الجمعيات الخيرية للمشاهير المصريين أثر لا يزول

لم يكتف مشاهير الفكر والدين والسياسة في مصر بإبراز أسمائهم عبر إنجازاتهم في مجال عملهم التقليدي، بل اتجه عدد منهم إلى تخليد اسمه عبر الجمعيات والمؤسسات الخيرية، في صياغة حديثة لمفهوم الوقف الخيري الذي كان سائداً في العقود الماضية، إذ اعتاد كثير من المشاهير والشّخصيات العامة في فترات ماضية عمل وقف خيري لمساعدة أهالي منطقتهم أو تقديم الدعم لهم، ومع التغيرات الاجتماعية والقانونية أصبحت الجمعيات الخيرية هي الصورة العصرية لاستمرار الأثر الإنساني والاجتماعي للمشاهير في مختلف المجالات، فمن جمعيتي «الحصري»، و«مصطفى محمود» في محافظة الجيزة، ومروراً بـ«عبد القادر حاتم» في مدينة القاهرة، حتى جمعية «محمد صلاح»، تواصل تلك الجمعيات تقديم خدماتها يومياً للمواطنين المصريين.
في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، تم إنشاء جمعية «الشيخ الحصري للخدمات الدينية والاجتماعية»، في ميدان يحمل اسم الشيخ الحصري، الذي يعتبر من أوائل الذين سجلوا القرآن الكريم بصوتهم، ومن مؤسسي إذاعة القرآن الكريم، وتُقدم الجمعية الخدمات الطبية عبر العيادات الملحقة بمسجد الحصري، وخدمات تعليم دينية، إضافة إلى مساعدة الأيتام والفقراء والمحتاجين، وتتولى إدارتها ابنته ياسمين الحصري.
وقال اللواء رجائي عكاشة، المدير التنفيذي لجمعية الحصري، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الجمعية أسستها السيدة ياسمين الحصري عقب وفاة والدها الشيخ الحصري»، مشيراً إلى أنّ الجمعية تقدم خدمات متنوعة، من بينها توفير معاشات لعدد 500 أسرة شهرياً، وخدمات طبية، إذ يحتوي المركز الطبي على 11 ماكينة غسيل كلوي، و5 حضانات أطفال، وخدمات تعليمية عبر 3 مراكز تعليمة تقدم دروساً لعدد 1000 طالب يومياً من طلاب الثانوية العامة، إضافة إلى بيت للطّالبات المغتربات تسكنه 200 طالبة، ودار مسنين، ودار أيتام».
كما تعد جمعية مصطفى محمود الخيرية، أحد نماذج تخليد الاسم والأثر عبر العمل الخيري، فالجمعية التي تحتفل خلال الأيام القليلة المقبلة بمرور 40 عاماً على إنشائها، أسسها المفكر والفيلسوف الراحل مصطفى محمود، في شارع جامعة الدول العربية، بحي المهندسين، (غرب القاهرة) في الميدان الشهير الذي يحمل اسم المفكر الراحل.
وقالت ابنته، أمل مصطفى محمود، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، إنّ «فكرة إنشاء الجمعية ترجع إلى عام 1974. عندما أرسل والدها خطاباً لأحد أصدقائه المغتربين في أوروبا، يعلن فيه رغبته في بناء مسجد ملحق به بعض العيادات الطبية في القاهرة، بعد نجاحه في توفير مبلغ 4 آلاف جنيه، واستطاع والدها الحصول على قطعة أرض مساحتها 2500 متر مربع، وجمع تبرعات من أصدقائه، ليضع اللبنة الأولى في الجمعية، التي ما زالت قائمة حتى الآن، تقدم خدمات لسكان المنطقة من غذاء وكساء وعلاج».
وأوضح الدكتور محمد ربيع، مدير القطاع الطبي وعضو مجلس إدارة جمعية مصطفى محمود أنّ «عدد المترددين على العيادات التابعة للجمعية بجميع التخصّصات وصل العام الماضي إلى 600 ألف حالة، ويتم إجراء عمليات لغير القادرين بنحو 700 ألف جنيه شهرياً».
ويبدو أنّ القاسم المشترك بين هذه الجمعيات هو تقديم خدمات طبية عبر مجموعة من العيادات الملحقة بمساجد، لتتوسع الخدمة فيما بعد وتشمل مساعدة الأيتام والفقراء، ونشر الثقافة الدينية.
واتجه نجوم السياسة أيضاً إلى تخليد أسمائهم عبر العمل الخيري؛ حيث أنشأ الدكتور عبد القادر حاتم، وزير الإعلام الراحل «المجمع الخيري للدكتور عبد القادر حاتم» والذي يهدف لخدمة أهالي منطقة عابدين، والموسكي بوسط القاهرة، عبر مجموعة من المبادرات الاجتماعية، إضافة إلى عيادة طبية لتقديم الخدمات العلاجية.
ولم يقتصر الأمر على رموز المجتمع الراحلين، لكن عدداً من رجال الأعمال ونواب البرلمان المصري اتجهوا إلى إنشاء مؤسسات وجمعيات خيرية خاصة بهم، تُقدّم خدمات متنوعة، سواء ثقافية أو دعم مشروعات صغيرة أو مساعدات للفقراء والأسر الأكثر احتياجاً، في إطار المسؤولية الاجتماعية، ولم يغب مشاهير الطّب والرياضة كذلك عن الساحة، إذ تقدم جمعية جراح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب، خدماتها لعلاج أمراض القلب، كما تقدم «جمعية اللاعب المصري محمد صلاح» نجم فريق ليفربول الإنجليزي، خدماتها الخيرية في مسقط رأسه بقرية نجريج في مركز بسيون، بمحافظة الغربية في الدلتا المصرية.
ووفقاً لآخر إحصائية أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، فإنّ عدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية يزيد عن 48 ألف جمعية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. من بينها 12 ألف جمعية تنفق نحو 10 مليارات جنيه سنوياً (الدولار الأميركي يعادل 16.6 جنيه مصري) على العمل المجتمعي.