابعة لنظام الخدمة الصحية الوطنية في لندن إلى إغلاق وحدة العناية المركزة لمدة أسبوعين، في حين أصيب 70 مريضاً في مستشفى جون رادكليف للعناية المركزة بين عامي 2015 و2017.
وفي معرض تعليقه على البحث، قال الدكتور ديفيد آير كبير الباحثين والمستشار الفخري في الأمراض المعدية والميكروبيولوجيا الطبية، في مستشفيات جامعة أكسفورد: «ما نعرفه هو أن الفطريات المسببة للمرض موجودة لمئات أو آلاف السنين، لكن لم يبدأ اكتشافها أنها سبب للعدوى في المرضى إلا في السنوات القليلة الماضية».
وتابع: «هناك العديد من التفسيرات المحتملة بما في ذلك التغييرات في كيفية تقديم الرعاية الصحية واستخدام العقاقير المضادة للجراثيم التي أصبحت (المبيضات أوريس) مقاومة لها، ولكن أيضاً التغيرات في البيئة تعد سبباً لتطورها، مثل التغييرات في الاستخدام الزراعي للمضادات الحيوية ومضادات الفطريات، وكذلك تغير المناخ، فـ(المبيضات أوريس) تنمو بشكل جيد في المختبر في درجات حرارة أعلى قليلاً من العديد من الكائنات الأخرى».


مقالات ذات صلة

الهند: عام 2024 كان الأعلى حرارة منذ 1901

يوميات الشرق موظف في مدينة ميامي يوزع زجاجات المياه على المشردين لمساعدتهم على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة (أ.ب)

الهند: عام 2024 كان الأعلى حرارة منذ 1901

أعلنت إدارة الأرصاد الجوية الهندية، الأربعاء، أن عام 2024 كان الأكثر حرّاً منذ سنة 1901، في ظل ظروف الطقس الحادة التي يشهدها العالم.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
TT

بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

مدفوعاً برغبة عميقة في تقوية إيمانه وإعادة اكتشاف ذاته قرَّر شاب كوسوفي في العقد الثالث من العمر يدعى سيكي هوتي ترك حياة الراحة والاستقرار خلفه ظهره واستقل دراجته الهوائية لبدء مغامرة استثنائية عابرة للقارات تنطلق من بلدته الصغيرة في جمهورية كوسوفو إلى مكة المكرمة.

وعلى مدار 3 أشهر ونصف الشهر، قطع سيكي أكثر من 6800 كيلومتر، وعبر دولاً عدة، مجابهاً صعوبات لا تُحصى ليصل إلى قلب العالم الإسلامي، «نعيش في عالم مليء بالملذات والماديات، وكثيرون منا ينسون الغاية التي خلقنا من أجلها»، بهذه الكلمات يشرح سيكي لـ«الشرق الأوسط» الدوافع خلف هذه الرحلة التي لم تكن مجرد مغامرة عادية؛ بل هي محاولة جريئة لإعادة الاتصال بروحه والتقرب إلى الله.

إعداد الجسد والعقل

لم يكن الاستعداد لهذه الرحلة سهلاً؛ إذ حرص سيكي على تعلم أساسيات صيانة الدراجات وحمل معه قطع غيار للطوارئ، كما جهز نفسه بمعدات بسيطة للطهي والنوم، بالإضافة إلى ذلك عمل على تقوية عزيمته ليكون مستعداً لما هو قادم، معتمداً بعد الله على قوته البدنية، التي كان يثق بأنها ستعينه على تحمُّل مشاق الطريق، وعن ذلك يقول: «اعتمدت على إيماني العميق وثقتي بأن الله لن يخذلني مهما واجهت من مصاعب. وقطعت على نفسي عهداً بأن أصل إلى وجهتي مهما كانت الظروف».

