اعتراضات مسيحية في لبنان تعلق مصير حفل «مشروع ليلى»

لا يزال مصير حفل فرقة «مشروع ليلى» الذي يفترض أن يقام ضمن «مهرجانات بيبلوس الدُّولية» في 9 أغسطس (آب) المقبل، معلقاً، بعد موجة الاحتجاج التي طالبت بإلغاء الحفل. وكانت اتهامات بالإساءة إلى المعتقدات الدينية المسيحية قد وجهت إلى الفرقة عبر وسائل التواصل، وبدا وكأنّما ثمة حملة تصاعدت في الأيام الأخيرة، علماً بأن مشاركة الفرقة كان قد أُعلن عنها منذ مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، من دون أن يثير ذلك ردات فعل تُذكر.
وأكدت لجنة «مهرجانات بيبلوس الدُّولية»، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنّها تُجري اتصالات مع المعنيين للتشاور في الأمر، ستستغرق عدة أيام، لتتمكن خلال الأسبوع المقبل من إصدار بيان يوضح موقفها من كل ما يجري، وتعلن من خلاله قرارها، وإن كان ثمّة ما يستوجب الإلغاء من عدمه.
ومع أنّ الفرقة مثيرة للجدل بسبب اللهجة الانتقادية الحادة لبعض كلمات أغنياتها، واستخدامها ألفاظاً ومفردات غير مألوفة، إلّا أنّها أقامت حفلاتها منذ 2010 في لبنان وانطلقت تحديداً في تلك السنة، في أول حفل لها، من «مهرجانات بيبلوس»، ويفترض أنّها ستعود هذه السنة في الذكرى العاشرة، لذلك التاريخ، إلى مدينة جبيل التي منها بدأت واستطاعت بعد ذلك أن تحصد صيتاً عالمياً.
والاحتجاج على استقبال الفرقة في بيبلوس لم يقتصر على حملة وسائل التواصل، إذ أصدرت مطرانية جبيل المارونية بياناً شجبت فيه مشاركة الفرقة في مهرجانات المدينة. وقال البيان: «بعد الاطّلاع على أهداف فرقة (مشروع ليلى)، ومضمون الأغاني التي تؤديها، والتي تمسّ بغالبيتها بالقِيَم الدينيّة والإنسانيّة وتتعرّض للمقدّسات المسيحيّة، تشجب مطرانيّة جبيل المارونيّة شجباً قاطعاً إقامة الحفل...؛ فجبيل مدينة التعايش والثّقافة لا يليق بها استقبال حفلات مماثلة على أرضها، خصوصاً أنّها تتعارض بشكل مباشر مع الإيمان المسيحي والخلقيّات الدينية والإنسانيّة».
وطالبت المطرانية باسمها وباسم كلّ من راجعها من الجبيليين، وغيرهم بكافة مشاربهم، «المرجعيّات المختصّة وكل الفعاليّات الجبيليّة وتحديداً لجنة مهرجانات بيبلوس - جبيل السياحيّة، إيقاف عرض (مشروع ليلى) على أرض القداسة والحضارة والتاريخ، وتترك للمركز الكاثوليكي للإعلام القيام بالمقتضى».
وقال رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، بدوره، في وسائل إعلامية، إنّ مطالبات عديدة وصلته معارضة للحفل، و«إنّ أغنيتين للفرقة صدرتا عام 2015 تعرضتا للمعتقدات الدينية المسيحية». وإنّه سيلجأ إلى القانون لمنع الحفل إن احتاج الأمر.
وفي رأي أبو كسم فإن «حرية التعبير شيء والتفلُّت والتعدّي على حرية الآخرين أمر آخر... فعلى الإنسان أن يعيش قناعاته من دون التعرُّض للآخرين، كونه حينها يكون قد خرج عن مفهوم الحرية وانتقل إلى مفهوم التفلُّت والتعدي، وهذا ما لا يستطع البعض تمييزه».
جدير بالذكر أنّ الفرقة كان حفل لها قد منع في الأردن، وأثار حفل آخر أقيم في مصر اعتراضات حولها. وللفرقة جمهور عريض بين الشباب في لبنان، وقد أحيت حفلاتها طوال العقد الماضي في مناطق لبنانية عدة بينها بيروت وإهدن وعمشيت.
حامد سنو رئيس الفرقة كتب على «فيسبوك» متأسفاً على كمية التطرف والبلبلة، معتبراً أنّ كل ما يلفق حوله هو نوع من الأكاذيب.
ومقابل المحتجين، اعترض آخرون على اللغة العنيفة التي استخدمت ضد الفرقة. وكتب النائب السّابق فارس سعيد، في تغريدة على حسابه عبر «تويتر» عن السجال حول إقامة حفل فرقة «مشروع ليلى» في جبيل قائلاً: «لم أفهم كلمة واحدة من أغنية لـ(مشروع ليلى) استمعت إليها البارحة»، اعتبر أنّ «من يسيء إلى تعاليم الكنيسة هم المجرمون والفاسدون والقتلة، الذين ينهبون الفقراء والذين ضربوا نظام القيم». وختم تغريدته بالقول: «قاطعوهم إذا أردتم، هذا حقّكم، إنّما اتركوا للبنان نكهة الحريّة».
وكتب أيضاً مارسيل خليفة على حسابه على «فيسبوك»: «الحريّة لا سياج لها، إنّها هي السياج. الحريّة لا ضابط لها، إنّها هي الضابط. الحريّة لا حامي لها، إنّها هي الحامي. ما وراء المجتمع والدين والدولة والوطن هناك الإنسان، الحريّة هي الإنسان» وقال: «إن الصّمت لم يعد ممكناً... ولا شيء يقتل كالعار. الحرية لـ(مشروع ليلى)».
وفرقة «مشروع ليلى» للروك البديل، ولدت من ورشة عمل موسيقية في الجامعة الأميركية في بيروت عام 2008، أعضاؤها الخمسة كانوا من طلاب كلية الهندسة، ومن حينها أصدرت عدة ألبومات، علماً بأن أغنياتها عموماً تؤديها باللغة العربية.