سجل من التعاون العسكري لم تغِب فيه أميركا عن السعودية

التحالف بين الرياض وواشنطن يعيد أحداث الكويت والعراق

سجل من التعاون العسكري  لم تغِب فيه أميركا عن السعودية
TT

سجل من التعاون العسكري لم تغِب فيه أميركا عن السعودية

سجل من التعاون العسكري  لم تغِب فيه أميركا عن السعودية

تعتبر السعودية الحليف الاستراتيجي المهم للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث أخذت هذه العلاقة الاستراتيجية بين البلدين أبعاداً عميقة في التعاون في مختلف المجالات، ومن ضمنها التعاون العسكري، في التمارين العسكرية وبيع صفقات أسلحة ضخمة وتوطين الإنفاق العسكري.
ويحسب أن هذه العلاقة تلعب دوراً مهماً في المنطقة في تعزيز الأمن والاستقرار لدول المنطقة منذ عقود، ومع تنامي التمرد الإيراني وممارسة الأنشطة المزعزعة لأمن المنطقة من خلال وكلائها، ازداد التعاون العسكري فيما بين الحليفين.
وجددت هذه العلاقة تعاونها الاستراتيجي بعد أن صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أول من أمس، على استقبال السعودية قوات أميركية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها، بالإضافة إلى إعلان وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن شركة «لوكهيد مارتن» فازت بعقد قيمته 1.48 مليار دولار لبيع منظومة «ثاد» الدفاعية الصاروخية للسعودية.
وعملت الاتفاقات والتعاون في المجال العسكري، حيث قامت السعودية والولايات المتحدة بعدد من تمارين الصداقة العسكرية المشتركة، على تعزيز التعاون والوصول إلى أعلى درجات التنسيق العسكري والتكامل بين البلدين ورفع الجاهزية القتالية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات وتطوير المهارات والقدرات، إضافة إلى صفقات الأسلحة وتوطين التقنية والتصنيع العسكري في السعودية.
وعند العودة إلى السنوات أو الشهور الأخيرة، حيث كان كثير من التمارين العسكرية المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة، تعد أهمية هذه التمارين في رفع كفاءة الجيوش، وتدريب الكوادر العسكرية، واستيعاب الأسلحة والتكتيكات الحربية.
وآخر التمارين المشتركة كان الأسبوع الماضي 14 يوليو (تموز)، حيث انطلق تمرين «القائد المتحمس 2019» الذي يجمع وحدات من القوات البرية الملكية السعودية بنظيرتها الأميركية، وذلك بمدينة الملك خالد العسكرية (شمال السعودية). وسبقها كثير من التمارين المشتركة؛ ومن أبرزها «العلم الأحمر» و«العلم الأخضر» و«درع الوقاية2» وغيرها من التمارين، حيث تشهد التمارين إقامة ألعاب حرب واقعية تهدف إلى تدريب كثير من المقاتلين والطيارين وأعضاء الأطقم الجوية الآخرين.
وفي التسليح، عززت السعودية من ترسانتها العسكرية في السنوات الأخيرة بعقود فاقت مئات مليارات الدولار في صفقات متنوعة ما بين طائرات وأنظمة دفاعية وغيرها، مع التزام أميركي بالعمل على توطين 50 في المائة من الإنفاق العسكري بحلول عام 2030.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011، وافقت الولايات المتحدة على صفقة بقيمة 29.4 مليار دولار لبيع 84 مقاتلة مطورة من طراز إف - 15 للسعودية، تسلمتها الرياض في عام 2013. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من 2012، أبلغت وزارة الدفاع الأميركية الكونغرس بمشروع بيع 20 طائرة نقل من طراز سي - 130 و5 طائرات تموين من طراز كاي سي - 130 للسعودية بقيمة 6.7 مليار دولار.
وجاء بعدها كثير من الاتفاقات؛ وأبرزها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية في عام 2017، حيث تم توقيع اتفاقيات دفاعية وصلت قيمتها إلى 110 مليارات دولار، وشملت على اتفاق مع شركة «رايثيون» على إنشاء فرع في السعودية لتنفيذ برامج لخلق قدرات محلية في الدفاع وصناعة الطيران والأمن، بالإضافة إلى اتفاق مع «جينرال دايناميكس» يهدف إلى توطين التصميم والهندسة وتصنيع ودعم المركبات القتالية المدرعية، بالإضافة إلى نقل التقنية والمعرفة إلى السعودية.
لأكثر من أربعة عقود، ظل التعاون المشترك بين السعودية وأميركا في الحفاظ على أمن المنطقة، حاضراً في ذاكرة التاريخ المعاصر.
ويضفي القرار السعودي الأخير على استقبال قوات أميركية، رصيداً جديداً في تاريخ التعاون المشترك بين البلدين، ويعيد إلى الذاكرة أحداث وجود القوات الأميركية خلال حربَي تحرير الكويت 1990 وأحداث العراق 2003.
ويسترجع اللواء محمد القبيبان، وهو خبير عسكري واستراتيجي، والذي شارك في أحداث عام 1990 - 1991 في أثناء الغزو العراقي لدولة الكويت، ذكرى استضافة القوات الأميركية في السعودية آنذاك ضمن تحالف دولي ضم أكثر من 34 دولة إضافة إلى السعودية.
ويكمل القبيبان حديثه لـ«الشرق الأوسط» مستذكراً أحداث 2003 التي تمثل ثانية أبرز المحطات المعاصرة للتعاون المشترك بين البلدين في الحفاظ على أمن المنطقة، قائلاً: «عندما أُزيح نظام صدام حسين، أتت القوات الأميركية لفترة محددة وعملت في قاعدة الأمير سلطان، لدعم العملية العسكرية التي أقرها مجلس الأمن آنذاك».
ويضيف: «الولايات المتحدة اليوم، بدأت بتشكيل قوى عسكرية بحرية لأمن منطقة الخليج العربي مع مضيق هرمز وخليج عمان وكذلك مضيق باب المندب، وطلبت من الدول المستفيدة كالهند وكوريا والدول التي تستفيد كثيراً من نفط المنطقة، أن تتعاون، على أن تكون هناك قوى عسكرية تعمل بسيادة أميركية ويُحدد من ثمّ القطاع المسؤول، لأن المنطقة ليست صغيرة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».