«الحصانة وتشكيل البرلمان»... أبرز الخلافات بين الجيش والمحتجين في السودان

اعتصام المحتجين السودانيين أمام مقر القوات البرية في الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
اعتصام المحتجين السودانيين أمام مقر القوات البرية في الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الحصانة وتشكيل البرلمان»... أبرز الخلافات بين الجيش والمحتجين في السودان

اعتصام المحتجين السودانيين أمام مقر القوات البرية في الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
اعتصام المحتجين السودانيين أمام مقر القوات البرية في الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

تتجه الأنظار، اليوم (الجمعة)، إلى مفاوضات حاسمة بين قادة الجيش والاحتجاج في السودان يمكن أن تحدد مسار الأحداث بعد يومين فقط من توقيع الطرفين بالأحرف الأولى اتفاق تقاسم السلطة.
ووقّع الطرفان، يوم الأربعاء الماضي، اتفاقاً لتشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يؤسس لإدارة انتقالية تدير البلاد لمرحلة تستمر 39 شهراً، ويضم المجلس 11 عضواً، 5 من العسكريين، و6 مدنيين، 5 منهم من «قوى الحرية والتغيير» الذي يقود الاحتجاجات، وتعد مباحثات الجمعة حاسمة، خصوصاً أنّ الطرفين سيتفاوضان حول «الإعلان الدستوري» الذي يحتوى على مسائل خلافية معقدة.
وتشكّل «الحصانة المطلقة» التي يطلبها المجلس أكبر المسائل الخلافية في مفاوضات الجمعة، ومنذ اندلاع الاحتجاجات في 19 ديسمبر (كانون الأول)، قتل أكثر من 246 متظاهراً، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية، بينهم 127 شخصاً في 3 يونيو (حزيران) خلال فض اعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة في الخرطوم.
وقالت اللجنة إن 1353 شخصاً أصيبوا بجروح منذ اندلاع المظاهرات، التي بدأت أولاً ضد الرئيس المعزول عمر البشير، ثم تحولت إلى احتجاجات ضد المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد رحيله، وكانت السلطات أعلنت عن حصيلة أقل.
ويصرّ المجلس العسكري على منح ممثليه الخمسة في «المجلس السيادي» المشترك الجديد «حصانة مطلقة».
وقال المحلل السياسي البارز، فيصل محمد صالح، إنّ «الحصانة بشكلها الحالي تشكل مشكلة كبيرة، إنها تتعارض مع القوانين الدولية التي لا تعطي حصانة في جرائم الحرب أو انتهاكات حقوق الإنسان».
ورفض قادة الاحتجاج تماماً فكرة النصّ على «حصانة مطلقة» للجنرالات، وطرحوا من جانبهم «حصانة مؤقتة» تمنح لهم أثناء ممارسة وظيفتهم، حتى انتهاء أداء مهامهم.
وقال صالح: «إذا عاند المجلس العسكري (في مسألة الحصانة) فستكون صخرة لا يمكن تجاوزها، لأن كل القوى السياسية ترفض الحصانة المطلقة»، لكنّ الفريق أول شمس الدين كباشي قال إنّ «الحصانة ليست موضوع خلاف بين الطرفين».
واتفق المجلس العسكري وقادة الاحتجاج خلال جلسات المفاوضات الأولى في مايو (أيار) على تشكيل برلمان، يتألف من 300 مقعد، 67 في المائة منهم لـ«قوى الحرية والتغيير» المُنظم الرئيسي للاحتجاجات.
لكنّ المجلس العسكري يطالب الآن بمراجعة منح «قوى الحرية والتغيير» نسبة الـ67 في المائة من مقاعد البرلمان، خشية أن يسيطر تماماً على اتخاذ القرار في البرلمان.
وقال صالح إنّ الأمر «قد يتم حلّه إذا دخل الطرفان للتفاصيل، واكتشفا أن النسبة كلها موزعة على النقابات والمجموعات الاحتجاجية ومنظمات المجتمع المدني».
وفرّق مسلحون في ملابس عسكرية اعتصاماً لآلاف المحتجين أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم في 3 يونيو، ما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات.
ويتهم المحتجون ومنظمات حقوقية قوات الدعم السريع، التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، بالهجوم على المحتجين. لكن الجيش ينفي أنه أمر بفض الاعتصام، ويعتبر «حميدتي» هذه الاتهامات محاولة لتشويه صورة قواته.
ويدعو المحتجون لسحب القوات من شوارع العاصمة، وهو ما يعتبره صالح ملفاً شائكاً في جولة مفاوضات الجمعة، وقال صالح إنّ «قوات الدعم السريع ميليشيا قبلية تشكّل تهديداً على الدولة الديمقراطية والفترة الانتقالية كلها».
وندّد متظاهرون بأنّ قادة الاحتجاج قدّموا تنازلات كبيرة للمجلس العسكري في المفاوضات التي أسفرت عن توقيع «الإعلان السياسي»، الأربعاء. وأوضح صالح أنّ «(الحرية والتغيير) لا يمكنهم تقديم مزيد من التنازلات، وإذا مضوا في طريق التنازلات فسيفقدون الدعم الجماهيري»، وتابع: «إذا تمسك كل طرف بموقفه؛ أعتقد أن المفاوضات ستنهار».
وقال القيادي في «تحالف قوى الحرية والتغيير»، أحمد الربيع، مساء الخميس، إنّ «هناك اتجاهاً لتأجيل جلسة التفاوض مع المجلس العسكري بشأن الإعلان الدستوري، لإجراء مزيد من المشاورات بين قوى التحالف».
وسبق أن تأجلت جلسة المباحثات السابقة أكثر من مرة، بطلب من قوى الاحتجاج، للسبب ذاته.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».