الخبز الإيطالي... أشكال وأنواع وتاريخ طويل

الرومان أول من افتتح مدرسة للخبز

الخبز الإيطالي... أشكال وأنواع وتاريخ طويل
TT

الخبز الإيطالي... أشكال وأنواع وتاريخ طويل

الخبز الإيطالي... أشكال وأنواع وتاريخ طويل

يولي الإيطاليون الخبز الأهمية الكبيرة التي يوليها له العرب، إذ نادرا ما ترى وجبة إيطالية لا تشمل الخبز.
وقد طور الإيطاليون الخبز وأدواته وعمليات تحضيره منذ آلاف السنين. وقد كان الرومان أول من أنتج دقيق الخبز الأبيض، وأول من افتتح مدرسة للخبز في القرن الميلادي الأول. يفضل الإيطاليون خبزهم طريا ورطبا ليكون مناسبا جدا لامتصاص الخل وزيت الزيتون. ولهذا هناك في إيطاليا عشرات الأنواع من الخبز وعلى رأسها:

التارالي - Taralli
هو نوع من أنواع الكعك الحلقي البيضاوي الشكل، أشبه بعيدان الكعك أو عقد البسكوت المملحة التي تعرف بالـ«بريتزل». وعادة ما يغطى هذا الكعك الذي تعود أصوله إلى القسم الجنوبي من إيطاليا بطبقة من السكر، ويضاف إلى المالح منه كثير من النكهات كالبصل والسمسم والثوم والشمرة.

ساتشينا - cecìna
يسمى هذا الخبز الذي جاء من المناطق الساحلية لتوسكاني أيضا بفطيرة طحين الحمص. وهو شبيه بالبيتزا ومصنوع من عجينة تتضمن الماء وزيت الزيتون ودقيق الحمص. غالبا ما يستخدم ملح البحر والفلفل الأسود وإكليل الجبل في عملية التحضير. ويعتبر الساتشيتا مثيلا لخبز الـ«فاريناتا» - Farinata.

شاباتا - Ciabatta
من أشهر أنواع الخبز الإيطالي حول العالم وفي بريطانيا بشكل خاص. ومنه أنواع كثيرة ويحضر من دقيق القمح والخميرة والماء والملح. على الشاباتا الذي جاء من ليغوريا، أن يكون طويل الشكل وعريضا ومستويا ولينا وخفيفا مع قشرة هشة أيضا. يستخدم الشاباتا كثيرا في تحضير السندويشات في المقاهي والمطاعم الأوروبية وخصوصا سندويشات الجبنة والتونا.

كوبيا فيراريزي
Coppia ferrarese
يعود تاريخ الأشكال المبكرة لهذا النوع من أنواع الخبز إلى نهاية القرن الثالث عشر بعد أن شجع الخبازين على إنتاج الخبز على شكل لفائف المخطوطات. يشبه هذا الخبز حرف الـx الإنجليزي وهو مكون من حبلين أو قطعتي عجين طويلتين معقودتين معا. ويدخل في عملية إنتاجه شحم الخنزير وزيت الزيتون والشعير والدقيق الناعم. وهناك ما لا يقل عن 330 مخبزا في مقاطعة فيرارا التي تنتج هذا النوع من الخبز الغريب كما تؤكد المعلومات المتوفرة.

فوكاتشيا - Focaccia
هو خبز إيطالي مشابه للخبز التركي من ناحية الشكل، وعلى الرغم من ارتباطه بالبيتزا فإنه خبز مختلف. وعادة ما يضاف إلى هذا النوع الشائع في إيطاليا زيت الزيتون والزيتون والجبن والأعشاب (إكليل الجبل - الميرامية) واللحم أو الخضراوات وملح البحر.

غريسيني - Grissini
عصي الخبز أو «عصي الغمس»: هو خبز طويل ورفيع وجاف أصله إيطالي مائة في المائة ويقدم في المطاعم كمقبلات. ويقال إنه نشأ في عام 1643 وإن الخباز أنطونيو برونيرو من تورينو اخترعه. ويقال أيضا إنه صنع لفيكتور أماديوس الثاني من سافوي خصيصا لحل مشاكل الجهاز الهضمي التي يعاني منها منذ طفولته.

