جولة جديدة من «آستانة» مطلع الشهر بحضور لبنان والعراق

TT

جولة جديدة من «آستانة» مطلع الشهر بحضور لبنان والعراق

أعلنت وزارة الخارجية في كازاخستان أمس، انتهاء الترتيبات لعقد جولة جديدة من المفاوضات في إطار «مسار آستانة» مطلع الشهر المقبل، وأكدت أن العراق ولبنان سوف يشاركان في هذه الجولة بصفة مراقب، في أول حضور للبلدين بعدما نجحت الجهود الروسية في ضمهما إلى أطراف هذا المسار.
وأفاد بيان الخارجية الكازاخية بأن الجولة سوف تنعقد في العاصمة نور سلطان، يومي الأول والثاني من الشهر المقبل، مشيرة إلى انتهاء توزيع الدعوات الرسمية على الوفود المشاركة.
وبالإضافة إلى الأطراف الثلاثة الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وإيران وتركيا)، ينتظر أن يشارك الوفد الحكومي السوري بقوامه السابق نفسه، برئاسة السفير لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. فيما لم تتضح بعد طبيعة وحجم مشاركة أطراف المعارضة المسلحة، علماً أن بعض الفصائل السورية كانت أعلنت نيتها مقاطعة أي فعاليات تفاوضية في حال لم توقف روسيا والحكومة السورية العمليات العسكرية في إدلب ومحيطها.
وينتظر أن يشارك المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن الذي قام أخيراً بجولة على العواصم المنخرطة في الأزمة السورية، لوضع اللمسات النهائية على تأسيس اللجنة الدستورية. كما ينتظر أن يشارك ممثلون عن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وفيما يحضر الأردن الذي شارك في جولات سابقة للمساهمة في النقاشات الدائرة حول الوضع في الجنوب السوري، يشكل الحضور الأول للبنان والعراق دفعة قوية للجهود الروسية لتعزيز «مسار آستانة» الذي تعرض لهزات قوية بسبب التباينات الداخلية والفشل في تحقيق إنجازات جدية على مدى الجولات السابقة الـ12. وكانت موسكو أوفدت المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى بيروت وبغداد قبل أسابيع لتأكيد حضور الطرفين في الجولة المقبلة من المفاوضات. وترى الأوساط الروسية أن هذا الحضور سوف يسهم في دفع الخطط الروسية حول مبادرة الشروع في عملية إعادة اللاجئين قبل إطلاق التسوية السياسية، التي لم تنجح موسكو حتى الآن في حشد تأييد دولي لها.
ولفت بيان الخارجية الكازاخية إلى أن الجولة المقبلة «ستركز على بحث مستجدات الوضع في سوريا، خصوصاً في إدلب وشمال شرقي البلاد، والإجراءات اللاحقة لتعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة وتحريك العملية السياسية، بما فيها قضايا تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية»
وينتظر أن يشهد اليوم الأول من اللقاءات سلسلة مشاورات تمهيدية ثنائية ومتعددة الأطراف، بما في ذلك بمشاركة الحكومة والمعارضة السوريتين، فيما تنعقد الجلسة العامة للمفاوضات في اليوم الثاني.
وفي مقابل الإشارات الروسية إلى أن التركيز سوف ينصب على مواصلة مناقشة جهود مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى الوضع حول إدلب، وعملية تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية، فإن بيدرسن يأمل وفقاً لتصريحات أطلقها خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، في أن تنجح الأطراف في التوصل إلى اتفاقات محددة في إطار عملية بناء الثقة، خصوصاً في مجال إطلاق السجناء لدى معتقلات النظام، وهو الأمر الذي شهد خلال الجولات الماضية مماطلات كثيرة وتم تأجيل البحث فيه أكثر من مرة.
ولم تستبعد موسكو في وقت سابق، أن يتم الإعلان عن إنجاز تشكيل «الدستورية» قبل نهاية الشهر، في إشارة إلى احتمال أن يتم الإعلان رسمياً عن هذا التطور خلال أعمال جولة آستانة. كما أشار دبلوماسيون روس إلى اتصالات جارية لترتيب قمة ثلاثية لرؤساء روسيا وتركيا وإيران بعد جولة آستانة مباشرة في إسطنبول.
وينتظر مراقبون أن يكون ملف إدلب النقطة الخلافية الأبرز خلال الجولة المقبلة، على خلفية فشل النظام والقوات الروسية في إحراز تقدم ملموس على الأرض بعد مرور نحو 80 يوماً على انطلاق عمليات قصف واسعة استهدفت مواقع الفصائل المعارضة في المدينة ومحيطها.
وبرزت أنباء متضاربة في اليومين الماضيين حول احتمال أن تكون موسكو زجت قوات من «الوحدات الخاصة» في العمليات، في إشارة إلى تحضيرات لتوسيع الهجوم، لكن موسكو نفت صحة هذه المعطيات، واكتفت بالإشارة إلى «عدم وجود قوات برية روسية في المنطقة» من أن توضح ما إذا كان هذا النفي ينسحب على احتمال أن تكون شركات عسكرية خاصة قد أرسلت وحدات للقتال في محيط إدلب.
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف شن أول من أمس، هجوماً حاداً على واشنطن، وقال إنها «تسعى إلى إخراج جبهة النصرة من قائمة التنظيمات الإرهابية وتحويلها طرفاً في المحادثات حول الأزمة السورية».
وحذر الوزير الروسي الولايات المتحدة من اللعب بـ«قنبلة موقوتة» من خلال «العمل على الحفاظ على جبهة النصرة وجعلها طرفاً في التسوية».
ودعا لافروف، واشنطن والأطراف الغربية، إلى «عدم اختلاق ذرائع لا أساس لها لعرقلة عودة اللاجئين إلى بيوتهم في سوريا». وجددت موسكو في الأيام الأخيرة التحذير من تحركات واشنطن في الشمال والشرق السوريين، وأشارت إلى أن واشنطن زجت بقوات تابعة لشركات عسكرية خاصة، على خلفية قرارها بتقليص وجودها العسكري الرسمي على الأراضي السورية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».