المبعوث الأميركي للسودان: رفع العقوبات مرهون بالتزام الحكومة الانتقالية

TT

المبعوث الأميركي للسودان: رفع العقوبات مرهون بالتزام الحكومة الانتقالية

أكد دونالد بوث، المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، أن بلاده ستدعم خيار الشعب في تحقيق مطالبه المشروعة من حيث تكوين حكومة انتقالية متوازنة ومرضٍ عنها من كل الأطراف، متعهداً بأن تدعم واشنطن السودان عبر رفع العقوبات عنه، وأيضاً دعمه اقتصادياً وسياسياً. لكنه نوّه إلى أن ذلك رهين سلوك الحكومة الانتقالية في حالة التزامها بتعهداتها للشعب السوداني. وشدد بوث، في مؤتمر صحافي هاتفي من بروكسل عصر أمس، وشاركت فيه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة السعودية الرياض، على ضرورة إنجاح المفاوضات القائمة حالياً، والتمهيد إلى أرضية صحية لخلق كيان شرعي يمثل حكومة انتقالية، تنال رضا السودانيين وتعمل على تحقيق مطالبهم.
وأشار إلى ضرورة أن يكفل الدستور السوداني جميع الحقوق المدنية لكل أفراد ومكونات الشعب السوداني، منوهاً بأن الوقت ما زال مبكراً للحكم على اتفاق نهائي يرضي السودانيين، وكشف عن ذهابه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ للوقوف والمشاركة في المحادثات الجارية بين الأطراف السودانية هناك.
وأكد بوث على ضرورة أن تشهد الفترة الانتقالية تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، مشدداً في الوقت نفسه على أن يكفل الدستور السوداني حقوق المدنيين والعسكريين، غير أنه يرى أن الوقت ما زال مبكراً للوصول إلى حل نهائي في السودان، منوهاً بالحديث مع الشركاء في مختلف أنحاء العالم لمساعدة الشعب السوداني، والتعاون مع جهات أوروبية لمساعدة السودانيين على تحقيق مطالبهم. وكشف أيضاً عن زيارة له مرتقبة خلال الأيام المقبلة للحاق بالمفاوضات التي تجري حالياً في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الخميس المقبل؛ بهدف الدفع بها نحو اتفاق يفضي إلى حكومة انتقالية تحقق أمنيات الشعب السوداني، منوهاً بأن كل من التقى معهم في الخرطوم في الفترة الأخيرة يشجعون على هذا الخيار.
ودعا المبعوث الأميركي كل الأطراف، سواء المجلس العسكري أو المعارضة السودانية، إلى العمل على إنجاح المباحثات الجارية، بأن تفعل آليات العمل الإيجابي، مشيراً إلى أن الشعب السوداني له واجبات وحقوق لا بد من مراعاتها لخلق واقع جديد يخرج ببلدهم إلى برّ الأمان. وشدد على ضرورة أهمية تعزيز عمل الصحافة والإعلام وعدم تعرضها للمضايقات ومنحها القدرة على امتلاك الكلمة الحرة ونشرها. وقال: «لمست في هذه الحكومة الانتقالية بالفعل أنها تعمل لكي تنجح فيما يليه من مهام المرحلة بأن تعالج الفساد وتعزز حرية الصحافة، وسنستمر في التعاون مع السودانيين بكل أطيافهم من خلال حث هذه المكونات والأطراف للوصول إلى ما يحقق كل هذه المطالب التي يرفع الشعب شعارها». وأضاف بوث «نساهم في تعزيز المشاريع الإنسانية في السودان، من خلال التعاون مع الهلال الأحمر ومنظمات أخرى إنسانية مما سينعكس إيجاباً على تحسين الوضع في السودان، وسنبدأ بمعالجة الأمور والقضايا ذات الصلة، بالتعاون مع الحكومة الانتقالية». وشدد على ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية وتعزيز حقوق المرأة ومدنية الحكومة، مشيراً إلى أنه سيكون هناك دستوران للوصول إلى الاتفاق في هذا الجانب لتوسيع الدستور حتى يكون شاملاً بعد مراجعة الدستور وتعديله، بالإضافة إلى التوافق على دستور للحكومة الانتقالية والمنظمات الأهلية، ليستوعب كل الأصوات التي تحارب بعضها بعضاً.
وأكد على ضرورة أن يكون الدستور مكتوباً وفق منهج واضح، ويجيب عن كل المسائل ونتائج المفاوضات والمباحثات التي تجري حالياً، والعمل على التحقيق في كل القضايا التي تثار، مشدداً على ضرورة الاستعانة بشخصيات محايدة تنظر في الأحداث للتحقيق فيها بشكل شفاف ومحايد، بجانب قضاء مستقل وهذا مهم جداً للشعب السوداني، على حدّ تعبيره.
وأشار إلى أن هناك منظمات أوروبية وغير أوروبية ومبعوثين من دول أخرى للسودان تعمل معه لمساعدة السودانيين في تحقيق أهدافهم، منوهاً بضرورة احترام رأي المتظاهرين والاستماع إلى مطالبهم. وأضاف بوث «نحث بشكل أكثر على تسهيل المفاوضات بشكل سلس وسنعالج مواضيع مختلفة وقضايا ذات علاقة بالمجلس الانتقالي، ومن بعد ذلك اتفقنا على حل القضايا محلّ الخلاف بين جميع الأطراف وسنساهم في معالجتها، من خلال مباحثاتنا المستمرة مع الأطراف السودانية في الخرطوم، ومع شركائنا في جميع أنحاء العالم لمساعدة الشعب السوداني في تحقيق مطالبهم من الأمن والاستقرار والسلام وتحسين الوضع الاقتصادي».
وعن حدود الدعم الأميركي للحكومة الانتقالية والشعب السوداني والاتفاق النهائي، أوضح أن «الدعم الأميركي بخصوص حكومة انتقالية يعتمد على رد فعل السودانيين، وذلك بالمساعدة في الوصول عبر المفاوضات الجارية إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».