الغنوشي يترشح للانتخابات البرلمانية في تونس

أزمة غير مسبوقة بين أنصار السبسي ومعارضيه

TT

الغنوشي يترشح للانتخابات البرلمانية في تونس

أعلنت حركة «النهضة» في تونس أمس أنها رشّحت رسمياً زعيمها، راشد الغنوشي، لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجري في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في خطوة اعتبرت تمهيداً لحصوله على منصب قيادي كبير في البلاد. كما أعلن المكتب التنفيذي لـ«النهضة» أنه أدخل تغييرات على قوائم المرشحين بعد الانتقادات التي وجهها عدد من القياديين والنشطاء، بينهم وزراء مثلوا الحزب في الحكومة.
ويلعب الغنوشي دوراً كبيراً في البلاد منذ ثورة 2011، لكنه لم يترشح لأي منصب رسمي من قبل. وعاش الغنوشي (78 عاماً) بالمنفى في لندن نحو 20 عاماً خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وقال عماد الخميري، المتحدث باسم حزب النهضة، لـ«رويترز» إن «قرار ترشيح راشد الغنوشي على رأس قائمة الحزب في دائرة تونس 1، هدفه أيضاً أن يلعب زعماء الأحزاب دوراً رئيسياً في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الانتقال الديمقراطي في البلاد». وترشيح الغنوشي للمنافسة على مقعد في البرلمان يعزز التكهنات بأنه يسعى للعب دور أكبر في الفترة المقبلة، ربما كرئيس للوزراء أو رئيس للبرلمان في حال فوز حزبه بالانتخابات.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية في 6 أكتوبر، بينما تجرى الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني). وستكون هذه ثالث انتخابات حرة يصوّت فيها التونسيون عقب ثورة 2011 التي أنهت حكم بن علي.
من جهة أخرى، أعلن القيادي في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، أنيس الجربوعي، أن الهيئة ستبدأ اليوم (الاثنين) تسلم القوائم الحزبية والمستقلة للمترشحين في الانتخابات البرلمانية العامة، وأنها ستعتمد القانون الانتخابي الحالي بسبب عدم توقيع الرئيس قائد السبسي على التعديل الذي أقره البرلمان يوم 18 يونيو (حزيران) الماضي، وأعلنت أغلب الأحزاب أنها أكملت إعداد قوائم مرشحيها، بما فيها حركة النهضة.
لكن انطلاق عملية تقديم الترشحات يتزامن مع أزمة سياسية ودستورية غير مسبوقة في تونس بعد اتهامات وجهها إلى الرئيس السبسي خبراء في القانون الدستوري وسياسيون بارزون، بينهم الوزير السابق ورئيس حزب مشروع تونس المشارك في الحكومة محسن مرزوق والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي وقياديون من الصف الأول في حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد وفي حركة النهضة المشاركة في الائتلاف الحاكم. وقد اتهم خبراء وسياسيون السبسي بخرق الدستور وطالبوا بمحاسبته أو إقالته لأنه لم يوقع على تعديل القانون الانتخابي الذي أقره البرلمان الشهر الماضي، وأيدته هيئة مراقبة دستورية بعد طعن تقدم به أكثر من 50 برلمانياً.
وقال عصام الشابي ومحسن مرزوق والخبيرة في القانون الدستوري سلسبيل القليبي والخبير الدولي جوهر بن مبارك، إن الدستور يمنح الرئيس حق إعادة أي قانون إلى البرلمان من أجل «قراءة ثانية»، كما يسمح له بالدعوة إلى استفتاء عام، لكنه لا يسمح له بتجاهل قرارات البرلمان وعدم المصادقة عليها لأن النظام التونسي نظام برلماني أسند الصلاحيات العليا للبرلمان ولرئاسة الحكومة وليس لرئيس الدولة.
وذهب قياديون في حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، مثل الطبيب الصحبي بن فرج، والوزير السابق المهدي بن غربية، والحقوقية هاجر بالشيخ أحمد والسفير سمير عبد الله، إلى حد المطالبة بإعادة فتح ملف الحالة الصحية للرئيس السبسي الذي نقل إلى المستشفى العسكري للعلاج والإقامة بعد إصابته بـ«أزمة حادة» مثلما ورد في بلاغ من رئاسة الجمهورية يوم 27 يونيو. وبعد التصريحات التي صدرت عن نجل الرئيس حافظ قائد السبسي حول امتناع والده عن المصادقة على القانون الانتخابي الجديد بسبب إقصاء هذا القانون لرجل الأعمال والإعلام نبيل القروي وبعض المعارضين الآخرين، من الترشح، تهجم زعيم حزب مشروع تونس لأول مرة بعنف على الرئيس وعائلته ووصفها بالمافيا وهدد بالتصعيد الإعلامي والسياسي ضدها.
في المقابل برر نور الدين بن نتيشة، المستشار السياسي للرئيس التونسي، امتناع الرئيس عن توقيع القانون الانتخابي الجديد بما وصفه بصبغته الإقصائية وبمخالفته لفصول الدستور التي تضمن حق الترشح لكل المواطنين دون استثناءات. وفي السياق نفسه تحدث منذر ثابت الإعلامي والناشط السياسي اليساري المقرب من رجل الأعمال نبيل القروي، عن «اتفاق تاريخي» سيعلن عنه قريباً لتشكيل جبهة سياسية انتخابية «حداثية» ضد حزب النهضة ومرشحي «الإسلام السياسي» وسيشمل أنصار السبسي ونجله حافظ والقروي ومقربين من رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
كما أعلن حافظ قائد السبسي، أن والده سوف يتوجه بكلمة إلى الشعب يفسر فيها أسباب امتناعه عن توقيع القانون الانتخابي الجديد، ونفى أن يكون الرئيس تأثر بمواقف أعضاء من عائلته من بين معارضي الاتلاف الحكومي الذي يتزعمه يوسف الشاهد وقياديون من حزبي النهضة ومشروع تونس. كما قلل مستشار الرئيس نور الدين بن نتيشة من أهمية الانتقادات الموجهة إلى السبسي بانتهاك الدستور ودفع البلاد نحو أزمة سياسية دستورية عشية تقديم القوائم المترشحة والمشاورات الختامية لتشكيل جبهات وتحالفات انتخابية وسياسية تواكب المستجدات في المشهد السياسي الجديد.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.