«حزمة حماية» أوروبية لآيرلندا من عواقب «بريكست»

TT

«حزمة حماية» أوروبية لآيرلندا من عواقب «بريكست»

ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية، أمس (الاثنين)، أن المفوضية الأوروبية تعمل على وضع حزمة من المساعدات تقدَّر بمليارات الجنيهات الإسترلينية لآيرلندا الشمالية، لتغطية الضرر الاقتصادي الذي سينجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست». ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي «كبير» في الاتحاد الأوروبي، دون ذكر اسمه، أن التكتل الأوروبي سينفق كل ما يلزم لإنقاذ الحكومة الآيرلندية من أي ضرر تجاري. وقال قادة أوروبيون لوزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، إنه يجازف بإحباط أي إمكانية لتجنب الخروج من دون اتفاق من خلال فرض مطالب «غير واقعية» بخصوص مبدأ مساندة الحدود الآيرلندية.
وأوضحت الصحيفة أن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي تواصلوا مع شخصيات «بارزة» قريبة من جونسون، وحثّوه على ضبط النفس عند وضع خطة «بريكست» قبل تولي منصب رئيس وزراء بريطانيا، والذي من المتوقع أن يفوز به جونسون عند إعلان النتائج، اليوم (الثلاثاء).
يُذكر أن الوزير البريطاني المكلف بملف «بريكست» ستيفن باركلي، قد حذّر آيرلندا مطلع يوليو (تموز) الجاري من أن الخروج من دون اتفاق سيدمّر اقتصاد آيرلندا على نحو أكثر من بريطانيا.
وقال باركلي إن الحكومة البريطانية مستعدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وإن الخطر الذي يهدد الاقتصاد الآيرلندي من «بريكست» من دون اتفاق سيجبر الاتحاد على العودة إلى طاولة المفاوضات.
ولفتت الصحيفة إلى أن بوريس جونسون كان قد هدد في وقت سابق بحجب ما سماها «فاتورة طلاق بريكست» التي تصل قيمتها إلى 39 مليار جنيه إسترليني، وذلك في محاولة لإجبار الاتحاد الأوروبي على إزالة مبدأ مساندة الحدود الآيرلندية من اتفاق «بريكست»، غير أن القادة والمسؤولين الأوروبيين الذين تحدثوا في هذا الشأن، منذ العام الماضي حتى الآن، قالوا إنه لن تتم إعادة فتح باب المناقشة بشأن الاتفاق. وكان تقرير تقرير رسمي قد حذر قبل أسبوعين من فقدان نحو 40 ألف شخص وظائفهم في آيرلندا الشمالية، جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وأوضح التقرير الصادر عن وزارة الاقتصاد في آيرلندا الشمالية أن قطاعات واسعة ستتضرر جراء فرض رسوم جمركية على التجارة مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما النقل والزراعة.
وتابع أن «بريكست» دون اتفاق، من شأنه التأثير سلباً على صادرات آيرلندا الشمالية إلى جمهورية آيرلندا بواقع 11 إلى 19%.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.