بعد رحلة دامت 3 أشهر ونصف الشهر وصل هوتي أخيراً إلى مكة المكرمة ليؤدي مناسك العمرة (الشرق الأوسط)

تحديات لا تُنسى

رحلة سيكي هوتي شملت دولاً عدة منها مقدونيا الشمالية، وبلغاريا، وتركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة، حتى وصل إلى المملكة العربية السعودية. وكان لكل محطة تحدياتها الخاصة، ففي تركيا، شكلت التضاريس الجبلية تحدياً له، خصوصاً بعد خروجه من مدينة إسطنبول. فالطرق الوعرة والأمطار الغزيرة جعلت الرحلة مرهقة. لكن وسط هذه الصعوبات، وجد سيكي دفئاً في كرم الناس. حيث استقبله أحد عمال محطة وقود مر عليها، وقدم له مأوى ومشروباً دافئاً. عن تلك التجربة يقول: «في أكثر اللحظات صعوبة، كان لطف الغرباء هو ما يدفعني للاستمرار».

أما إيران، فيتذكر سيكي أنها كانت واحدة من أكثر المحطات إثارة، فحاجز اللغة، واختلاف الثقافة، وصعوبة التعامل مع العملة المحلية، أموراً مزعجة. لكن مع ذلك، قال: «إنه رغم كل الصعوبات، أدركت أن الإنسانية تجمعنا. الابتسامة واللطف كانا كافيين لتجاوز تلك الحواجز».

سيكي هوتي إلى جانب العَلم السعودي بعد وصله مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

وفي الصحراء السعودية، وحين كان على مشارف الطائف، استقبلت سيكي أمطار غزيرة، شكّلت له تحدياً، لكن لحسن الحظ وقبل أن تسوء الأوضاع بشكل كبير التقى مواطناً سعودياً يُدعى فيصل بن مناعي السبيعي الذي مدّ له يد العون وقدم له المساعدة التي يحتاج إليها لمواصلة رحلته إلى خير البقاع. عن تلك التجربة يقول سيكي: «لن أنسى فيصل ما حييت. كان وجوده في ذلك الوقت معجزة أنقذت حياتي. وبفضله تمكنت من الوصول إلى مكة المكرمة».

مكة فرحة العمر

وعند دخوله إلى أم القرى بعد أشهر من مواجهة التحديات، يقول سيكي شعرت بسلام داخلي عميق، وأضاف: «كانت لحظة وصولي إلى مكة المكرمة أشبه بتحقيق حلم العمر. شعرت بالطمأنينة والفرح، توجهت إلى الله بالدعاء لكل من ساعدني في رحلتي ولكل إنسان يحتاج إلى الدعاء».

ولا تتوقف رحلة سيكي هوتي عند مكة المكرمة. فهو يخطط لمواصلة رحلته إلي المدينة المنورة وزيارة المسجد النبوي.

الكوسوفي هوتي حقّق حلم عمره بعد وصوله إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

إندونيسيا وجهة الحب

يقول سيكي: «زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة حلم كل مسلم، وأنا ممتن لله على هذه الفرصة»، لكنه ينوي بعد مغادرة طيبة الطيبة، البدء في رحلة جديدة إلى إندونيسيا، الهدف منها هذه المرة هو التقدم لخطبة المرأة التي يحبها. مدركاً أن هذه الرحلة ستكون مليئة بالتحديات، خصوصاً أن بعض الدول التي سيعبرها لا تعترف بجنسية كوسوفو. إلا أنه عبَّر عن تفاؤله بالوصول إلى وجهته الجديدة قائلاً: «حين يكون لديك إرادة، ستجد دائماً طريقاً لتحقيق حلمك. أنا مؤمن بأن الله سييسر لي هذه الرحلة كما فعل مع رحلتي إلى مكة المكرمة».

نصيحة للمغامرين

رحلة سيكي هوتي ليست مجرد مغامرة بالدراجة الهوائية، بل هي قصة عن الإيمان، والصبر، والإنسانية، تذكرنا بأن الصعوبات ليست سوى محطات تعزز قوتنا، وأن الغاية الأسمى في الحياة هي السعي لتحقيق الاتصال الروحي والسلام الداخلي هذا الشعور دفع الرحالة الكوسوفي لتوجيه رسالة إلى كل من يحلم بخوض تجربة مماثلة مفادها «لا تنتظر أن تشعر أنك مستعد تماماً؛ لأنك لن تصل إلى هذه اللحظة أبداً. ابدأ الآن، ثق بالله، وكن صبوراً ولطيفاً مع الآخرين. العالم مليء بالخير، وستكتشف ذلك بنفسك»