«شاشات»... تطلق مهرجانها السينمائي الـ11 بجهود «مخرجات فلسطينيات»

قاعة رشاد الشوا في غزّة حيث نُظّم المهرجان («الشرق الأوسط»)
قاعة رشاد الشوا في غزّة حيث نُظّم المهرجان («الشرق الأوسط»)
TT

«شاشات»... تطلق مهرجانها السينمائي الـ11 بجهود «مخرجات فلسطينيات»

قاعة رشاد الشوا في غزّة حيث نُظّم المهرجان («الشرق الأوسط»)
قاعة رشاد الشوا في غزّة حيث نُظّم المهرجان («الشرق الأوسط»)

بمشاهدٍ قوية تُظهر تفاعل الجدة التسعينية أم فرج مع دجاجاتها التي ربّتها منذ زمنٍ في أرضها التي تعتني بشكلٍ يومي بتفاصيل جمال أشجارها. تتنقل بعدها إلى غرفة صغيرة قريبة من الأرض لتقضي جزءاً آخر من وقتها بين الخيوط والأقمشة منشغلة في تطريز الأثواب الفلسطينية التراثية وحياكتها. هكذا بدت الصور الأولى من فيلم «خيوط من حرير» للمخرجة الفلسطينية الشابّة ولاء سعادة، وتناول قصّة الثوب الفلسطيني ومراحل تطوره وشكله بين الماضي والحاضر.
الفيلم الذي حظي بتفاعلٍ كبير من الجمهور، عُرض أمس الثلاثاء في قاعة رشاد الشوا وسط مدينة غزة وعلى مسرح بلدية رام في الضفة الغربية المحتلة أيضاً، ضمن «مهرجان شاشات الحادي عشر لسينما المرأة» الذي حمل عنوان «أنا فلسطينية» ونُظم من قِبَل مؤسسة «شاشات سينما المرأة» وأُسدل خلاله الستار عن عشرة أفلام جميعها من إخراج شابّات فلسطينيات، تتنوع أماكن سكنهم بين غزة والضفة الغربية والقدس.
«ركزتُ في الفيلم على إظهار مدى قوة العلاقة بين الجدة أم فرج والتطريز، الذي أصبح مع الوقت يحتل المكانة الأكبر في قلبها؛ كونه يرتبط بالأرض المسلوبة وذكرياتها التي ما زالت تعيش في نفوس كل الأجيال» تقول سعادة في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، مبيّنة أنّها حرصت على إضفاء التلقائية على العمل من خلال عدم التكلف في صنع المشاهد. فالمتابع يلحظ الجدة تغني وتضحك وتغازل أحفادها بكلٍ عفوية وبساطة.
وتذكر وداد الصوراني منسقة مشروع «يلا نشوف فيلم» في غزة، الذي جاء هذا المهرجان ضمن فعالياته، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الأفلام العشرة تقدم نموذجاً لتصورات مرئية وسينمائية، عن علاقة المرأة الفلسطينية بالأرض والرّجال وكل تفاصيل الحياة، التي تعاقبت عليها عدد من النكبات والنكسات على مدار التاريخ.
«بحثت الأفلام في البعد الذاتي للهوية الفلسطينية وركزت على تعبيرات متشعبة في حيوات المرأة، وأعطتها أبعاداً ذاتية؛ لتُعزز على المدى البعيد الانتماء في نفوس الجيل الجديد وتبقيه على اتصالٍ دائم بتاريخه»، تشير الصوراني، موضحة أنّ مشروع «يلا نشوف فيلم» ممتد على مدار ثلاث سنوات، وبدأت برامجه قبل عامين من خلال تنفيذ عروض سينمائية وأنشطة وحملاتٍ إعلامية مختلفة.
وتلفت إلى أنّ الأفلام التي عرضت اليوم، تنوعت أساليب إخراجها بتنوع رؤى الشّابات، فبعضها اشتمل على الرسوم المتحركة والرقص التعبيري، وآخر اعتمد على المشاهد التمثيلية، ومنها ما كان وثائقياً ركز على إبراز مظاهر الحياة بصورتها الطبيعية.
ولطالما وضع الاحتلال الإسرائيلي العراقيل في وجه الإبداعات الفلسطينية، وهذا المهرجان لم يكن بعيداً عنها، فعدد من المخرجات لم يستطعن الوصول لغزة للمشاركة في عروض أفلامهن المركزية، ومن بينهن الشابّة زينة رمضان، التي اختارت أن تتناول في عملها القيود التي يفرضها الاحتلال على حركة الفلسطينيين وتنقلهم داخلياً وخارجياً.
وتروي رمضان التي تسكن مدينة نابلس لـ«الشرق الأوسط»، أنّ فيلمها الذي يحمل اسم «سرد»، يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال تسجيلات صوتية لصديقتين كل منهما في مكان، باستخدام رسوم متحركة تُعبّر عن تبعات الاختناق الفعلي والوجودي لحياة شابة تسعى لعيش الحرية في ظل واقعٍ متأزم، شارحة أنّها انتقلت في الفيلم بين الجيد والسيء، والحماسة والخذلان، وبين الأمل والخيبة كذلك.


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».