إسلاميون وعلمانيون يطالبون بالإفراج عن معتقلي الرأي في الجزائر

TT

إسلاميون وعلمانيون يطالبون بالإفراج عن معتقلي الرأي في الجزائر

طالبت أحزاب إسلامية وعلمانية جزائرية بالإفراج عن معتقلي الرأي الذين يسجنهم الجيش والقضاء المدني بسبب مواقف سياسية وشعارات عبَروا عنها خلال المظاهرات وفي وسائل الإعلام، كما أبدت رفضاً لمسعى السلطة تنظيم انتخابات رئاسية في الوقت الحالي بسبب عدم توفر شروط «اقتراع نظيف»، حسب قولها.
وعقدت «حركة مجتمع السلم» (إسلامية) مجلسها التشاوري في اليومين الماضيين لبحث الأوضاع في البلاد في ضوء «مبادرة الحوار» المتعثرة التي اقترحتها السلطة والتي لم تلق صدى إيجابياً في الحراك. كما عقدت أحزاب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية» (يسار) و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، اجتماعاً مشتركاً تناول اقتراح شخصيات وطنية لقيادة وساطة بين الجيش والحراك الشعبي. وقال «مجتمع السلم» في بيان، توج اجتماع كوادره، إنه «يبقى متمسكاً بالحوار المبني على الإرادة السياسية الجادة والحقيقية والصادقة، التي تحقق مطالب الحراك الشعبي وتفضي إلى انتقال ديمقراطي حقيقي كونه السبيل الأمثل للخروج من الأزمة».
ودعا إلى «ضرورة مواصلة الحراك الشعبي والثبات على مطالبه السياسية الأساسية في الحرية والانتقال الديمقراطي، كما نثمَن صمود الحراك للأسبوع 22 رغم كل محاولات التثبيط والاختراق والتقزيم». وأكد أن «حجم ملفات الفساد المطروحة على القضاء هو نتيجة حتمية للفساد السياسي الذي أساسه التزوير الانتخابي الذي لطالما حذرت منه الحركة، وندعو إلى المعالجة الفعلية والشاملة والعادلة (لقضايا الفساد) في إطار نظام قضائي مستقل ومؤسسات شرعية منتخبة». ويتعرض القضاة الذين يتعاملون مع ملفات الفساد، لانتقاد شديد بحجة أنهم أطلقوا متابعات ضد مسؤولين ورجال أعمال، «بناء على أوامر وتوجيهات من السلطة الفعلية».
وتم سجن رئيسي الوزراء عبد المالك سلال وأحمد أويحي، والوزراء يوسف يوسفي وجمال ولد عباس والسعيد بركات، ومحجوب بدة وعمر غول، بتهم فساد تعود إلى فترة توليهم المسؤولية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
وبعكس الكثير من أحزاب المعارضة، لا تمانع «حركة مجتمع السلم» إطلاق حوار مع الجيش بهدف الخروج من المأزق السياسي، فيما يرى آخرون أنه طرف في الأزمة، بسبب هجوم قائده الجنرال قايد صالح المتكرر على المتظاهرين. وضاق صالح ذرعاً بالفرض الصارم للمتظاهرين تنظيم انتخابات رئاسية، واتهمهم بتأجيل الحل، وذهب إلى حد وصفهم بـ«بقايا العصابة» التي تم سجن أبرز وجوهها خاصة السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، الفريق محمد مدين مدير المخابرات سابقاً.
من جهتها، طالبت الأحزاب اليسارية واللائكية في ختام اجتماعها، بـ«إطلاق سراح كل المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي»، في إشارة إلى رجل الثورة لخضر بورقعة المتهم بـ«إضعاف معنويات الجيش» وزعيمة «حزب العمال» لويزة حنون المتهمة بـ«التآمر على الجيش»، ومئات المتظاهرين سجنوا بسبب قضية «رفع الراية الأمازيغية» وآخرين اعتقلوا بعد نشر كتابات على شبكة التواصل الاجتماعي، عدَت مسيئة للمسؤولين، خصوصاً قيادات بالمؤسسة العسكرية.
كما طالبت الأحزاب بـ«وقف المضايقات المنتهجة ضد وسائل الإعلام»، وهي إشارة إلى تعطيل الصحيفة الإلكترونية «كل شيء عن الجزائر»، ومنع الفضائيات الخاصة من التركيز على مظاهرات الجمعة.
وجاء في بيان مشترك لأحزاب من المعارضة أن «لا جدية لأي محاولة سياسية، مهما كانت طبيعتها أو أي حوار سياسي» حتى «تتحقق شروط» مثل «إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وفتح المجال السياسي والإعلامي وذهاب كل رموز النظام».
وكان الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، الذي تولى المنصب بعد استقالة عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان)، دعا إلى حوار «تقوده شخصيّات وطنيّة مستقلّة» ولا تُشارك فيه السلطة أو الجيش، وذلك بهدف «أوحَد» هو تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. وكانت هذه الأحزاب اقترحت في 26 يونيو (حزيران) «ميثاق الانتقال الديمقراطي الحقيقي» الذي وقّعه كل من حزب جبهة القوى الاشتراكية (14 نائباً من أصل 462) وحزب العمال (11 نائباً) والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (9 نواب).
وترصد أحزاب المعارضة وجمعيات المجتمع المدني والمراقبون، كيفية تحقيق مبادرة الحوار التي اقترحتها السلطة، ومَن الشخصيات التي تقودها. ودعت أحزاب معارضة أخرى وشخصيّات من المجتمع المدني في يونيو إلى إجراء انتخابات في غضون 6 أشهر، مع مرحلة انتقالية تقودها شخصيات توافقية. واقترحت مؤخراً إحدى هذه المنظمات «منتدى المجتمع المدني للتغيير» قائمة من 13 اسماً لشخصيات معروفة لدى الجزائريين للقيام بالوساطة والحوار بين الحركة الاحتجاجية والسلطة القائمة. ومن بين الشخصيات المقترحة، رئيس الحكومة بين 1989 و1991 مولود حمروش، وبطلة حرب التحرير جميلة بوحيرد، إضافة إلى مسؤولين سياسيين سابقين وناشطين حقوقيين.
ورحّب الرئيس الانتقالي بقائمة الأسماء المطروحة، واعتبرها «خطوة إيجابية لتشكيل فريق من الشخصيات الوطنية التي ستوكل إليها مهمة قيادة مسار تسهيل الحوار».
لكن كثيراً من الشخصيات التي وردت أسماؤها في قائمة «منتدى المجتمع المدني للتغيير» وضعت بدورها شروطاً للمشاركة في الحوار، وعلى رأسها أيضاً «إطلاق سراح المعتقلين السياسيين». وهناك أكثر من 30 شخصاً رهن الحبس المؤقت، في انتظار محاكمتهم بتهمة «المساس بسلامة وحدة الوطن».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».