«التيار الوطني» يعيد تحريك ملف اللبنانيين الفارين إلى إسرائيل

«حزب الله» يتحفظ في انتظار ما سيحصل عليه مقابل الموافقة

TT

«التيار الوطني» يعيد تحريك ملف اللبنانيين الفارين إلى إسرائيل

أعاد كلام وزير الخارجية جبران باسيل، حول توجه وزير العدل ألبرت سرحان، لوضع آلية لتطبيق قانون لعودة الفارين اللبنانيين إلى إسرائيل، هذه القضية إلى الواجهة بعد 19 سنة على مغادرتهم لبنان وما يرافقها من خلافات في مقاربتها من قِبل الأطراف اللبنانية، بين من يؤكد أنهم عملاء وبين مَن يعدهم مبعدين أو فارين.
ورغم أن مجلس النواب أقرّ عام 2011 مشروع قانون تقدّم به «التيار الوطني الحر» لمعالجة أوضاع اللبنانيين في إسرائيل لكن لم يعمل على وضع مراسيم تطبيقية له، وبالتالي حصلت عودة أفراد محدودي العدد، وربط البعض ذلك بشعور الفارين بعدم الأمان بانتظار أن يتم إقرار العفو العام الذي يعفيهم من الخضوع للتحقيق، وهو ما يبدو لغاية الآن مستبعداً.
ولطالما كانت قضية هؤلاء الذين يقدَّر عددهم بنحو 3400 شخص، موضع اهتمام من قِبل بعض الفرقاء اللبنانيين ولا سيما المسيحيين منهم كـ«التيار الوطني الحر» و«حزب الكتائب اللبنانية» و«حزب القوات اللبنانية»، خصوصاً أن نحو 90% من اللبنانيين في إسرائيل هم من مسيحيي الجنوب، وذلك في مقابل رفض أو قبول مشروط من فرقاء آخرين على رأسهم «حزب الله»، رغم أن وثيقة التفاهم التي جمعت بينه وبين «التيار» عام 2006 تطرقت إلى هذا الموضوع عبر التوافق على إيجاد حلّ لقضيتهم. أما اليوم فينتظر «حزب الله» ما سيقدمه «التيار» في هذا الإطار، حسبما أشارت مصادر مطلعة على موقفه.
وبعد اقتراحات ومشاريع عدة أقر البرلمان اللبناني عام 2011 مشروع قانون لمعالجة أوضاع جميع اللبنانيين الذين هربوا إلى إسرائيل خلال انسحابها من لبنان في عام 2000، ونص على أن «يخضع المواطنون اللبنانيون من ميليشيا جيش لبنان الجنوبي الذين فروا إلى الأراضي المحتلة في أي حين للمحاكمة العادلة... ويلقى القبض عليهم عند نقطة العبور من الأراضي المحتلة ويسلَّمون إلى وحدات الجيش اللبناني. أما المواطنون الذين لم ينضووا عسكرياً وأمنياً، بمن فيهم عائلات المواطنين من زوجات (أو أزواج) وأولاد، الذين لجأوا إلى الأراضي المحتلة في 25 مايو (أيار) 2000، فيُسمح لهم بالعودة إلى لبنان ضمن آليات تطبيقية تحدَّد بمراسيم صادرة عن مجلس الوزراء، دون أي قيد أو شرط سوى تسجيل أسمائهم لدى وحدات الجيش اللبناني الموجودة عند نقطة العبور التي يسلكونها في أثناء عودتهم من الأراضي المحتلة».
وبعد ذلك، وتحديداً عام 2012 تقدّم حزب الكتائب باقتراح قانون عفو عن اللبنانيين في إسرائيل، بحيث يُمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) 2000 المنصوص عنها في قانون العقوبات اللبناني، فتسقط دعاوى الحق العام والأحكام والمحاكمات كافة وتُكفّ التعقبات، ولا تجوز إحالة أيٍّ من القضايا أو الدعاوى أو الملفات المشمولة بهذا القانون إلى أي مرجع قضائي، وهو الذي لم يُطرح في جلسة تشريعية.
ويقول النائب في «التيار الوطني الحر» آلان عون، إن ما سيطرحه وزير العدل لا يعدو كونه مراسيم تطبيقية للقانون. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «وفق الآليات يمكن للعائلات أن تعود إلى لبنان من دون خضوعها لتحقيق أما من شاركوا فيما يُعرف بـ(جيش لحد) فسيتم التحقيق معهم ويخضعون للمحاكمة العادلة»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هذا الأمر قد يؤثر سلباً على عودة الجميع انطلاقاً من أن العائلات قد لا تتخذ قرار العودة إذا كان أحد أفرادها غير قادر أو معرّض للمحاكمة».
ويؤكد عون أن هذه الصيغة الوسط هي التي تم التوصل إليها نتيجة الاختلاف في مقاربة القضية من قبل الأطراف اللبنانية التي يرفض بعضها العفو العام الذي سيكون مدرجاً ضمن «سلّة العفو العام» الشاملة التي قد تُبحث قريباً وتشمل الموقوفين الإسلاميين وتجار المخدرات.
وفيما يصف رئيس الرابطة المارونية السابق أنطوان إقليموس الذي سبق أن عمل على هذا الملف، بقاء هؤلاء اللبنانيين خارج لبنان بـ«العقوبة في حد ذاتها» وأن مرور الوقت يضاعف المشكلة لا سيما بعدما عاش جيل كامل من الأولاد حياتهم هناك بعيداً عن لبنان، يرجّح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون أسباب عدم رغبتهم في العودة هي الخضوع للتحقيق ومطالبتهم بالعفو، أو عدم شعورهم بالاطمئنان للقانون الذي لم يبدد خوفهم. ومع إقرار إقليموس بأن عدم إخضاعهم للتحقيق غير ممكن، يشير إلى أهمية التمييز بين من قاتل مع العدو أو مع جيش حليف له، (في إشارة إلى ما يعرف بـ«جيش لحد») وذلك وفقاً لقانون العقوبات اللبناني، وبين العائلات ولا سيما منهم النساء والأطفال.
التمييز نفسه يشدّد عليه الدكتور في القانون الدولي والدستوري المحامي أنطوان سعد، معتبراً «أن هروب هؤلاء إلى إسرائيل جاء نتيجة أوضاع محدّدة عاشوها في تلك الفترة يضاف إليها تهديد أمين عام (حزب الله) لهم عشية الانسحاب».
وفيما يدعو سعد إلى إخضاع المتعامل مع إسرائيل للتحقيق يشدّد على «أهمية أن يكون العقاب استيعابياً من دون غايات انتقامية، متوقفاً عند بعض الحالات التي تحتاج إلى دراسة دقيقة نتيجة الأوضاع القانونية الجديدة التي نتجت عن وجود اللبنانيين في إسرائيل، مثل الولادات التي لم تسجَّل في لبنان والأطفال الذين وُلدوا وعاشوا هناك إضافة إلى المتزوجين أو المتزوجات من إسرائيليين».
ووفقاً لمجموعة تطلق على نفسها تسمية «حقّن يرجعوا» فإن عدد اللبنانيين الذين غادروا جنوب لبنان إلى إسرائيل عام 2000 كان يقدّر بنحو 7500 شخص، أما اليوم فلا يزيد عددهم على 3400 بعدما هاجر معظمهم إلى دول غربية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.