انسحاب المئات من جنود حفظ السلام في الجولان إلى الشطر المحتل من إسرائيل

النظام يقصف جسر «السياسية» في دير الزور

انسحاب المئات من جنود حفظ السلام  في الجولان إلى الشطر المحتل من إسرائيل
TT

انسحاب المئات من جنود حفظ السلام في الجولان إلى الشطر المحتل من إسرائيل

انسحاب المئات من جنود حفظ السلام  في الجولان إلى الشطر المحتل من إسرائيل

سحبت قوات حفظ السلام في منطقة الجولان أمس المئات من عناصرها باتجاه الشطر الذي تحتله إسرائيل بعد أيام من إفراج «جبهة النصرة» عن 45 عنصرا من فيجي كانت تحتجزهم مقابل فدية مالية. وبالتزامن، استهدف الطيران الحربي السوري المحكمة الشرعية لـ«داعش» في دير الزور وجسر «السياسية» الاستراتيجي، وهو المعبر الوحيد الذي يربط المدينة بالريف.
وشوهد المئات من عناصر قوة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في هضبة الجولان السورية بين إسرائيل وسوريا، وهم يغادرون من الشطر السوري في اتجاه المنطقة التي تحتلها إسرائيل. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن قافلة كبيرة تابعة للأمم المتحدة تركت أمس منطقة فض الاشتباك التي رسمت عام 1974 بين إسرائيل وسوريا، مبتعدة بذلك عن منطقة المعارك بين جنود الجيش النظامي السوري والمعارضين المسلحين وبينهم عناصر «جبهة النصرة».
وقال مصدر دبلوماسي لوكالة «رويترز» إنه يجري نقل جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في مرتفعات الجولان من «4 مواقع ومعسكر واحد على الجانب السوري من الحدود السورية - الإسرائيلية بعد اشتباكات في الآونة الأخيرة مع مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة»، في إشارة إلى عناصر «جبهة النصرة».
وكان 45 جنديا من فيجي اعتقلوا في 28 أغسطس (آب) الماضي إثر معارك بين الجيش السوري وفصائل من المعارضة السورية بينها «جبهة النصرة» التي تبنت في وقت لاحق عملية أسرهم وأفرجت عنهم بعد أسبوعين مقابل فدية مالية قدرت بنحو 20 مليون دولار.
ميدانيا، شن الطيران الحربي السوري غارة على مبنى «العيادات الشاملة» الذي يعد مقرا لـ«المحكمة الشرعية» التابعة لـ«داعش» في مدينة دير الزور، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى في صفوف التنظيم، فيما استهدف الطيران أيضا جسر «السياسية» الذي يعد المعبر الحيوي الوحيد الذي يربط مدينة دير الزور بالريف، وهو ما أدى إلى تدمير جزء كبير منه وجعله غير صالح للسير. ووفقا للناشطين، فإن انهيار هذا الجسر له نتائج خطيرة، لأنه الطريق الأساسي لدخول المواد الغذائية والطبية وغيرها.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن استهداف الجسر أدى لانهيار جزء كبير منه، علما بأنه يعد «المنفذ الوحيد الواصل بين المناطق التي يسيطر عليها (داعش) في مدينة دير الزور، والجهة الشرقية من نهر الفرات، أو ما يعرف باسم منطقة الجزيرة».
وعد المرصد أنه وباستهداف الجسر المذكور تصبح مدينة دير الزور «محاصرة، حيث إنه لن يعود بالإمكان إدخال الإمدادات العسكرية والمساعدات الغذائية والإنسانية إلى المدينة، إلا عن طريق الزوارق عبر نهر الفرات، بسبب سيطرة قوات النظام على معابر عياش من الجهة الغربية، والبانوراما من الجهة الجنوبية، وهرابش من الجهة الشرقية».
كذلك نفذ الطيران الحربي غارتين على مناطق في حي الصناعة بمدينة دير الزور، فيما أفيد باشتباكات في حيي الجبيلة والرشدية بالمدينة بين مقاتلي «داعش» وقوات النظام. وأوضح المرصد أن «داعش» أبلغ أهالي بلدة الشعفة في اجتماع بأحد المساجد، بوجوب «تسليمهم السلاح الذي بحوزتهم،

وتسليم مجهولين أنزلوا رايات التنظيم من فوق مدرسة البلدة وخزان المياه في الشعفة»، مهددا بأن «أي منزل يفتش ويعثر فيه على الأشخاص الذين أنزلوا رايات (الدولة الإسلامية) فإنهم سيفجرون المنزل».
وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة ألحقت خسائر في صفوف إرهابيي تنظيم (داعش) الإرهابي في سلسلة عمليات تمكنت خلالها من قطع خطوط إمدادهم داخل مدينة دير الزور».
وذكرت أنه «تم استهداف تجمعات لإرهابيي تنظيم (داعش) الإرهابي في حي الحويقة، وأوقعت وحدة من الجيش في صفوفهم أعدادا من القتلى والمصابين، ودمرت 8 آليات لهم بمن فيها، وقطعت خطوط الإمداد عن إرهابيي التنظيم داخل المدينة».
وفي محافظة حلب أفيد بارتفاع عدد القتلى الذين قضوا جراء قصف جوي إلى 11، فيما نجحت المعارضة المسلحة في اقتحام حي سليمان الحلبي، شرق المدينة، بعد معارك عنيفة، وتمكنت من السيطرة على مجموعة من المباني السكنية فيه.
وواصل الطيران الحربي السوري حملته على ريف حماه، فاستهدفت الغارات الجوية مناطق في بلدتي اللطامنة وكفرزيتا.
وقال ناشطون إن اشتباكات عنيفة دارت بين مسلحي المعارضة وقوات النظام في الجهة الجنوبية والنقطة السادسة بالجهة الشرقية لمدينة مورك بريف حماه الشمالي، بالتزامن مع قصف بالطيران الحربي والمروحي على المدينة.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.