التصوّف في السعودية!

التصوّف في السعودية!
TT

التصوّف في السعودية!

التصوّف في السعودية!

قبل ثلاث سنوات، صدر عن مركز «المسبار» للدراسات والبحوث كتاب «التصوف في السعودية والخليج». كان في وقته خطوة مناسبة... للاقتراب من «فهم» وقراءة الجماعة الصوفية في السعودية والخليج بعيداً عن الحمولة الثقافية الثقيلة التي ورثناها عبر الأزمان. والتي ترفض الإيمان بالتعددية، ولا تقبل التسامح مع التنوّع، وتعدّ كل مختلف فكري أو ديني هو «الآخر»، حيث يجري تبشيع صورته والتحذير منه ونبذه وصولاً إلى عزله وشيطنته.
في عددها الأخير، خصصت مجلة «الفيصل»، وهي مجلة رائدة في طرح المناقشات المهمة، ملفاً بعنوان: «التصوّف من الهامش إلى الواجهة». تحدثت عبر مجموعة من المقالات المهمة عن الصوفية والتصوف. الجديد والمهم في هذه القراءات، وهي لمفكرين عرب والمنشورة في مجلة «الفيصل»، كمية الإنصاف والموضوعية والإيجابية في تناولها لظاهرة التصوف، وهو في حد ذاته تطور في خطاب ثقافي يتخلى عن التعامل مع المكونات الأخرى بفوقية واستعلاء.
ملف «الفيصل» يعرض الصوفية باعتبارها قادرة على أن تسهم في «إشاعة السلام وترسيخ قيم المحبة والتعايش والقبول بالآخر». نقرأ في الملف للباحث التونسي محمد بن الطيب، قوله: «إن في التصوف ما يمكن أن يساعد على تقديم العلاج الشافي لأدواء العصر الحاضر وكل العصور»، ويستشهد بقول ابن قيم الجوزية، في «مدارج السالكين»: «واجتمعت كلمة الناطقين في هذا العلم: أنّ التصوّف هو الخلق»، ويزيد على ذلك بالقول: «التصوف قلب الإسلام»، وهي مقولة مشتقة من عنوان كتاب بالفرنسية للشيخ خالد بن تونس.
المفكر العراقي ميثم الجنابي، قال في هذا الملف إن التصوف رفع فكرة الحق إلى مصافّ المرجعية المطلقة. أما رضوان السيد فناقش الدراسات الغربية التي بحثت «التصوف باعتباره مخرجاً من التطرف!». ومثله فعل الناقد البحريني أمين صالح، الذي بحث «الصوفية في السينما»، دارساً تجربة المخرج التونسي البارز ناصر خمير، الذي قدّم الظاهرة الصوفية في أفلامه أكثر من أي سينمائي آخر، ويقول أمين صالح: «لقد اختار ناصر خمير المعالجة الصوفية لأن (الصوفية تقف ضد كل أشكال التعصّب. الصوفية هي إسلام الباطنية... هي الإسلام في رقّته)».
هذه مقالات مهمة أثْرت ملف «الفيصل» وجعلت القارئ يقترب من «فهم» الصوفية باعتبارها مكوناً ثقافياً ينتمي إلى الجماعة الدينية والوطنية، وليس خارجاً عنها ونقيضاً لها. الاستجابة لخطاب التشدد حَرَمَنا من كنوز معرفية هائلة، كالتي زخرت بها آثار بعض أعلام التصوف مثل: جلال الدين الرومي، ومحيي الدين بن عربي، وابن الفارض، وغيرهم. حيث التراث الثقافي «الديني تحديداً»، مشحون بالخصومة مع «الآخر»، ولذلك فقد كان معيقاً لبناء وتطور المجتمع والدولة، وباعثاً للتأزم. وفي مرحلة زاهية بالانفتاح ومكافحة التشدد، كالتي نعيشها اليوم، يصبح تنقيح هذا التراث ضرورة لتعزيز التماسك الوطني.



العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.