شركة اتصالات سودانية تحمّل الحكومة مسؤولية خسائر قطع الإنترنت

TT

شركة اتصالات سودانية تحمّل الحكومة مسؤولية خسائر قطع الإنترنت

كشف العضو المنتدب بشركة «زين السودان» للاتصالات، الفاتح عروة، تفاصيل قطع خدمة الإنترنت عن السودان، ونفى مسؤولية شركته عن اتخاذ القرار، وأوضح أنها تعرضت لخسائر باهظة بسبب قطع الخدمة.
وقال عروة لـ«الشرق الأوسط» إن شركته قطعت خدمة الإنترنت تنفيذاً لقرار صادر عن «جهاز تنظيم الاتصالات والبريد»، باعتباره السلطة الحكومية المنظمة لقطاع الاتصالات في السودان، الصادر استناداً إلى أمر وتوجيه من المجلس العسكري الانتقالي.
وأوضح عروة أن «شركة زين» نفّذت القرار، وهي لا تستطيع قانوناً مخالفته، وفقاً لما يمليه قانون الاتصالات والبريد السوداني لسنة 2018 واتفاقية الترخيص.
وكشف أن القرار ألحق بشركة «زين السودان» خسائر فادحة، ترتبت على ما فاتها من إيرادات كان يمكن أن تغطي بها تكلفة تشغيل الشبكة، وتابع: «الشبكة ظلت مستمرة طوال فترة إيقاف الخدمة، وسعات الإنترنت مدفوعة بالعملات الحرة مقدماً، سواء استخدمت أم لا»، وأضاف: «رغم ذلك، فقد آثرت على نفسها ومواردها، وبدأت فعلياً في تعويض مشتركيها عن الباقات التي لم يتم استهلاكها»، واستطرد: «شركة زين هي من أكثر المتضررين من إيقاف الإنترنت لما لحق بها من خسارة».
وتعليقاً على الدعاوى القضائية ضد شركته، قال عروة إنها كانت «أمام القضاء المدني» بدلاً عن القضاء الإداري، وإن المحامين تجاهلوا «بذكاء القرار الإداري الصادر من جهاز الاتصالات والبريد»، وتابع: «الصحيح أن يتم الطعن فيه أمام القضاء الإداري، لكن (...) لأنهم يدركون أن هذا الطريق سيطول لتعقيد إجراءات مقاضاة الحكومة»، وأضاف: «الهدف الأساسي من مقاضاة الشركات هو كسب الوقت لسرعة إرجاع الخدمة، وهم يعلمون أن الشركات لم توقف الخدمة رغبة منها».
وقال عروة إن شركته بادرت بتعويض جميع مشتركيها عن باقات الإنترنت التي اشتركوا فيها ودفعوا ثمنها ولم يستخدموها، على الرغم من أن المحكمة لم تصدر قراراً بتعويض المشتركين، وتابع: «رغم قناعتنا التامة بأن جبر الأضرار التي لحقت بالمشتركين، يجب أن تكون من الجهات التي أصدرت قرار إيقاف الإنترنت»، وتابع: «هذه القناعة يعضدها الطلب الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية لضمّها في هذه الدعاوى، باعتبارها المسؤولة الأولى عن إيقاف الإنترنت».
وأصدرت قاضية محكمة الخرطوم الجزئية، عواطف عبد الله، أمراً قضائياً مطلع يوليو (تموز) الحالي، ألزمت بموجبه شركات الاتصالات بإعادة خدمة الإنترنت إلى حين الفصل في الدعوى المرفوعة من قبل الجمعية السودانية لحماية المستهلك، إثر دعوى تقدمت بها الجمعية.
وتراجع المجلس العسكري الانتقالي السودان عن طلبه من القضاء بإيقاف خدمة الإنترنت مجدداً، بعد أن ألزمت محكمة شركات الاتصالات بإعادة الخدمة، التي قُطعت بأمر منه منذ 3 يونيو (حزيران) الماضي، في أعقاب فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم، حيث سقط خلاله أكثر من 100 قتيل، ومئات الجرحى والمفقودين. وقالت هيئة الادعاء إنها تعتزم رفع دعاوى ضد شركات الاتصالات، لتعويض المتضررين عن انقطاع خدمة الإنترنت، وربما تطال الدعاوى وزير العدل إذا ثبت تكليفه بإصدار القرار، وهو ما تحاول شركات الاتصالات تحميل مسؤوليته للجهة التي أمرت بقطع الخدمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.