«حزب الله» يرغم النائب نواف الموسوي على الاستقالة

خسر مقعده النيابي وبقي عضواً في الحزب

نواف الموسوي
نواف الموسوي
TT

«حزب الله» يرغم النائب نواف الموسوي على الاستقالة

نواف الموسوي
نواف الموسوي

استقال عضو كتلة «حزب الله» النيابية نواف الموسوي من مجلس النواب، أمس، من غير أن يستقيل من «حزب الله»، وذلك بعد سلسلة أحداث مثيرة للجدل تورط فيها منذ الشتاء الماضي، بدءاً من تجميد عمله، وصولاً إلى صراعه مع طليق ابنته، وهو أيضا عضو في الحزب، ونجل قيادي بارز فيه.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» إن الحزب هو الذي طلب من الموسوي الاستقالة من مقعده النيابي، علما بأنه بقي في موقعه الحزبي. وأشارت المصادر إلى أن الحزب يحاول احتواء الخلاف الداخلي بين اثنين من أعضائه.
وبينما لم تنقل قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» أي معلومات متعلقة باستقالة الموسوي، نقلت قناة «الجديد» التلفزيونية عنه قوله: «أردتُ أن أتحمل مسؤولياتي ولا أحمّل (حزب الله) أي تبعات، وأنا حاضر لكل ما يترتب عن هذه المسؤوليات».
ونواف الموسوي انتخب على لائحة الحزب في الجنوب منذ عام 2009، وواجه أحداثاً أثارت جدلاً منذ فبراير (شباط) الماضي، عندما خاض سجالاً مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري، إذ اعتبر أن الرئيس ميشال عون «وصل إلى قصر بعبدا ببندقية المقاومة... التي تشرّف كل لبنان، ولم يصل عبر الدبابة الإسرائيلية»، وهو ما استدعى اعتذاراً من رئيس الكتلة محمد رعد في اليوم التالي. وبعدها، صدر قرار بتجميد ممارسة الموسوي عمله البرلماني مؤقتاً، ومُنع من التحدث في مجلس النواب أو في أي مناسبات حزبية، وكذلك من حضور اجتماعات «كتلة الوفاء للمقاومة»، لفترة زمنية، وكان هذا أول قرار يتخذه «حزب الله» بحق نائب ينتمي إلى كتلته النيابية.
لكن «حزب الله» عاد عن قرار تجميد عضوية الموسوي في أبريل (نيسان) الماضي. وقبيل انعقاد جلسات الهيئة العامة لمجلس النواب هذا الأسبوع، ظهرت وثائق تثبت أن الموسوي اقتحم مخفراً للشرطة في منطقة الدامور في جنوب بيروت بسبب خلاف عائلي بين ابنته غدير وطليقها حسن المقداد، وهاجم مرافقو الموسوي طليق ابنته الذي كان عاكسها على الطريق السريع ليلاً، ما وضع حياتها في خطر.
وصهره السابق، المدعو حسن المقداد، هو نجل مدير مكتب الوكيل الشرعي للمرشد الإيراني علي خامنئي في لبنان محمد توفيق المقداد، الذي يعد أحد أبرز قياديي «حزب الله» في لبنان. وتسرب مقطع صوتي لاتصال هاتفي سجله حسن المقداد، يتبادل فيه الطرفان الشتائم. وشغلت الحادثة الأوساط الإعلامية في لبنان، لكن الحزب لم يبدِ أي موقف علني، ولم يصدر أي تصريح عن الحادثة، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة طلبت الموسوي للتحقيق، رغم أنه يتمتع بحصانة نيابية، وتلزم هذه الحصانة الأجهزة الأمنية بالحصول على موافقة على استدعائه من مجلس النواب.
وبدا من سياق الأحداث أن العلاقة بين الموسوي و«حزب الله» توترت في الآونة الأخيرة، من غير أن تظهر معلومات أكيدة عما إذا كان الحزب ضغط على الموسوي، المثير للجدل، للاستقالة، أو أن النائب اختار الاستقالة اعتراضا على غياب أي موقف للحزب بخصوص ملف ابنته، أو لعدم إحراج كتلته النيابية بملفات شخصية، وهي فرضيات بدأت تتردد بعد أنباء استقالته.
ولا تصبح استقالة الموسوي نافذة إلا بعد تسلمها خطية وتلاوتها من قبل رئيس البرلمان في جلسة علنية، حيث لا يحق لأحد رفضها، إلا إذا عدل النائب عنها قبل تلاوتها.
وعندما تصبح الاستقالة نافذة المفعول، يتم إبلاغ وزارة الداخلية بها، ويصار إلى إجراء انتخابات فرعية في قضاء صور (حيث انتخب الموسوي) وفقا للنظام الأكثري لا النسبي الذي أجريت الانتخابات على أساسه، على أن تتم الدعوة للانتخابات خلال شهرين على الأكثر.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.