ليبيا: «الجيش الوطني» يتأهب لدخول طرابلس بعملية «حاسمة وسريعة»

إسقاط سادس طائرة درون تركية

TT

ليبيا: «الجيش الوطني» يتأهب لدخول طرابلس بعملية «حاسمة وسريعة»

أعلن مسؤول عسكري بارز بالجيش الوطني الليبي، أمس، أن قواته تتأهب لـ«تحرير العاصمة طرابلس خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، من هيمنة الميليشيات المسلحة» الموالية لحكومة «الوفاق الوطني»، التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة. يأتي ذلك فيما أسقطت الدفاعات الأرضية للجيش الوطني سادس طائرة درون تركية، في محور عين زارة بجنوب طرابلس، بعد مقتل 8 من جنود الجيش في غارة جوية، مساء أول من أمس.
وقال اللواء فوزي المنصوري، قائد محور عين زارة بجنوب العاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن «دخول قوات الجيش سيحدث خلال الأيام أو الساعات القليلة المقبلة»، معتبراً أن «دخول طرابلس سيتم خلال وقت قريب جداً»، ولفت أيضاً إلى أن عملية الاقتحام ستكون «سريعة وحاسمة» على حدّ تعبيره. وأضاف: «القوات جاهزة تماماً، وتنتظر فقط التعليمات النهائية من المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني باقتحام العاصمة»، موضحاً أن «مواقع القوات ومعنويات الجنود ممتازة في ظل التقدم الذي تحرزه ميدانياً».
وأوضح أن «تعليمات المشير حفتر إلى قوات الجيش خلال هذه المعركة تنص على الحفاظ على أرواح السكان المدنيين والبنية التحتية وممتلكات المواطنين»، معتبراً أن «مصير الميليشيات المسلحة بعد دخول الجيش سيكون إما القتل وإما السجن وإما الهروب». وتابع المنصوري: «هذه معركة وطنية صرفة، والقوات الموجودة على الأرض هي فقط قوات الجيش الوطني الليبي، ومطلوب من سكان العاصمة التعاون مع الجيش وإغلاق الأحياء لمنع تسلل أو هروب عناصر الميليشيات والإفصاح عن أماكن وجود الإرهابيين وعدم السماح للميليشيات بالاقتراب منها». وشدد على أن «قوات الجيش تدربت عملياً على عملية تحرير طرابلس خلال تحريرها لجميع المدن الليبية من بنغازي ودرنة وإجدابيا وغيرها من قبضة الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر عليها على مدى السنوات الماضية». وقال المنصوري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نواجه الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا، وليلة أول من أمس كان هناك قصف بالطائرات التركية المسيرة على مواقع الجيش في عين زارة بجنوب طرابلس».
وكان الجيش قد أعلن مقتل 8 من قواته مساء أول من أمس، في هذا المحور إثر تعرض موقعهم لغارة شنتها طائرة درون تركية مسيرة، قبل أن يعلن، أمس، عن إسقاط طائرة مماثلة في المحور نفسه.
وهذه هي سادس طائرة تركية من دون طيار يسقطها الجيش منذ إطلاق حفتر عمليته العسكرية لـ«تحرير طرابلس» في 4 أبريل (نيسان) الماضي. وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش، إن دفاعاته تصدت لهجومٍ جوي وقامت بإسقاط طائرة تركية مُسيّرة تابعة لمجموعات الحشد الميليشياوي المدعوم من تركيا وقطر، في إشارة إلى الميليشيات الموالية لحكومة السراج. وأوضحت أن «قوات الجيش تعمل طيلة الأربع والعشرين ساعة من دون توقف وبكل الإمكانات والخبرات العسكرية المُتاحة لتأمين المجال الجوي الليبي، ولن تسمح للعدو بانتهاك سيادته، وتهديد المدنيين والمنشآت الحيوية».
من جانبه، واصل غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا الدعوة للعودة مجدداً إلى «طاولة المفاوضات»، حيث قالت البعثة الأممية إنه «بحث مع السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا في تونس، مساء أول من أمس، الأوضاع الراهنة والتحديات السياسية والأمنية»، لافتة إلى «تأكيد الطرفين على ضرورة حماية المدنيين والمنشآت الاقتصادية والمدنية وحماية المهاجرين والعودة إلى المسار السياسي في أسرع وقت». كما أعلنت اتفاق سلامة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا، جاشوا هاريس، خلال اجتماعهما في تونس على «ضرورة حماية المدنيين والمنشآت الاقتصادية والمدنية وأهمية العودة إلى المسار السياسي في أسرع وقت ممكن». ولدى لقائه مع وفد من مدينة بني وليد، رحّب سلامة بكل «الجهود التي تبذل في سبيل إيقاف العمليات العسكرية الدائرة والعودة للمسار السياسي وإيجاد حل جذري للأزمة في ليبيا».
إلى ذلك، أعلنت «الشركة العامة للكهرباء» عن احتمال «توقف محطة أوباري الغازية عن الخدمة في أي لحظة»، بعد إعلان مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج في طرابلس تعليق إمدادات النفط الخام إلى المحطة، بسبب وقف إنتاج حقل الشرارة النفطي.
وكانت مؤسسة النفط قد أعلنت، في بيان لها أمس، حالة القوة القاهرة، وتوقف عمليات شحن النفط الخام بميناء الزاوية بعد توقف إنتاج حقل الشرارة، أكبر الحقول النفطية بالبلاد، عقب إغلاقه بسبب وقف أحد الصمامات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».