نواب فرنسيون يقاطعون جلسة لناشطة سويدية «بالسروال القصير»

ينوي عدد من البرلمانيين الفرنسيين مقاطعة جلسة مقررة في الجمعية الوطنية، اليوم (الثلاثاء)، تتحدث فيها الناشطة السويدية غريتا ثانبيرغ. وتبلغ ثانبيرغ من العمر 16 عاماً، وقد نالت في الفترة الأخيرة شهرة عالمية لنشاطها من أجل المناخ، وأصبحت رمزاً لأجيال مقبلة تسعى للعيش في بيئة نظيفة. لكن استضافتها في البرلمان الفرنسي تواجه انتقادات من ممثلي حزبي «الجمهوريون» اليميني و«التجمع الوطني»، وهي التسمية الجديدة لحزب الجبهة الوطنية المتطرف. وتلقت المراهقة السويدية دعوة رسمية للقاء مفتوح أمام البرلمان الفرنسي من 162 نائباً يمثلون تجمع «أكسيليرون» المدافع عن المناخ. ومن المنتظر أن تحضر الضيفة النقاش التقليدي بين النواب وممثلي الحكومة، من مقعد خصص لها في منصة الشرف.
في مواقع التواصل، سخر عدد من النواب من تجربة الضيفة التي لم تتجاوز سن الطفولة. وجاء في تغريدة للنائب جوليان أوبير، المرشح لرئاسة حزب «الجمهوريون» المعارض: «أحترم حرية الفكر، لكن لا تحسبوا حسابي في التصفيق لعرافة بالسروال القصير». ويقصد أوبير أن الضيفة لم تبلغ من العمر، بعد، ما يؤهلها لارتداء السروال الطويل. وأضاف، أنه مع نظافة البيئة، لكنه ضد ما وصفه بـ«البزنس الأخضر» واحتمال حصول الناشطة السويدية على «نوبل للخوف». كما دعا زميله ومنافسه النائب غييوم لاريفيه إلى مقاطعة الجلسة التي تحضرها غريتا ثانبيرغ والمخصصة للتصدي بذكاء للاحتباس الحراري. وكتب في حسابه: «لسنا في حاجة إلى سدنة ينذروننا بالقيامة، وإنما إلى جماعة من العلماء وإلى شجاعة سياسية».
الأحد الماضي، وفي مدينة كاين الفرنسية في مقاطعة النورماندي، تسلمت ثانبيرغ جائزة «الحرية 2019» التي تمنحها جمعية قدامى المحاربين في الإنزال الذي قامت به قوات الحلفاء على الشاطئ الفرنسي في الحرب العالمية الثانية. لكن أحداً لم يتوقع الانتفاضة التي أعلنها نواب فرنسيون ضد دعوتها للحديث أمامهم بدل منح هذا الامتياز للخبراء الذين يعملون بصمت ومنذ سنوات ضد التسخين الحراري للمناخ. واتهمت النائبة فاليري بوير الناشطة السويدية بأنها واقعة تحت التأثير، في حين غرّد النائب سيباستيان شينو قائلاً: «هل تتهموني بالخروج على الصواب السياسي إذا امتنعت عن الذهاب للإنصات إلى هذه الطفلة؟».
لمع اسم غريتا ثانبيرغ، المولودة في استوكهولم عام 2003، عندما قادت إضراباً في مدرستها للاحتجاج على نقص العناية بحماية البيئة. وحملت التلميذة لافتة وجلست على الرصيف أمام مبنى البرلمان السويدي وأعلنت أنها لن تعود إلى مدرستها لحين اتخاذ السلطات قرارات عملية تلتزم فيها بحماية المناخ من الغازات السامة. وحظي الإضراب بتغطية صحافية محلية وسرعان ما تناقلته وسائل الإعلام في العالم. وفتحت الشهرة الطارئة الطريق لغريتا لأن تلقي خطاباً أمام مؤتمر كاتوايس في بولونيا، العام الماضي، حول التغيرات المناخية. ولتطبيق الأفكار التي تؤمن بها، تحولت المراهقة السويدية إلى نباتية بالكامل، تمتنع عن تناول اللحوم والمشتقات الحيوانية، كما صارت ترفض السفر بالطائرات، باعتبار أن هذه الوسيلة في التنقل تساهم في تلوث البيئة.
جمعت البنت في شخصيتها بين موهبة والدتها مغنية الأوبرا ووالدها وجدها اللذين يعملان في التمثيل. ورغم معاناتها، وهي في سن 11 عاماً، من اضطرابات وانهيار عصبي، فإنها فازت في مسابقة لكتابة مقال حول المناخ. وبعد فوزها دعاها بو ثورين، الناشط البيئي المعروف، إلى لقائه والتعاون معه. وسرعان ما تحولت التلميذة المتحمسة إلى رمز لحركة أكبر منها، بحيث كان هناك من شجعها على نشر قصة حياتها في كتاب صدر في الصيف الماضي بعنوان «مشاهد من القلب»، ونزل إلى المكتبات بعد أيام من الإضراب المدرسي. وقالت غريتا إن والديها وشقيقتها ساعدوها في تحرير الكتاب.
في حسابها على موقع «فيسبوك»، تكتب غريتا ثانبيرغ: «نحتاج إلى طريقة جديدة في التفكير. فالنظام السياسي الذي صنعتموه، أنتم الراشدين، لم يعد مناسباً. أنتم تغشون حيثما تسنح لكم الفرصة؛ لأن ما يهمكم هو الربح. إن علينا أن نتعاون ونتقاسم ما بقي من موارد على هذه الكرة الأرضية بطريقة عادلة». ورغم أن المواقف المتطرفة للمراهقة السويدية خلقت لها منتقدين كثيرين، فإنها عادت عليها بجوائز وتكريمات كثيرة في بلدها والخارج. وتلقت في الخريف الماضي منحة دراسية باعتبارها «شابة العام»، كما ورد اسمها في لائحة مجلة «تايم» لأكثر 25 مراهقاً مؤثراً في العالم. وبلغ الأمر في ربيع العام الحالي أن تقدم نائبان سويديان وثلاثة نواب نرويجيون بترشيحها لجائزة «نوبل» للسلام. ومن المقرر، مع استئناف السنة الدراسية في الخريف المقبل، أن تتسلم ثانبيرغ الدكتوراه الفخرية من جامعة «مونس» في بلجيكا.