بندورو - Pandoro
واحد من أنواع الخبز الإيطالي الذي يستخدم خميرة الحلوى ويستهلك بشكل رئيسي في يوم عيد الميلاد. وعلى هذا يمكن وصفه بنوع من أنواع الكعك. وعادة ما يكون هذا الخبز الهرمي الشكل من دون رأس مطليا بالفانيليا لتمثيل الثلج. كان البندورو حكرا على الطبقات الملكية في العصور القديمة، لكنه الآن من الأنواع الشعبية المتوفرة لعامة الناس. وقد أنتجه لأول مرة دومينيكو ميليجاتي من فيرونا عام 1894.

بانيتوني - Panettone
نوع آخر من أنواع الخبز المشابه لبندورو شكلا والذي يستخدم خميرة الحلوى وينتج في عطلة عيد الميلاد ورأس السنة. يضاف الزبيب والبرتقال المسكر وقشر الليمون إلى الخبز للنكهة. ويستخدم الخبز هذا في كثير من البلدان التي يكثر فيها المهاجرون الإيطاليون كالولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية والمكسيك. وقد بدأ بخبزه أنجيلو موتا عام 1919؛ ولانه كان رخيصا أيام الحرب العالمية الثانية انتشر في جميع المناطق.

بيادينا - Piadina
يحضر هذا الخبز المسطح الذي يقارن بالتورتا المكسيكية من الدقيق والشحم والملح والماء وتعود أصوله إلى منطقة رومانيا. هناك أنواع منه في مختلف المناطق الإيطالية ويستخدم طازجا لإنتاج السندويتشات ويحشى بالجبن والسلامي والخضار والمربى عادة. وعلى الأرجح فإن أصوله بيزنطية التي تأثرت بها رومانيا كثيرا في القرون الوسطى ويمكن أن يكون يونانيا أيضا. وجاء أول ذكر له في كتاب «وصف رومانديولي» للكردينال لنجليكو عام 1371، وكانت تخبز العجينة مع الحليب على طبق من الطين.

بينيا - Penia
من أنواع الخبز الحلو الخاص بعطلة عيد الفصح. وهو ريفي الأصل يحتوي على السكر والزبدة والبيض وبذور اليانسون والليمون مما يمنحه طعمه المميز.

باني دي ألتمورا
Pane di Altamura
من أنواع الخبز الإيطالية الممتازة وهو منزلي هش الطبع يعيش لفترة طويلة. يحضر عادة من الدقيق القاسي من منطقة ألتمورا في منطقة باري في محافظة أبوليا الجنوبية. و«بموجب القانون يجب إنتاجه وفقا لمجموعة من الشروط الصارمة، بما في ذلك استخدام أنواع معينة من القمح، ومواصفات معينة من المياه، وطريقة إنتاج متسقة، ويجب أن تكون سماكة قشرته أكثر من 3 ملم».

باني كازاريتشيو دي غينزانو Pane Casareccio di Genzano
من أفضل أنواع الخبز الإيطالي على الأرجح، فهو يشبه الشاباتا لكن لونه أكثر حمرة أي على عكس لون الشابات الأشقر والباهت. وهو خبز ريفي ناعم ورائع، ومثالي لنزهة مع الجبن والسلامي. يأتي الخبز من بلدة قريبة من روما في منطقة لاتسيو. وهو من أنواع الخبز المحمي أوروبيا ويفترض ألا يحمل أي خبز اسمه ما لم يتم إنتاجه داخل المنطقة الجغرافية تلك. أرغفته كبيرة للغاية وعادة يصل وزنها إلى ثمانية أرطال مما يؤدي إلى قشرة داكنة للغاية.

باني كراساو - Pane Carasau
يمكن التعرف على هذا النوع من الخبز المسطح التقليدي الخاص بجزيرة سردينيا بسهولة لرقة أرغفته المقرمشة. ويمكن تخزينه لفترة طويلة، وكان يستخدم من قبل الرعاة في ريف الجزيرة الرائعة.
يعرف الخبز باسم «ورقة الموسيقى» لأنه يشبه الورق الذي تكتب عليه الموسيقى المقدسة. وقد تم العثور على آثاره في مباني سردينيا الحجرية التقليدية القديمة التي يعود تاريخها إلى 1000 قبل الميلاد.



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.