تشكيل الحكومة الإسبانية الجديدة رهن مفاوضات ومفاجآت اللحظات الأخيرة

سانشيز يخاطب النواب في البرلمان بمدريد أمس (أ.ف.ب)
سانشيز يخاطب النواب في البرلمان بمدريد أمس (أ.ف.ب)
TT

تشكيل الحكومة الإسبانية الجديدة رهن مفاوضات ومفاجآت اللحظات الأخيرة

سانشيز يخاطب النواب في البرلمان بمدريد أمس (أ.ف.ب)
سانشيز يخاطب النواب في البرلمان بمدريد أمس (أ.ف.ب)

يصوّت البرلمان الإسباني بعد ظهر اليوم على طلب زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز الثقة، لتشكيل حكومة جديدة بعد نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات العامة التي حلّ فيها الاشتراكيون في المرتبة الأولى من غير الحصول على الأغلبية الكافية التي يقتضيها عدم الدخول في تحالفات أو ائتلافات مع القوى السياسية الأخرى.
وكانت جلسة الثقة قد بدأت منتصف نهار أمس الاثنين بخطاب طويل لسانشيز عرض فيه برنامجه مؤكداً حرصه على «الانطلاق من أسس المبادئ الاشتراكية» لتحقيق المساواة الاجتماعية وتعزيز الحرّيات العامة وحمايتها، ومواجهة تداعيات تغيّر المناخ والحفاظ على البيئة، وشدّد على ضرورة صون وحدة التراب الإسباني مع «الاعتراف بالخاصيّات السياسية والثقافية للقوميات التاريخية».
تحدّث سانشيز طوال ساعتين من غير أن يشير مرة واحدة إلى كاتالونيا التي ما زالت أزمتها الانفصالية بيت القصيد في المشهد السياسي الإسباني والرحى التي تدور حولها كل المناورات والتحالفات السياسية في إسبانيا منذ عامين، والتي كانت السبب الرئيسي في سقوط حكومة راخوي وصعود الاشتراكيين إلى الحكم في العام الماضي. ومما لفت أيضا في خطاب سانشيز الأوّل تحاشيه لأي إشارة إلى حزب بوديموس الذي استأنف الاشتراكيون معه جولة جديدة من المفاوضات المكثّفة التي ينتظر أن تدوم حتى الخميس المقبل، موعد التصويت الثاني والأخير على طلب الثقة. ولم ترشح أي معلومات عن سير هذه المفاوضات التي اتفق الطرفان على إجرائها في ظل تعتيم إعلامي كامل.
ويذكر أن الاشتراكيين الذين يحكمون منذ صيف العام الماضي بشكل منفرد، معتمدين على 84 مقعداً من أصل 350 في البرلمان، يواجهون اليوم صعوبة كبيرة في حشد الأغلبية اللازمة رغم حصولهم على 123 مقعداً في الانتخابات الأخيرة. ويعود ذلك إلى أن الأحزاب الإقليمية وحزب «بوديموس» اليساري قررت الامتناع عن التصويت في المرة السابقة تدفعها رغبة قوية في إسقاط حكومة اليميني المحافظ راخوي، فيما يشترط «بوديموس» اليوم حصة في حكومة ائتلافية لتأييد سانشيز بعد أن رفض حزب «مواطنون» عرض الاشتراكيين لتشكيل تحالف حاكم وأعلن أنه سيصوّت ضد منحه الثقة على غرار الحزب الشعبي الذي يراوده حلم العودة إلى الحكم على رأس تحالف يميني في حال فشل الزعيم الاشتراكي في نيل ثقة البرلمان لتشكيل حكومة.
وينصّ الدستور الإسباني على وجوب حصول المرشّح المكلّف من الملك تشكيل الحكومة على تأييد الأغلبية المطلقة في مجلس النواب خلال الجولة الأولى من التصويت، وفي حال تعذّر ذلك تكفي الأغلبية البسيطة - أي أن يزيد عدد الأصوات المؤيدة على عدد الأصوات المعترضة - في الجولة الثانية التي تجري بعد 48 ساعة من الجولة الأولى.
المجازفة كبيرة بالنسبة للاشتراكيين الذين يصلون إلى نهاية المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة بعد 80 يوما من الانتخابات العامة و8 أسابيع من الانتخابات الأوروبية والمحلية، من دون إحراز أي تقدم ملموس في المفاوضات مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى لضمان التأييد اللازم في البرلمان، أو حتى التعهد بعدم الاعتراض على ترشيح سانشيز.
وكان الاشتراكيون قد أعلنوا نهاية الأسبوع الماضي قطع المفاوضات التي كانت جارية مع حزب «بوديموس» لتشكيل حكومة ائتلافية يطالب فيها هذا الحزب بتوزير زعيمه «بابلو إيغليسياس» وأربع حقائب أخرى بما يتناسب مع حجم كتلته البرلمانية التي تضمّ 42 نائباً. وكان الحزب الاشتراكي، بعد تراجعه عن موقفه الأول بتشكيل الحكومة منفرداً والقبول بالتفاوض مع غريمه «بوديموس» إثر إصرار الأحزاب اليمينية على رفض ترشيحه، يعترض على توزير إيغليسياس ويصرّ على أن يعود له قرار اختيار وزراء هذا الحزب وحقائبهم من لائحة تضمّ مرشحين تكنوقراط. لكن في نهاية الأسبوع الماضي، وبعد الإعلان رسمياً عن انقطاع المفاوضات، فاجأ إيغليسياس الرأي العام بالتخلّي عن مطلبه في الدخول إلى الحكومة، مما أدّى إلى استئناف المفاوضات في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الاثنين قبيل بداية جلسة الثقة.
وفي أوّل رد على خطاب سانشيز شنّ زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو هجوماً عنيفاً على المرشح الاشتراكي واتهمه بالتهرب من الحديث عن المشاكل الأساسية مثل الأزمة الانفصالية في كاتالونيا وحقيقة المفاوضات الجارية مع بوديموس. وأكّد كاسادو أن حزبه سيصوّت ضد طلب الثقة، على غرار حزب «مواطنون» الذي وجّه زعيمه ألبير ريبيرا انتقادات شديدة لسانشيز واتهمه بتهديد وحدة إسبانيا عن طريق تنازلاته المتكررة للأحزاب الانفصالية.
الأمر الوحيد الذي يبدو أكيداً في الوقت الحاضر هو أن سانشيز لن يخرج ظافرا مساء اليوم (الثلاثاء) من معركته الأولى لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن مصير المعركة الثانية مساء الخميس المقبل سيبقى معلّقاً بخيط المفاوضات العسيرة التي تجري وراء الكواليس مع الخصم الذي ينافسه على أصوات اليسار، والذي بات يملك بيده مفتاح عودة إسبانيا إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة في أقل من أربع سنوات.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.